المرض النفسي (1_2)

امير عبد عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4939 - 2015 / 9 / 28 - 14:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

في البدء أود أن انبه على نقطة بالغة الأهمية والأيضاح تخص موضوع (المرض النفسي) فكثيرا مايخلط الكثيرون ويفسرون (المرض النفسي) بانه يعني( الندرة )او( الغرابة )او قل (السلوك الغير طبيعي) .في الحقيقة كل تفاسير هؤلاء هي بالأساس سطحية وتنم على انهم غير متخصصين ومضطلعين في مجال علم النفس .فلو أخذنا مثالاعن (الندرة) فنجدها أساسا ليست مرضا في حد ذاته فما أندر العباقرة والفلاسفة والاصدقاء وماأندر آكلة لحوم البشر. وما ندرة وغرابة السلوك بالاساس هي شئ نسبي يقاس باعتبارات ومفاهيم الثقافة المحلية .
اما اذا فسرنا المرض على أنه يعني الشذوذ او الغرابة فأننا سنصاب بالدهشة من شذاذ العادات عند بعض العباقرة وعظماء المصلحين. مثلا (الزهاوي) الشاعر العراقي المعروف كانت لديه عادة (عدم الاستحمام )مماأرق زوجته وكانت تلاقي صعوبة بالغة عندما ياتي وقت استحمامه فتاتي له بكثير من الحيل والخدع من اجل ان يستحم . أما فولتير، الفيلسوف الفرنسي، الذي كان لا يبدأ الكتابة إلا إذا وضع أمامه 12 قلم رصاص، وإذا انتهى من الكتابه كسر الأقلام، ووضعها تحت وسادته، إذا اراد ان ينام. ونيتشيه كان منطوياً على نفسه، ولا يتكلم إلا مع حصانه، وعاش آخر 12 سنة، من عمره، في مستشفى المجانين. وبالتالي نجد هؤلاء عباقرة افذاذ لايشق لهم غبار, خدموا البشرية بأجمعها وظلوا خالدين ليومنا هذا فغرابتهم وشذوذهم لم يمنعهم من ان يسطروا أسمائهم كأعظم عباقرة على وجه المعمورة.
اما اذا أعتبرنا بان السلوك الغير طبيعي بانه معيار( للمرض النفسي )فاننا سنقع في مطبات كثيرة لأن لكل مجتمع ثقافة وعادات ومقاييس معينة خاصة به فمثلا نجد من صفات المرأة المتحضرة هي( الرقة والاناقة والدلال) ,اما المراة من قبائل آكلة اللحوم مثلا فنجد القوة والبطش القسوة علامتها المفضلة .
كذلك نجد معيار الرجولة في مجتمعنا القوة والصرامة ومسك الرجل بزمام الأمور بينما نجد مجتمعات بدائية تعتبر الرجل تابعا للمراة والحل والعقد بيدها فنراه يقبع في البيت ويربي الاطفال ويطيع زوجته تماما كما هو دور المرأة هنا في مجتمعنا ,يعني (مسويته محبس بايدها).
اذا نستنتج من هذا الشرح الموجز بان (المرض النفسي) لايعني بالضرورة (الندرة)او الغرابة او الشذوذ او السلوك الغير طبيعي بل هو اضطراب الفرد وعدم شعوره بالراحة والأمن والى اخلال في كفائته الانتاجية كعضو في مجتمع والى تشويش نظرته الى الناس والعالم او بعلاقته معهم.
وبمعنى ادق فان الصحة النفسية نوجزها بما يلي (هي الكفاءة العقلية والانسجام النفسي الداخلي الذي لايعرقل الانتاج الفردي او حركة الجهاز الاجتماعي والثقافي العام ويكون مصحوبا عادة بشعور من الأرتياح والسعادة و( المرض النفسي )هو كل مالاينسجم مع هذا التعريف.

#امير_عبد_عباس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات