أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - كان غريباً وغامضاً














المزيد.....

كان غريباً وغامضاً


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4940 - 2015 / 9 / 29 - 11:28
المحور: الادب والفن
    


ربما هوَ الخريف، من دعا الشيخَ إلى جولةٍ عبرَ مسالكه، المزركشة بشتى الألوان.
حاول ألا يبتعد كثيراً عن القرية، الما فتأت غريبة عليه بحكم حداثة إقامته فيها. إلا أن القرية، في المقابل، لم تكن تعتبره غريباً تماماً؛ هذا الرجل، الصبوح الملامح، الصبور الجَلِد على تحوّلات الكهولة. الأهالي، كانوا قد وافقوا على تعيينه كإمام لمسجد قريتهم الصغير باقتراحٍ من أحدهم، المرتبط معه بعلاقة مصاهرة. لندَع شيخنا مستمتعاً بجولته، ولنرَ من هذا القادم من جهة الدرب الأخرى.
إنه رجل دين، أيضاً. بيْدَ أنّ مسوحَ الكهانة، المجللة بها هيئته الرزينة، قد تجعله مُحرجاً نوعاً أثناء لقاء زميل المهنة. الشمس، المنهمرة بنورٍ رهيف، كانت الآن خلفَ الكاهن وكما لو أنها تشدّ أزره. وقفا أخيراً، وجهاً لوجه؛ إذا جازَ التعبير. ولأنّ القس أكثر شباباً، فإنه كان المبادر للتحية: " مرحباً، يا أخي..! ". انتظر كي يرد الآخر على التحية، ثم استطرد بصوته الناعم " أرجو أن تكون لطيفةً، جولتك؟ ". الشيخ، وكان مندهشاً بعدُ من هذا اللقاء الغريب، أجابَ مُخاطبَهُ بعبارة مجاملة مماثلة. ولكن، من هوَ ذاك الرجل، المقترب بدَوره من المكان، فجعل كلاهما ينظران باتجاهه..؟
" عمتم صباحاً، صديقيّ الطيبين! "، خاطبهما الرجل بنبرة ودودة. كان شخصاً غامضَ الملامح، غريبَ النبرة، حتى أنه من الصعب تقدير سنّه أو جنسه. نوع التحية، من ناحية ثانية، لم تعجب شيخنا: " أهوَ غير مسلم أيضاً، أم أنه قالها مجاملةً لهذا الخوري؟ "، فكّر في نفسه ببعض الامتعاض. وكأنما المعنيّ قرأ ما جالَ في خاطر الشيخ، فقال وكما لو أنه يُجيبه " إننا نتكلم لغة واحدة، لحُسن الحَظ..! ". ثم أعقبَ موجهاً كلامه للكاهن: " وبحَسَب عقيدتكم، إذا لم أكن مخطئاً، فإن المسيحَ تحدث ذات مرة في سوق يعجّ بأناس يتكلمون عدة لغات، ففهموا جميعاً ما قاله ". وافقه المخاطَبُ بهزة من رأسه، فيما كانت عيناه تنظران من جانب إلى الشيخ. هذا الأخير، بدا عندئذٍ كالمتململ، المتهيئ للمضيّ في سبيله. إلا أنّ الرجل الغريب، الغامض الملامح، ما لبث أن عاد ليتكلم مع الشيخ: " أعتقدُ، بأنك تعتقد بأنني رجلٌ ضلَّ طريقه..؟ ". وقبلَ أن يتهيأ للآخر التفكيرَ بكلامه، أضافَ الغريبُ " غير أنني أجزم، بأنك من ضيّع الطريقَ ". المفردة الأخيرة، شغلت على الأرجح بالَ شيخنا. فإنه كان يُدرك، ولا شك، بأن كلمة " الطريق " تعني الدربَ الدنيويّ والدربَ الربانيّ. هنا، بدا الآخر مرة أخرى كقارئ لأفكار الغير: " أصحابُ الطرق الصوفية، على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، هم أكثر من ينصفني من معشر المؤمنين "، قالها الغريبُ دون أن ينظر لأحد منهما. الرعشة، دبّت أولاً في بدن الشيخ ثم ما عتمت أن انتقلت إلى أوصال زميله الكاهن؛ الذي كان، مع ذلك، الأسرع في مساءلة سرّه: " أهذا كله يبشر بخير؟.. ". الشيخ، من ناحيته، راح يتلعثم بالتعاويذ. بقيَ الشخصُ الغريبُ صامتاً هنيهة أخرى. أخيراً، توجّه إلى رجليّ الدين مخاطباً إياهما بلهجة أخوية تتبطن السخرية: " لقد أضعتما الطريقَ الصحيحَ، كلاكما. فإن هذا الطريقَ كان من الممكن أن يدخلكما في متاهة تلك الغابة، المليئة بالوحوش..! ". كلا الرجلين، تابعَ يَدَ الشخصِ الغريب المشيرة إلى جهةٍ ما، غير مرئية.
" ولكننا لا نرى هذه الغابة..؟ "
" لن ترياها الآن!.. على كل منكما أن يعرفَ أولاً طريقه، قبل أن يبحثَ عن أية غابة ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجنون الجنائن
- مجنون المخيم
- مجنون المال
- النملة الحمراء
- فريسة سائغة
- خطوط حمراء وساحة حمراء
- مجنون الأرقام
- مجنون المقام
- مجنونة المدينة
- مجنونة الملجأ
- مجنونة الندم
- الببغاء
- مجنونة المهربين
- مجنونة المقبرة
- بشاركو ونتنياهو
- وصفُ أصيلة 4
- شاعر شاب من القرن 15 ق. م
- أفق نحاسيّ
- وصفُ أصيلة 3
- الهرم


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - كان غريباً وغامضاً