مدينةالرحمة :بين ضعف التجهيزات و صعوبة تحقيق الاندماج الاجتماعي

صديق عبد الوهاب

الحوار المتمدن-العدد: 4938 - 2015 / 9 / 27 - 16:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

اذا كانت التجهيزات الاجتماعية ضرورة ملحة تفرضها حاجات الساكنة، فهي ايضا تعتبر كمحلالAnalyseur)) للتميز الاجتماعي المجالي على مستوى المنطقة و الحي معا. من خلال البحث الميداني الذي اجريناه خلال سنة 2013، يلاحظ ضعف المرافق العمومية، و عدم قدرتها على تلبية حاجيات الساكنة، بل هناك غياب تام لبعض المرافق الضرورية والحيوية،لذلك تعتبر التجهيزات المتوفرة بالرحمة، انعكاسا للحالة المادية و الاجتماعية الهشة للساكنة .
و من جهة أخرى، فان التأطير الجمعوي و السياسي، يتراوح بين الهزالة و عدم رغبة الساكنة، اذ ان 91,1 %من المستجوبين لا ينتمون لأية جمعية، و ليست لهم صلة بالعمل الجمعوي ،اما النسبة المتبقية فتتوزع بين الانتماء الى جمعيات رياضية و ثقافية ، او الى جمعيات الاحياء و اخرى تهتم بالشؤون الاجتماعية والبيئية او بشان المعاقين، و للإشارة فان مجموع الجمعيات المتواجدة بالرحمة هو 24. كما يعتبر الانتماء السياسي لأرباب الاسر المستجوبة جد ضعيف،قد يفسر هذا بالعزوف عن السياسة، وبفقدان الثقة في السياسيين الذين دأبوا على استعمال سكان الصفيح ككتل او اوراق انتخابية. يمكن الجزم اذن بان الحق في المشاركة في صنع القرار، هي عملية او سيرورة يتم من خلالها تثبيت الشعور بالانتماء .
اما على مستوى التفاعل الاجتماعي، فان نسبة مهمة من عينة البحث %75,5 بمجال الدراسة، لا ينفتحون على محيطهم من خلال نسج اي ترابطات او تفاعلات بينهم، مقابل%24,5 صرحوا انهم يعرفون بعض الاشخاص بمحيطهم و يمكنهم التفاعل معهم، و بالتالي نستخلص ان نسبة التفاعل الاجتماعي داخل الرحمة تبقى ضعيفة. و عليه فان ضعف او عدم الانخراط في الجمعيات و النقابات ؛ و هزالة المشاركة السياسية ؛وبالتالي عدم تشرب القيم الحضرية السائدة ؛ وصعوبة اقامة الصداقات القوية، تعتبر مؤشرات عن عدم تحقيق الاندماج .
كما ان النتائج الاولية للبحث الميداني، ابرزت ضعف اهتمام الساكنة بمسالة الترفيه، اذ ان الاغلبية لازالت تعاني من صعوبات مادية ،تتراوح بين عدم انهاء تجهيز المنزل، او عدم القدرة على اداء الاقساط البنكية، و بالتالي فالترفيه بالنسبة اليهم مسالة ثانوية. يقضي اغلب ارباب الاسر اوقات فراغها اما في المقاهي ، او بالبقاء في المنزل، اما باقي المستجوبين فيقضوا اوقات فراغهم بين التردد على المساجد و زيارة العائلة، و الأصدقاء و زيارة مسقط الراس، و الخروج الى الطبيعة....و هذا يدل على عدم انخراطهم في اي نشاط اخر من قبيل المشاركة او الانخراط في العمل الجمعوي او السياسي ...الخ
ان التغييرات المتواضعة التي وفرها مجال الاستقبال - بعد الانتقال من الاحياء الصفيحية الى مجال الرحمة – سواء على مستوى طبيعة المسكن،او على مستوى توفير بعض فرص الشغل ،... ادى الى درجات مختلفة من الاحساس و الشعور بنوع من "الانتماء" ، و التي تتراوح بين الضعيفة الى المتوسطة. تجدر الاشارة ايضا الى ان هنالك بعض الفئات من السكان تصرح على انها راضية بالوضعية الجديدة،خاصة تلك التي لا تتوفر إلا على اقل عدد من افراد الاسرة (3 او اقل) ،وعلى العكس فان فئات اخرى غير راضية، نظرا لتعدد وكثرة عدد افرادها (4 وأكثر) ،و الواقع ان اغلبية غير الراضين هم من الذين استفادوا من القروض البنكية و الذين لم يستطيعوا تسديد الاقساط البنكية.
ان تأسيس او بناء الاحياء او المدن الجديدة ، انما هو بناء لعلاقات اجتماعية، وبالتالي فان نجاح السياسات الحضرية يتجلى في خلق الميكانيزمات، والآليات الفعالة من اجل ادماج ساكنتها ،هذا يرتبط اضافة الى توفير السكن اللائق، بتوفير فرص الشغل ايضا و مناطق للترفيه (ملاعب ، حدائق....) بهدف بناء الشخصية و الاندماج و الالتقاء بين السكان.
المراجع :
حاكمي رقية ،"السكن غير اللائق بالدار البيضاء مقاربة كمية مجالية"، السكن غير اللائق بالدار البيضاء،منشورات الاتحاد الجغرافي المغربي، فرع الدار البيضاء عين الشق،2004.
ورياشي مرزوق قيس "التراتبات الاجتماعية و التراتبات المجالية" تطور العلاقات بين البوادي و المدن في المغرب العربي، منشورات كلية الاداب و العلوم الانسانية ،الرباط، سلسلة ندوات و مناظرات، رقم ،1988،10 .

#صديق_عبد_الوهاب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات