أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رفقة رعد - ذاكرة بطعم الكتب














المزيد.....


ذاكرة بطعم الكتب


رفقة رعد

الحوار المتمدن-العدد: 4935 - 2015 / 9 / 24 - 22:33
المحور: الادب والفن
    


كانت تبعدني خطوات قليلة عنه ، حيث كان يجلس عندما كنت احدق بالأقلام الملونة و ملصقات الدفاتر الكارتونية و اخذتني الوان المساطر و الأغلفة في زقاق ضيق لا يسع بعرضه إلا لشخصين ، شارع يريد ان يستشعر مارته نفراً نفرا ، و ليدع ذاكرة المكان تتغلغل بين ذراتهم فما ان يسيروا فيه يعودوا إليه .. وهذا ما جعلني افهم كيف اختارت الكتب ان تسكن هناك بتلك الزاوية المصنوعة من ورق ، يتوسطها رجل يعرف كتبه بلمسه ، يطبطب على كل غلاف , بالوزن و الحجم يقيم جمال وأهمية كتاب فيجلسهم على حضنه , عشرات الكتب , ينام على بعض و يتوسد بعض و يأكل على بعض و يحكي مع بعض عن جلبابه المهترى كما يهترى اي كتاب يستعمل كثيراً أو يترك للزمن ، يتسائل في هدوئه كيف اقتات هو وولده من الورق ؟ ام تراها الكلمات هي من البست ابنه هذا الثوب و اطعمته من جوع و قادته إلى المدرسة !
ذلك الرجل القديم يزكي امواله بالكتب ، كأنه يقايض يعطيك كتاب تعطيه حفنة تمر أو غرامين من الكركم ، يده تلك السمراء الصلبة تعشق هذا الورق ملمس السعادة , فيمسك بإفواه كل الكاتبين ين يديه و يعتصر كل عقولهم و يطويها ، يجلس عليها أو يتوسدها , و في وقت انتظارهِ ينكز احد كتبه ليُصحيه كي لا يغفى حينما يأتي زبون لينقب فيه ، فليس من عادة الكتب النوم و الترجيع ، لتقوم بواجبها على اتم وجه.
اخذ منظره يتماهى مع كل شيء , لونه من لون القاموس وبشرته كبشرة كتب التاريخ و نظارته الزجاجية كنظارة فرويد المنسوخ على كتابه الحرب و الموت و الحب ، يسند ظهره على باب حديدي لمحل بين عامودين من الطابوق الأصفر القديم ، فتتوزع الكتب بين جانبيه ليس لها مكان بين الرفوف، وهل عناوين الكتب كتبت ليحميها سقف أو ليغطيها باب ، مكانها المكشوف هذا هو ما يدركه بائع كتب حقيقي ، يدرك ان المارة لا يقتفون أثار كتاب بين الزجاج مسجون و بين الخشب يضطجع ، هم يقتنصون بأستدارة اعينهم بكل الاتجاهات ما يريدون ، وهذا ما جعله يختار هذا الركن من العالم ، زاوية ورقية خفيفة ، وما احلى الزوايا الخفيفة التي لا تثقل ظهورنا بالهم بل على العكس نحن من نثقلها اذا ما فهمنا مقصد الكلام بغباء .
كما لكل وطن ما يميزه فقد كان هو ما يميز وطني ، بجماله البسيط الشفاف ، كرجل يزرع الرز في التبت أو رجل عجوز يعزف لطفل معاق ، صورة صياد يخيط شباكه و صورته وسط كتبه المكدسة ، هناك مركز الكون والكتب تحوم من حوله.
تجده في كل موسم , في الصيف يلبس كتاب واحد و في الشتاء يلبس كتبه كلها , واحياناً ترتفع ليصنع منها ساتر لا يظهر منها إلا وجهه ، هي مدفئته و براده و مسبحة قديمة يحفظ بها أسماء الكتب, فهناك تلة قواميس طبية و تلة كتب فلسفية وتلة كتب سياسية وتلة اخرى للاطفال ومجالات أزياء قديمة و اغلبها باللغة الانكليزية , تعطرها سجارته فتكتسب رائحتها الخاصة ، ماركتها المسجلة بطبعة اصابعه ..



#رفقة_رعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام يقظة شعوب الحرب
- عيد اكيتو واسراري للآلهة
- سبايا داعش نساء خارج الارض
- نازحة
- ذاكرة بطعم الالعاب
- صوت طفل الحرب
- الكلام النسوي ( حل لمشكلة العدم )
- نساء العراق بين فكي داعش والحروب
- ذاكرة بطعم العشب
- في الطريق إلى شارع المتنبي
- العدم في دقائقهِ الاولى
- الضياع بين اربع جدران
- نوايا السلاميات
- السلم وحتمية الانصياع للدولة عند اسبينوزا
- بعد صوت الباب
- ذاكرة بطعم الخبز
- خارج اطار مشروع السلام الدائم
- ذاكرة بطعم التمر
- أمنية فخارية
- ما زال هناك ثلج


المزيد.....




- وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي ...
- الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته ...
- شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
- آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
- هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر ...
- شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
- لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
- وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض ...
- الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس ...
- رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رفقة رعد - ذاكرة بطعم الكتب