|
- ويل لامة تكتب اكثر مما تقراء ...! -
شاهين احمد
الحوار المتمدن-العدد: 4940 - 2015 / 9 / 29 - 12:28
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
قبل كل شيء اود ان أوضح بانني لست هنا بصدد النهي عن الكتابة والنشر، ولكنها دعوة صادقة للحث على فضيلة القراءة ...! قد يعتقد الكثيرون ان قراءة مقتطفات هنا وهنالك على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة تغني عن المطالعة المركزة واخذ الأفكار من مصدرها الأصلي ، وذلك طبعا ضرب من الجهل الذي من ويلاته نعاني وفيه ومنه وعليه نعيش ، فالثقافة المستخلصة من مقتطفات وعبارات من الكتب ، تشبه الى حد كبير الكعكة المصنوعة من بقايا وكسرات الخبز بدلا من صناعتها من الطحين ، والمصيبة هي ان تكون قطع الخبز تلك عفنة ...! حيث كثيرا ما اجد احدهم وقد اقتطع جملة من كتاب ونشرها على غير ما كان يقصد الكاتب ، تماما كما هو الحال في المثل المشهور ( ويل للمصلين ...!!! ) والذي ابدع الشاعر الكبير أبو نواس في استغلالها في قصيدته الشهيرة شر ابداع ! واحيانا اجد فيها تحريفا صغيرا او كبيرا او تنسيبها الى كاتب اخر دون صاحبها الأصلي . الكتابة في كل الأحوال يجب ان تكون ناتجا لتراكم القراءة والبحث والتجارب ، اما دون ذلك فستكون بكل تأكيد كتابة غير مجدية في احسن الأحوال لاتسمن ولا تغني عن جوع ، فالكتابة قبل الاطلاع والبحث هي مثل ( وضع العربة قبل الحصان )كما في يقول المثل الإنكليزي الشهير ...! سمعت ذات مرة من احد الأصدقاء سؤالا يدعوا الى المزيد من التفكير والتريث قبل الكتابة ( وقد تكون هذه الاسطر التي سطرتها هنا مشمولة أيضا بنقده البديع أيضا ) حيث قال :- "مكتبة الكونغريس وحدها تحوي 10 ملايين كتاب ، فيا ترى لو فرزنا منها ما ينفع البشرية فقط ، كم كتابا سيبقى ..؟!؟!؟!؟!؟ ".( معلوم بان العدد قد تضاعف الان ولكن هذا السؤال يعود الى ما قبل اكثر من عشرة أعوام ) ، ولكنها في كل الأحوال هي كتب مطبوعة ومنشورة ومنقحة وتعتمد الغالبية العظمى منها على مصادر وابحاث ، فاذا ما كانت هذه الكتب محل شك في جدواها ، فماذا عن كل هذا الهراء المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعية والمنتديات ؟!؟؟ والكارثة هي ان كثيرون يعتمدون عليها كمصدر للمعلومات واعتبارها حقائق ثابتة من بعد ذلك ...!!!؟ هذا كله فضلا عن التكرار والتحوير والسرقة الأدبية التي تجري على قدم وساق ، مما ينذر بضياع الحقائق قبل الحقوق الفكرية والأدبية لأصحابها . هذه المخاوف كلها لا تشمل الدول المتقدمة اطلاقا ، حيث لا تزال الحكومة تحث الشعب على المطالعة وتهيء لهم كل الظروف المناسبة لذلك ، بل ان اول ما يتعلمه الطفل في المدرسة في هذه الدول هو حب المطالعة وقيمة الكتب ، ولذلك فان مكتبات " Barnes & Noble " المنتشرة في كل مدن الولايات المتحدة الامريكية مثلا ، تعنبر واحدة من انجح المشاريع التجارية الاهلية ، على الرغم من وجود مكتبات عامة حكومية .!!! ونادرا ما تجد هنالك شخص جالس في حديقة او مقهى لوحده لا يقرأ ، في حين ان ذلك منظر الجالس لوحده مع الكتاب هو الغريب عندنا ومدعوا للسخرية عند الكثيرين ..!؟؟!؟ وقد ابتدع البريطانيون طريقة جديدة لمشاركة الكتب مع الاخرين وتعميم الفائدة منها وحثهم على المطالعة بدلا من امتلاكها وحبسها في مدرجات المكتبة المنزلية للزينة والتباهي فقط وتركها تعاني من تراكم طبقات الغبار ، حيث يقوم احدهم بشراء كتاب وحينما ينتهي من قراءته يضعه في مكان مخصص في محطة القطار لكي يأخذ أي من يريد الاطلاع عليه ويضعه في المكان المخصص للكتب في المحطة التالية ، وهكذا .! ان السلبيات التي نجنيها من الكتابة الرديئة متعددة ومتشعبة ولعل اكثر هذه التأثيرات وضوحا هو انتشار الأخطاء اللغوية (الاملائية منها على وجه الخصوص ) ولو بقي الامر على هذا النحو فستصبح الأخطاء الشائعة اكثر من الكلمات الصحيحة عند الأجيال اللاحقة . ان مسؤولية نشر الوعي الثقافي وحب المطالعة والكتب واجب مقدس على عاتقنا جميعا تجاه الجيل القادم ، اقصد هنا بناء علاقة صداقة وطيدة بين الأطفال والكتب ، وحثهم على القراءة والابتعاد عن العالم الوهمي المجسم من على شاشات الأجهزة الالكترونية التي تدعوا الى المزيد من الخيال على حساب الاحاسيس والمشاعر ، المزيد من الانعزال والانانية على بقايا جسد الإنسانية .! كنا لا نزال بخير حينما كان الكتاب من بين افضل خيارات الاهداء ! اما اليوم فلو اهديت احدهم كتابا فانك على الأرجح ستفقد ذلك الصديق ابدا . ولعل اغرب ما في الموضوع هو ان مجتمعاتنا " المسلمة " او بالأحرى التي تدعي ذلك ، هي الأقل حرصا على القراءة مع ان اول كلمة من كلمات الذكر الحكيم كانت " اقراء " وهو اول امر سماوي نزل على هذه الامة ، والتي طالما افتخرت مدعية بانها امة " اقراء " ... واليوم اجد بان هذه الامة قد تحولت الى امة " اكتب ... اكتب حتى دون ان تكلف نفسك عناء القراءة !.؟ " بفضل الشبكة العنكبوتية التي دخلت خيوطها كل بيوت العالم ، حيث بات عدد الكتاب اكثر من عدد القراء ، واصبح من يمتهن الكتابة اول همومه هو البحث عن قراء لكتاباته ...! " ويل لامة تكتب اكثر مما تقرأ " واذا ما بقي الامر على هذا الحال عندنا ، فالويلات ستلازمنا ابدا حتى نعود الى ملازمة الكتاب .!
#شاهين_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|