علي مسلم
الحوار المتمدن-العدد: 4944 - 2015 / 10 / 3 - 11:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الواضح تماماً أن تركيا بدأت تفقد آخر اوراقها السياسية في الشمال السوري على الاقل فيما يتعلق بالمنطقة الامنة وحيثياتها والتي طالما حلمت بإقامتها خصوصاً بعد توجه الدب الروسي بأساطيله نحو الغابة السورية والتعويم في مياه المتوسط الدافئة ، وقد كان واضحاً أن الروس لم يكن ليتوانوا حتى في أحلك الظروف في التخلي عن شواطئ المتوسط في سوريا مهما كلفهم ذلك من ثمن بعد ان فقدوا ما لهم من نفوذ في مصر وليبيا واليمن إبان ثورات الربيع العربي .
وقد تزامن ذلك مع انكماش واضح في الموقف التركي الرسمي حيال الوضع في سوريا بعد صراع دبلوماسي مع مراكز القرار السياسي في امريكا كرد فعل على الامتناع التركي المبطن في محاربة داعش وامتناعها عن فتح اجوائها الجوية أمام طيران التحالف في صورة تعيد الى الاذهان امتناع تركيا – اردوغان في فتح اجوائها البرية أمام القوات الامريكية عام 2003 لدخول العراق من شماله وتحريره من نظام صدام حسين وتبجحها في فرض منطقها السياسي على الواقع السوري عبر أحصنة حزب الاخوان المسلمين التي فقدت بريقها في مضمار السباق نحو السلطة على حساب حرية السوريين .
بيد ان الطرف الروسي لم ولن يكون في وارد الدفاع عن حرية السوريين سوى أنهم جاءوا للحفاظ عن مصالحهم الحيوية التي طالما كانت مهددة خلال سنوات الثورة في سوريا والذي سيكون بقاء الاسد الشكلي ولو على جزء بسيط من سوريا (سوريا المفيدة حسب تعبير الاسد ) ضماناً للحفاظ عليها ، ومن المعتقد حسب سير الاحداث وتسلسلها أن الدخول الروسي المفاجئ بهذه القوة لم يكن ليتم الا عبر تفاهم حتمي مع الولايات المتحدة الامريكية الطرف الاقوى في المعادلة السورية وقد يكون ذلك مقدمة لتفاهم دولي واقليمي شامل لفرض شكل من الانتداب المشترك على سوريا بعد عجز كل المحاولات الدولية والاقليمية لتحقيق الاستقرار في سوريا ، فكل الوقائع تشير الى أن الساحل السوري وامتداداته باتجاه دمشق وصولاً الى الحدود اللبنانية بما فيها الجزء الغربي من حمص وأجزاء من حماة وادلب ستكون خاضعة للنفوذ الروسي الى جانب خضوع الشمال والشمال الشرقي من سوريا للنفوذ الامريكي وذلك بالتعاون مع المكونات المحلية ويتم محاصرة تنظيم الدولة في وسط سوريا السنية كمرحلة أولى ليصار الى طرده لاحقاً وذلك بجهود مشتركة بعد فرض حالة من الاستقرار الممكن ضمن مناطق النفوذ المفترضة .
وقد جاءت العمليات الجوية الروسية في عمق المناطق السورية غير الخاضعة للنظام في ادلب وحمص وأطراف حماة خلال الايام القليلة الفائتة لتؤكد بطريقة لا تحتمل الشك أن روسيا لم تكن جادة أو صادقة في التزامها بالعملية السياسية، وأنها لم تكن يوماً وسيطاً نزيهاً وإنما طرفاً من أطراف الصراع وحليفاً أساسياً للنظام .
من جهة اخرى عكست تصريحات الإدارة الأميركية أمس حذرها في التعاطي مع الضربات الروسية، بانتقادها استهداف معظم هذه الضربات للمعارضة وليس «داعش» من جهة، وتأكيدها من جهة أخرى أن خياراتها محدودة ولن تتحرك عسكريا لمواجهة موسكو.
#علي_مسلم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟