أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايده بدر - الصرخة / قصة قصيرة














المزيد.....

الصرخة / قصة قصيرة


عايده بدر
باحثة أكاديمية وكاتبة شاعرة وقاصة

(Ayda Badr)


الحوار المتمدن-العدد: 4943 - 2015 / 10 / 2 - 08:52
المحور: الادب والفن
    


الصرخة


تتلفت حولها في ذعر ، أصوات لهاثها تشق السماء و تخبر أهلها أن هناك من تختبىء بين تلك الأشجار ، وضعت يديها فوق فمها لتسكت أنفاسها لكن يدا أخرى كانت أسبق منها
انتفضت في صرخة مكتومة أغلقت حلقها و استدارت لترى من عساه يكون بعد أن لمحت إشارة من يده أن تصمت ، عيناه تظهران من خلف قناع أحكمه بشدة حول رأسه لكن الظلام لا يدع لها فرصة رؤيتهما ، أشار لها لتمضي معه و اقتادتها خطواتها المتعثرة إلى طريق لا تعرف لأين سيودي بها و الخطوة الآن بلا تراجع فالجميع خلفها يبحثون وهذا الغريب أمامها يقتادها إلى مصير أشد ظلاما مما حولها
تسير بهدوء و حذر تدرك أنها تبتعد مسافات عنهم و تقترب بنفس القياس من هذا الغريب ، يمسك ذراعها بيده و بطنها الصغير المتكور أمامها يجعل خطواتها البطيئة ذات حمل و ثقل عليها و ضيق و أف لمن تتبعه ، يده الأخرى تزيح عن عتمة الطريق أغصان متشابكة خشنة الملامح يابسة الثمار كأنها لا ترضخ لمن يريد قطافها
تسمع زمجرات صوته تأتيها من بعيد كأنه من عالم آخر يحثها على المضي فالطريق لا يزال طويلا لكن صوتا آخر يقتنص أذنيها بصورة متكررة :
تعالي تعالي إلى أين تذهبين ؟ تحاول الهرب ، الصراخ ، الاستنجاد لكن يده تحيطها ، تخرس صوتها و تشل حركة ما تبقى من جسدها … تصرخ ، فينتبه الغريب و ينظر لها شزرا ، كأنه يقول اصمتي فهذه الصرخة ستكلفنا الكثير ، تنظر إليه لم تكن تصرخ له ، كانت تصرخ ضد الصوت الذي يملأ ذاكرتها و ضد اليد التي قيدتها في حركات متتالية لتصبح فريسة لا تملك غير الصراخ لكن جدران المكان الذي احتواها حينها على غير العادة أغلقت أذنيها فلم تعد تسمع صرخاتها المتتالية و لم ترى مجرى الأحمر بين ساقيها
حاولت المضي معه أسرع و عقلها يفكر لأين ستذهب مع من لا تعرفه و يجيبها عقلها و هل عرفتِ من ألبسك ثوب العار هذا ، من أطفأ أمل أبويكِ فيكِ و انتظار حصاد السنين يوم تكللين التعب بنجاحك، العار هي الكلمة الوحيدة التي لم تعد تسمع غيرها منذاك و ما عادت تملك غير وجه شاحب حزين و صمت يقابل نظرات التساؤل في عيني أبويها عمن يكون ؟ و كيف حدث ؟ و هي لا تملك من حروف الإجابة حرفا وحدا
انطلقت حين وجدت فرصة لخلو البيت أو هكذا ظنت لم تكن تعرف أن أهل البلدة يتبعونها الآن طلبا لها لغسل شواهد العار و محوه ، ضحكت و هي تتذكر من هؤلاء الذين خرجوا مطالبين بالشرف ؟ هؤلاء من كان يراودونها جيئة و ذهابا ؟و يد كل منهم كنت تمتد بالسوء نحوها لولا أنها كانت تردعهم حينا و ينقذها القدر حينا آخر ، أيكون هذ الماجن العاطل عن العمل باحثا عن الشرف و هو من يغوي من حوله من النساء ؟ أو ذلك اللص الذي لا يجد غضاضة أن يسرق ما يستطيع الوصول إليه ؟ أو أو جميعهم صبحوا باحثين عن الشرف
صمتت ضحكتها بعد أن غيرت الدموع مجراها لتهبط عند زاوية فمها فبدأت تمسح ما تبقى في عينيها و على وجهها و انطلق صوتها أخيرا في محاولة أن تفك ذراعها من يده المطبقة عليها .. من أنتَ ؟ و لأين تأخذني ؟ دعني لن استمر أكثر و أنا لا أعرفك ؟ ماذا تريد مني؟ ألا ترأف بحالي هذا ، بدأت الكلمات تقع من فمها و هو لا يتوقف و يستمر في المضي يجذبها بعنف أكثر فتتوقف عن المشي و تصرخ كفى ابتعد
يستدير نحوها و عيناه مليئتان بالشرر ، الآن والضوء الخافت للقمر تستطيع أن تميز عينيه ، يجذبها نحوه بعنف فتتسع عيناها و تدب فيهما برقة حياة بعد موت ، تتحشرج الكلمات في فمها و يفرض صوته نفسه على أذنيها : اصرخي ، اصرخي أكثر طالما شجاني صوت صراخك هذا و زاد من متعتي … تصمت للأبد حين تدرك صوته و وحشية عينيه

عايده بدر
1-9-2014



#عايده_بدر (هاشتاغ)       Ayda_Badr#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يفعل في مرآتي؟
- العابر
- ابنة قلب الغريب
- شاعر / عايده بدر
- موعد / عايده بدر
- للحرب أبجدية أحبك ....
- المتباكون على اليمن
- كل ما لم أقله من كلام
- إلى فتاة إيزيدية
- حرروهن أولا - يوم المرأة العالمي
- إبنة النار ... يا أنتِ
- و تشرق الشمس / فروغ فرخزاد / ترجمة عايده بدر
- إبنة النار ...
- ثرثرات
- في مزاد الخراب
- أظنك تقصدني
- ما أقذركم و ما أقذر أفعالكم
- حبيبي
- كوباني ... قناع آخر يسقط
- في العيد


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايده بدر - الصرخة / قصة قصيرة