|
الأفكارُ أم الكباب ؟
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4930 - 2015 / 9 / 19 - 19:39
المحور:
الادب والفن
فرحتُ لأنَ شاباً في مُقتَبِل العُمر ، من أهالي العُمادِية ، إسمه " صلاح الإدريسي " ، سارَع لللحاق بي ، وسّلَم علي قائلاً : هل ستتمشى إلى سولاف ؟ قلتُ لهُ : نَعِم . قالَ : اُريد الإنضمام إليك ، لنتحدث في الطريق ؟ . ولم ينتظِر إجابَتي ، بل بدأ يتمشى جنبي . رحبتُ على الفَور ( على الرَغم إنني إستأتُ قليلاً لأنهُ لم يُخاطبني ب " دكتور أو إستاذ أو حتى خال ! " بل بإسمي المُجّرَد فقط ) . وحيث ان البعثيين ، كانوا يُحذِرونَ الناس ولا سيما الشباب والطُلاب ، من مَغَبة مُخالطة الشيوعيين ، ويُحاسبون مَنْ لايلتزِم بذلك . وكان صلاح في المتوسطة ويبلغ السادسة عشر . وكنتُ أعرفُ والدهُ وبعضاً من إخوانهِ وأولاد أعمامه . أما صلاح نفسه ، فكنتُ أسمع أنهُ فتىً مُتهّوِر ، وأن منظمة حزب البعث ، قد إستدْعتْهُ عدة مرات . البعث ، كانَ حزب سُلطة وبيده الحَل والرَبط .. فكانَ يستخدم سياسة العَصا والجزرة .. فمرةً يُهّدِد ويتوعّد ، ومرّةً يُغري ويُقّدِم الإمتيازات . ومن الطبيعي ، فأنهُ كانَ يحصل على تأييد العديد من الناس ولا سيما الشباب العديم التجربة والخبرة . أي بِعبارةٍ اُخرى ، كانَ يمتلك الأدوات اللازمة ، لكسب الأعضاء الجُدد يومياً . بينما الشيوعيين ، ولكي يكسبوا فرداً جديداً الى التنظيم ، كانَ عليهم إقناعهُ ، وشرح سياسة الحزب بصورةٍ مُبسطة ومفهومة ، وفوق ذلك لايُؤملونهُ بالكسب الشخصي او الإمتيازات ، بل بالعَكس من ذلك ، يطلبون منهُ أن يُناضِل في صفوف الحزب بدون أي مُقابِل .. بل وتَوّقُع المضايقات من السًلطةِ أيضاً . إعتقدتُ إنها فُرصة طيبة ، أن أكسبَ شاباً مُتحمِساً مثل صلاح .. لاسيما وأنني منذ قدومي إلى العُمادية ، منذ أشهُر ، لم أنجح في كسب أحَد ! . سَألَني صلاح عشرات الأسئلة ، وكنتُ اُجيبه بتأني وبساطة قَدر إستطاعتي .. وصلنا سولاف وجلسنا في احد الكازينوهات ، وشربتُ بيرة وشرب هو بيبسي ، ولم يُمانِع حين طلبتُ الكباب لكِلَينا .. سألَني عن أفكار الشيوعيين ، وهل حقاً هُم كَفَرة وهل أخلاقهم سيئة ويُمارسون الجنس مع أقرباءهم ؟ !.. قلتُ لهُ : هل ان إبن عمك " برهَم " الضعيف البَصَر ، كافِر وسئ الأخلاق ؟ هو شيوعي كما تعرُف ! . إحمّرَ خجلاً ولم يرُد . تكررَ سيرنا أنا وصلاح ، عدة مرَات الى سولاف أو بالعكس .. وفي أحد الأيام من صيف 1976 ، وأثناء عودَتِنا الى العُمادية ، إستوقفَني وقال بنبرته الجافة ونظرته الحّادة : إسمَع .. اُريد أن أعترِف لك ، بأن دائرة الأمن هّدَدتْني إذا لم أتعاوِن معها .. وكّلفَتني أن أتخالَطَ معكَ وأكتب تقارير عنك . لكن بعد تعّرُفي عليك جيداً .. لن أفعل ذلك . ولن أتعامَل مع أولئك الحُقراء مَهما فعلوا ! . بعدها بسنوات قليلة ، أي في بداية الثمانينيات ، سمعتُ أن صلاح الإدريسي ، إلتحق بالأنصار الشيوعيين وأصبح من أشجع البيشمركة الذين قارعوا النظام الفاشي ، وجُرِح في أحدى المعارِك . لستُ مُتأكِداً .. هل أنني أثّرتُ في صلاح ، بأفكاري وطروحاتي ، أم أن مفعول الكباب والببسي ، كان هو السبب ، في إنضمامهِ للشيوعيين ؟! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحزابٌ سياسية أم شَرِكات ؟
-
هل أنتَ حِزبي ؟
-
عتابٌ على ( حمه حاجي محمود )
-
الراتب الأوَل
-
القّارة العجوز
-
إبداعٌ في التحايُل
-
شيلادزى
-
العريف بنيامين
-
شطرنج
-
عزيزة
-
ضِد الجميع
-
لِتصْمُت طُبول الحرب الداخلية في الأقليم
-
بينَ الهمسةِ والصَرخةِ
-
الأرنبُ الهِندي
-
هل حضْرتكَ تكريتي ؟
-
ما أجمل عبارة ( وبأثَرٍ رجعي )
-
في بغداد .. ثّمة أمَل
-
صديقي الذي ( طابَتْ لهُ الكَعْدة )
-
التيار الديمقراطي العراقي في نينوى ، يستذكر فاجعة سنجار
-
على هامش الإعتداءات التركية على الأقليم
المزيد.....
-
ما سبب إدمان البعض مشاهدة أفلام الرعب والإثارة؟.. ومن هم الم
...
-
بعد 7 سنوات من عرض الجزء الأخير.. -فضائي- يعود بفيلم -رومولو
...
-
-الملحد- يثير الجدل في مصر ومنتج الفيلم يؤكد عرضه بنهاية الش
...
-
رسميًا إلغاء مواد بالثانوية العامة النظام الجديد 2024-2025 .
...
-
مسرح -ماريينسكي- في بطرسبورغ يستضيف -أصداء بلاد فارس-
-
“الجامعات العراقية” معدلات القبول 2024 في العراق العلمي والأ
...
-
175 مدرس لتدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية
-
عبر استهداف 6 آلاف موقع أثري.. هكذا تخطط إسرائيل لسلب الفلسط
...
-
-المُلحد-.. إبراهيم عيسى: الفيلم هو الدولة المدنية التي نداف
...
-
ساويرس يرد على سؤال بشأن فيلم -الملحد-.. وهذا ما قاله عن -من
...
المزيد.....
-
في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
(مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
كتاب نظرة للامام مذكرات ج1
/ كاظم حسن سعيد
-
البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
صليب باخوس العاشق
/ ياسر يونس
-
الكل يصفق للسلطان
/ ياسر يونس
-
ليالي شهرزاد
/ ياسر يونس
-
ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير
/ ياسر يونس
-
زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي
/ ياسر يونس
-
رسالةإ لى امرأة
/ ياسر يونس
المزيد.....
|