عاطف الدرابسة
الحوار المتمدن-العدد: 4928 - 2015 / 9 / 17 - 02:36
المحور:
الادب والفن
هروب ..
أهربُ من لُغتي المُقيّدة كرجُلٍ محكومٍ بالمؤبّدْ ..
وأهربُ من ذاكرتي المهجورةِ كبيتٍ عتيقٍ .. ومن تاريخي المنحول كالقصائدِ الجاهليّة ..
أهربُ من قُبلةِ امرأةِ عاشقة .. ومن نظرةِ عذراءَ بدويّة ..
أهربُ من دمعةِ طفلٍ خانتهُ كلُّ الثّوراتِ العربيّة ..
أهربُ من خطاباتِ زُعماءِ العرب المُتخمةِ بالكذبِ والنّفاقِ والتّهويلِ والعروضِ المسرحيّة ..
أهربُ من كلِّ القنواتِ الفضائيةِ والندواتِ الثّقافيّةِ ..
وأهربُ من كلِّ الأحزابِ والقبائلِ والعوائلِ وتُجّارُ الغنمِ ورعاةِ البقرِ ..
وأهربُ من كلِّ المُدنِ الموبوءةِ بالمقاتلينَ والنازحينَ والمهاجرينَ وتُجّارِ الحروبِ والنَفطِ والبشر ..
أهربُ من وجعِ بغدادَ وصنعاءَ ودمشقَ وعمّانَ وطرابُلسَ وبيروت ..
أهربُ من كُلِّ العواصمِ التي ما عادت عواصمَ ..
وأهربُ من الشّعرِ العربيِّ والأدبِ العربيّ والفكرِ العربيّ ..
وأهربُ من معلّقاتِ العربِ ومقاماتهم ومجمهراتهم وكلِّ الرّواياتِ المُسندةِ وغير المُسندةِ ..
أهربُ منَ البردِ والجوعِ والعطشِ والنّساءِ وسُحبِ السّماءِ والسّنابلِ الجّائعة والصحفِ الصّفراءِ وصهيلِ الخُيول وشفاهِ العذارى ..
أهربُ من العولمةِ والحداثةِ .. من البنيويّةِ والتّفكيكيّةِ ومنَ القضيّةِ الفلسطينةِ وحقِ العودةِ واللاعودةِ ..
أهربُ منَ الأسئلةِ المُحرجةِ والعاجزةِ ومن قلمي المكسور كمُناضلٍ بلا قضيّة ..
أهربُ من عيونِ طفلتي حينَ تسألني عن القضيّة ..
ملاحظة : أرجو أن يُقرأ النّص بالفعل أخجل بدلاً من فعل أهرب ..
د.عاطف الدرابسة
#عاطف_الدرابسة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟