أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - أخطأ موسى، فالعراق هو شبكة أمان العرب!















المزيد.....


أخطأ موسى، فالعراق هو شبكة أمان العرب!


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1356 - 2005 / 10 / 23 - 10:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

وأخيراً زار عمرو موسى العراق محاولاً عقد مؤتمر للمصالحة بين العراقيين. وكان اللافت في زيارة موسى حقيقتين كررهما موسى في لقاءاته مع المسؤولين العراقيين. الأولى، أن العرب يمثلون شبكة أمان للعراق. والثانية، أنه يدين الأعمال الارهابية في العراق، وهي المرة الأولى التي تعترف بها الجامعة العربية بأن ما يجري في العراق هو ارهاب دموي، بعد أن حُفيت ألسنتنا منذ أكثر من عامين، ونحن نقول هذا الكلام، ولا من مُصغٍ، ولا من مجيب.

ما هو المهم في تصريحات موسى، قوله هو أن العرب شبكة أمان للعراق، في سبيل تسويق مبادرة عربية، جاءت متأخرة كثيراً الآن بخصوص الحالة العراقية. وكان على عمرو موسى، لو كان لديه رؤى واسعة وعميقة وحرة، أن يقول أن العراق أصبح شبكة أمان للعرب وليس العكس. والعرب كما هو معروف يصلون دائماً متأخرين عن المواعيد الملزمة، وتفوتهم القطارات.. قطارات السلام وقطارات التنمية وقطارات الاصلاح.. الخ. ولنا من الحالة الفلسطينية والحالة العراقية أكبر مثال على ذلك. ولنا من السكوت على المناهج الدينية الظلامية الدليل الآخر. ولنا من اهمال قضيتي البطالة والأمية الدليل الثالث. والأدلة لا تنتهي .

-2-

يخيل إليَّ أن عمرو موسى يعيش في زمن مختلف عن الزمن العربي الحاضر، وفي وطن مختلف عن الوطن العربي الحالي. وإلا فعن أية شبكة أمان عربية يتحدث عمرو موسى؟

وأين هي شبكة الأمان العربية التي يمكن أن تغطي العراقيين، وهي – إن وجدت - شبكة مهترئة ومتآكلة ، لم تستطع تغطية أحد لا في الماضي و لا في الحاضر؟

ألم ينظر موسى إلى أقفية العرب العارية القبيحة في فلسطين والجزائر وليبيا ولبنان وسوريا والسودان والعراق وغيرها من باقي البلدان العربية؟

فلماذا لم تغطِ هذه الأقفية شبكة الأمان العربية تلك؟

ألم يعي عمرو موسى ما يفعله العرب بأنفسهم الآن، وبالآخرين من جرائم بشعة، ومؤامرات خبيثة، وخطط اجرامية ، ومخططات كيدية وانتقامية؟

-3-

أين شبكة الأمان العربي التي يتحدث عنها موسى، عشية صدور تقرير المحقق الأممي ميليس الذي لم يأت بجديد عما اعتقده الناس قبل ثمانية أشهر بعد مقتل الحريري مباشرة . وكل ما جاء به ميليس هو كتابة ودمغ ما قالوه الناس وقالته الصحافة العربية الحرة (انظر ما قالته جريدة "السياسة" في عددها 13024 في 19/2/2005، حيث ذكرت الأسماء نفسها المتورطة في مقتل الحريري التي ذكرها تقرير ميليس الآن، وبعد ثمانية أشهر) واعطائه الصفة القانونية الأممية، لكي يُحاسَب المجرمون على جريمتهم، حيث لا جهة على الاطلاق في العالم العربي تتجرأ وتقدر على محاسبتهم.

فأين شبكة الأمان العربية التي يَعدُ بها عمرو موسى العراقيين الذي لاقوا من العرب من الجحود أكبره، ومن التعامي أنكره، ومن الحقد أخطره؟

-4-

من هم العرب الذي يشكلون شبكة أمان للعراق، والعرب – في معظمهم – غارقون في الدماء، وقتل الأبرياء، واغتيال الرؤساء، دون خوف أو وجل، إلى أن جاء الفرج بتحرير العراق، ووضع العالم العربي تحت أضراس فك مجلس الأمن الدولي، ليعاقب المجرمين، وينصب ميزان العدالة العربية الذي ظل مكسوراً ومفقوداً منذ الاستقلال العربي قبل نصف قرن ويزيد؟

هل ضمن العرب لأنفسهم الأمن والأمان، لكي يعطوا قسماً منه للعراق الذي لم يعد بحاجة للعرب بعد أن جاهد بنفسه ولنفسه خلال السنتين الماضيتين وفي هذه السنة كذلك، لكي يحق استقراره السياسي ويبني مستقبله الديمقراطي، دون مساعدة العرب، ودون شبكتهم الأمنية المزعومة، وحيث أن فاقد الشيء لا يعطيه؟

-5-

إن سر النجاح الذي حققه العراق حتى الآن، رغم كل السلبيات والتضحيات، كان يمكن أن يحقق أضعافه لو أن العرب كفوا ايديهم عن العراق، ولو أن العرق لم يكن عربياً.

تصوروا حال العراق الآن، لو لم تشجع بعض دول الجوار العراقي بتدفق الارهابيين الأصوليين الدينيين والقوميين إلى العراق؟

تصوروا حال العراق الآن، لو لم تدعم بعض دول الجوار العراقي الارهابيين بالمال والسلاح والتدريب، وكل الامكانات اللوجستية؟

تصوروا حال العراق الآن، لو تُرك العراق لشأنه، دون هذا القتل اليومي والتدمير اليومي للبنية التحتية العراقية؟

تصوروا حال العراق الآن، لو اتيح له في ظروف ارتفاع أسعار البترول الآن أن ينتج أقصى ما يستطيع من النفط، لكي يعوض سنوات الخيبة والقهر والفساد؟

ماذا كان حال العراق الآن، لو كان موقع العراق في أوروبا الشرقية، أو في أواسط افريقيا، أو في أمريكا اللاتينية، بعيداً عن العرب، وكان فيه ديكتاتور كصدام، وتم اسقاطه كما حصل فجر التاسع من نيسان 2003، وسارت الأمور بعد ذلك كما يحب ويشتهي الشعب العراقي؟

-6-

إن العراق الآن هو شبكة أمان العرب، وليس العرب هم شبكة أمان العراق!

فلولا العراق الجديد الآن، لما تم وضع العالم العربي المنفلت من عقاله، تحت أضراس فك مجلس الأمن الدولي، ولما تم تدخل مجلس الأمن والأمم المتحدة في جريمة مقتل الحريري التي ستؤدي إلى انهيارات سياسية كثيرة في العالم العربي على المدى القريب والبعيد. فقد قُتل قبل الحريري رئيسا جمهورية (رينيه معوض، وبشير الجميل) وقُتل قبل الحريري رئيسا وزراء (رياض الصلح ورشيد كرامي) وقُتلت عشرات الشخصيات العامة من زعماء سياسيين وصحافيين وشيوخ دين ومثقفين وفلاسفة.. الخ. ولم يستطع أحد، بل لم يجرؤ أحد على التحقيق في مقتل كل هؤلاء.

وقبل العراق الجديد، كانت الجريمة السياسية في العالم العربي حدثاً يومياً عادياً، وكان لبنان الضعيف والقاصر هو المسرح الرئيسي لمعظم هذه الجرائم، نتيجة لخوفه وصغره ورقته أيضاً. ونتيجة لكونه مرتهناً لقوة بوليسية عظمى في المنطقة، كانت تدعي "العظمة السياسية الاقليمية" من خلال البطش البوليسي، وكونها دولة أمنية وليست دولة سياسية. فمتى تعاملت هذه الدولة مع خصومها بغير كاتم الصوت والتفجيرات التي ما زالت تترد صداها حتى الأمس القريب؟

-7-

نعم، لقد أصبح العراق شبكة أمان للعرب، لأنه أصبح شاشة الرادار العربية الحساسة والدقيقة التي تظهر عليها كل مؤامرات العرب، وخيانات العرب، وخيبات العرب، وخطط العرب الجهنمية، وفصائل العرب الارهابية، وخطابات العرب الإعلامية الظلامية، وفتاوى شيوخ العرب الارهابيين الدينيين المحللة لسفك دماء الأبرياء.

وكل ما أصاب العرب من خيرات وبركات بعد التاسع من نيسان 2003 من اجراء الانتخابات التشريعية والبلدية التي كانت معطلة، واعطاء المرأة حقوقها السياسية التي كان مرفوضة منذ سنين طويلة، وبدء عمليات الاصلاح السياسي الذي كان من المحرمات، وظهور حركات المعارضة في الشوارع العربية بكل وضوح وصراحة التي كانت من المنكرات، ومن اكتشافات للمجرمين الذين يمارسون الاغتيال السياسي التي كانت من الغيبيات، ومبادرات المصالحة بين الشعوب وبين الارهابيين التي كانت من المستحيلات، ومحاكمة الحكام الديكتاتوريين التي كانت من الخرافات، واتساع هوامش الحرية في الإعلام العربي التي كانت من التخيلات.. كل هذه الشبكة من الأمان التي يتمتع بها العرب، لم تكن قبل التاسع من نيسان 2003، وكان سببها قيام العراق الجديد.

ولكن العرب ينكرون ولا يعترفون، ويجهلون ولا يعلمون، ويكذبون ولا يصدقون، ويراوغون ولا يواجهون، ويعلكون ولا يهضمون، حتى أصبحوا علكة قذرة في فم العالم الآن.

[email protected]



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واجبنا تجاه اعلان المعارضة السورية
- اليوم يرسم العراقيون مستقبلهم
- ماذا لو قال العراقيون -لا- للدستور؟
- ورغم هذا، فالعراق بألف خير !
- ميلاد شعب عظيم
- عار المثقفين العرب في العراق
- هل الإرهاب ضرورة تاريخية للتغيير؟
- القرار 1626انتصار لبيان الليبراليين
- كيف سيَمْكُرُ تاريخُ العربِ بنابليون الأمريكي؟
- خُرافة علاقة الإرهاب بالتعليم الديني!
- هل ستصبح الفيدرالية العراقية نموذجاً عربياً يُحتذى؟
- تهافت المعارضة الدينية الأردنية
- النوابُ اليومَ والشعبُ غداً
- السُنَّة والفيدرالية والدستور العراقي
- مكاييل الأردنيين شارعاً وإعلاماً
- عندما يرفضُ الملكُ مصافحةَ رعاياه!
- ما هو مستقبل الهاشميين في الأردن؟
- هل سيصبح الأردن النموذج الديمقراطي العربي؟
- ثقوب في -الشورت- الديمقراطي الأردني
- لماذا لم يُفتِ أحد بقتل ابن لادن حتى الآن؟


المزيد.....




- هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل ...
- في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو- ...
- الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م ...
- البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
- الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
- السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز ...
- دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
- ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد ...
- تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
- مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - أخطأ موسى، فالعراق هو شبكة أمان العرب!