|
( بِسَبَبِكَ .. أصبحتُ بعثِياً )
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4931 - 2015 / 9 / 20 - 19:07
المحور:
الادب والفن
كُنتُ مسؤول الإعلام لفترة في تنظيم الحزب في العُمادية ، ليسَ لمُؤهلاتي ولا لخبرتي ، حيثُ كنتُ شاباً بِلا تجارب عملية في مِضمار الإعلام .. ولكن ببساطة ، لأنهُ لم يَكُن هُنالكَ مَنْ يعرف العربية كتابةً وقراءةً ، أحسن مني ويكون مُستعِداً للنزول كُل خميس الى دهوك ، على حسابهِ ، لحضور إجتماعات المكتب الإعلامي . وكُل نشاطي كان ينحصِر في إرسال بضعة سطور الى جريدة طريق الشعب ، بإسمٍ مُستعار هو " بخشان " وإخترتُ ذلك الإسم لأني كنتُ مُعجباً بطالبةٍ في المعهد الطبي إسمها بخشان ، وتخرجنا ولم أجرؤ على الإفصاح لها عن إعجابي ! . عندما أستذكِر اليوم .. نزولنا الإسبوعي الى دهوك في أعوام 1976 /1977 .. أنا بإعتباري ممثل إعلام قضاء العُمادية ، فكنتُ أوتوماتيكياً عضواً في المكتب الإعلامي لمحافظة دهوك . وكذلك مٌمثل الطلبة والشباب ومٌمثلة عن المرأة وعن العُمال .. الخ . كنتُ حينها ، في قرارة نفسي ، أدركُ بأنني غير مُؤهَل لمثل هذا الموقع ( لأنني كنتُ أظنُ بأن جميع أعضاء المكتب ، فطاحِل وبارعون في الإعلام والصحافة ومن ذوي المعرفة الموسوعية ) .. ولكني تدريجياً إكتشفتُ بأنه ، ماعدا مسؤول المكتب ، فأن معظمهم مثلي ، إذا لم يكونوا حتى أقل مُستوى ! . أردتُ أن أكتبَ مقالاً حقيقياً عن " الجمعيات الفلاحية " التي أنشأت في المنطقة .. لكن المُشكلة ، هي الحصول على معلومات دقيقة ، حيث كانتْ هنالك تعليمات صارمة ، من قِبَل الإدارة البعثية ، بعدم الإفشاء بأية معلومات في كافة الدوائر . كنتُ ألتقي ب " معروف بيطار " الموظف في دائرة الزراعة في المقهى أحياناً ، وكانَ يعجبني ، لأنهُ لم يكُن يستَجِب لضغوطات قريبه ، مدير البلدية البعثي محمد بيطار. ففاتحتهُ بنيتي أن أكتب مقالاً عن الجمعيات لفلاحية .. وطلبتُ منهُ أن يجلب لي معلومات مُفّصلة .. فأخبرَني بأن مفتاح الدائرة معهُ ، وأنهُ يُفضِل أن أذهب معه الى الدائرة ، بعد الدوام ، حتى لايرانا أحد . وبالفعل توجهنا عصر نفس اليوم الى دائرة الزراعة .. وأراني جداوِل مُفّصلة ، فقلتُ لهُ : لماذا لا آخذها معي ، لأن نقلها سيأخذ وقتاً ، وسأسلمها لك صباح الغد قبل الدوام . وافقَ معروف . عند خروجنا ، إلتَقينا بالحارس الليلي للدائرة الذي كان بيته قريباً .. إرتبكَ معروف قليلاً ، تبادلنا السلام معه وغادرنا . أكملتُ كتابة مقالي العتيد ، في نفس الليلة ، متضمناً أدق التفاصيل عن مساحات الجمعيات ومواقعها وعدد الفلاحين والمحاصيل المزروعة والمكائن الموجودة ... الخ . ثم إقتراحات لتطوير العمل وضمان حقوق الفلاحين . لم أنتظِر ، فقبل منتصف الليل ، ذهبتُ الى بيت معروف وسّلمتهُ الجداول ، شاكِراً أياه . بعد إسبوعَين نُشر مَقالي في طريق الشعب ، بإسم بخشان ، على مساحة ثلاثة أرباع الصفحة ، وكانَ بالنسبةِ لي حدثاً مُهماً ، فكنتُ أتبختر وأنا أعرض الصفحةَ على أصدقائي ومعارفي !. بعد يومَين .. إستدعَتْ منظمة حزب البعث " معروف بيطار " ، وكان قريبه محمد بيطار جالساً مع بقية الرفاق في إنتظاره . قالوا لهُ مُباشرةً ، مُشيرين الى جريدة طريق الشعب المفروشةِ أمامهم : هل أنتَ الذي قّدمتَ هذه المعلومات للشيوعيين ؟ أنكَرَ معروف قائلاً : كلا . لم ينتبِه معروف ، بأن حارس دائرة الزراعة كانَ واقفاً على جنب .. فسألهُ محمد بيطار : هل رأيتَ معروف مع أحد الشيوعيين يخرجون من الدائرة عصراً ، ومتى ؟ أجاب : نعم رأيتهما وكان ذلك قبل حوالي عشرة أيام ! . اُسقِط في يد معروف ، ولم يَحر جواباً . أخبروهُ : أن عقوبة إفشاء أسرار الدوائر الحكومية ، قد تَصِل الى الإعدام .. فكادَ معروف أن ينهار . فأخبرهُ محمد بلهجةٍ مُعاتِبة : كنتَ تتحجج دائماً ، عندما اطلبُ منك الإنظمام إلينا .. والآن أمامَك طريقَين : أما تُقّدَم للمُحاكمة بتُهمة الخيانة ! .. أو تُوّقِع فوراً على طلب الإنتساب للحزب . .................... إلى اليوم .. يتهمني معروف ، بأنني كُنتُ السبب في إنتماءه لحزب البعث ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأفكارُ أم الكباب ؟
-
أحزابٌ سياسية أم شَرِكات ؟
-
هل أنتَ حِزبي ؟
-
عتابٌ على ( حمه حاجي محمود )
-
الراتب الأوَل
-
القّارة العجوز
-
إبداعٌ في التحايُل
-
شيلادزى
-
العريف بنيامين
-
شطرنج
-
عزيزة
-
ضِد الجميع
-
لِتصْمُت طُبول الحرب الداخلية في الأقليم
-
بينَ الهمسةِ والصَرخةِ
-
الأرنبُ الهِندي
-
هل حضْرتكَ تكريتي ؟
-
ما أجمل عبارة ( وبأثَرٍ رجعي )
-
في بغداد .. ثّمة أمَل
-
صديقي الذي ( طابَتْ لهُ الكَعْدة )
-
التيار الديمقراطي العراقي في نينوى ، يستذكر فاجعة سنجار
المزيد.....
-
فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..إما أن نَنتَصر أو ن
...
-
مخرج يعلن مقاضاة مصر للطيران بسبب فيلم سينمائي
-
خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و(
...
-
-من أمن العقوبة أساء الأدب-.. حمد بن جاسم يتحدث عن مخاطر تجا
...
-
إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص
...
-
رحال عماني في موسكو
-
الجزائر: مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يستقبل ضيوفه من ج
...
-
أحلام تتفاعل مع تأثر ماجد المهندس بالغناء لعبدالله الرويشد
-
شاهد/رسالة الفنان اللبناني معين شريف من فوق أنقاض منزله بعدم
...
-
عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ
...
المزيد.....
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
المزيد.....
|