|
اللانهاية اصطلاحا
مازن ريا
الحوار المتمدن-العدد: 4928 - 2015 / 9 / 17 - 00:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
اللانهاية اصطلاحاً: تشير كلمة Infinity، Infinte إلى كل ماهو لا نهائي، عدد لا يحصى، لانهاية، لامتناهٍ ،... اللانهاية مفهوم ذهني مجرد لا يشير إلى ماهو مملموس أو حسي، إنما لكل ما هو في حالة دائمة من التغير و الصيرورة، وعدم الاكتمال، ومن هنا نجد صعوبة في تعريف اللانهاية، سواء من ناحية تعريفها بالسلب وهو أضعف أنواع التعريف، أم من حيث الابتعاد عن التعريف بالمفهوم والذهاب مباشرة إلى التعريف بالماصدق، أو الإثنين معاً، حيث يعرف اللا متناهي بشكل عام بالنقيض أي المتناهي وهذا مانجده عند جميل صليبا في معجمه إذ يقول:((ما لا حدّ له ولانهاية له)) في حين يستثني إبراهيم مدكور ما لا حد له من التعريف ليقول اللامتناهي ((ما لا يمكن أن تكون له نهاية)) ، أما لالاند في موسوعته فيفرق بين لا متناه من جهة كونه صفة((لا متناه أما لا حدّ له أما بهذا المعنى وهو إنه حاليا أكبر من كل كم معطى من طبيعة واحدة)) ، ولا متناه من جهة كونه اسم ((هو اللامتناهي في المحمول، في الأغلب مقدار أو مسافة لا متناهية)) . ويشيرعبد الرحمن بدوي إلى استخدام مفهوم اللامتناهي بعدة معانٍ مختلفة:((إذ يطلق على ما ليس له حدّ وعلى ما لا شأن له بالحدّ، وهو أمر سلبي وناقص، أو هو أمر إيجابي وتام، واللا متناهي أمر بالقوة فقط إنه في حال الصيرورة لا في حال وجود، أوهو أمر بالفعل ومعطى كله )) . يبدو أن هذه المعاني يفرضها منطق الثنائيات، بمعنى أن لكل شيء نقيضاً، أو ضداً يعرف من خلاله، فالسالب ضد الموجب، والنقص ضد الكمال، والتغير ضد الثبات فإذا كان المتناهي ثابتاً كان نقيضه اللامتناهي متغيراً، فضلاً عن أنها تتضمن فكرة واحدة حول اللامتناهي وهي فكرة الاستمرارية سواء بالإضافة أو التقسيم . وتذكر المعاجم والموسوعات تمييزاً بين اللامتناهي وبين اللامحدود، حيث يذكر جميل صليبا في معجمه أن ((اللامحدود هو الذي لا يمكن أن يرسم له حدود بالفعل وإن كانت له حدود ممكنة، على حين أن اللا متناهي هو الذي لا حدود له على الإطلاق)) ، وهذا مايذهب إليه إبراهيم مدكور أيضاً إذ يقول:((اللا محدود ما لا يمكن أن نرسم له حدود في حين أن اللامتناهي لا حدود له إطلاقا)) ، أما لالاند فيضع اللامحدودIndefinite في تعارض مع كل من المتناهي واللامتناهي بالقول: إن اللامحدود ((ما يمكن جعله أكبر من كل كمية معينة وهو معطى كمتناه في مقابل اللامتناهي الراهن الذي يكون لا تناهي الممكنات، وهو ما يسمى اللامحدود)) . أما بدوي فيطلق اللامحدود((على الاسم غير المحصل الذي قرن فيه لفظ السلب بشيء مثلا لا- إنسان فهو اسم لا محدود لعدم دلالته بالمطابقة على شيء معين ويطلق اللامحدود على القضايا المهملة التي موضوعها كلي أو في بعضه مثلاً الإنسان أبيض وقد سميت مهملة لكون كمية الموضوع فيها غير محدودة كما يطلق على كل القضايا المعدولة التي محمولها اسم غير محصل مثل الإنسان لا أبيض)) . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل توجد أدلة يقينية على وجود فكرة اللانهاية الحقيقية أم هي مفهوم بلا ماصدق ؟ يرى أرسطو أن وجود اللا نهاية تفرضه عدة امور وهي: ((الزمن ليس له بداية ولا نهاية، إمكان انقسام المقادير إلى غير نهاية، لايمكن دوام الكون والفساد ـاڈE1ا إذا كان مصدرهما لا متناهيا ،كل ما هو محدود إنما هو محدود بشيء أخر، فكرنا قادر على تصور عدم نهاية العدد وانقسام المقادير)) بينما يرى برتراند رسل استحالة البت بيقين:(( بأن هناك في الحقيقة مجموعة لانهائية من الأشياء في العالم ... إلا أنّ هناك هاجساً يثُير القلق وهو أنّها وهمية ومضللة ومن ثم ليس هناك سبب لاستنتاج منطقي يحملنا على الاعتقاد بأنّها صحيحة، وفي الوقت ذاته هناك بالتأكيد عدم وجود سبب منطقي يقف بالمرصاد ضد المجموعة اللانهائية )) . ومع كل المحاولات التي بذلت لتعريف اللانهاية وتحديدها، يبقى مفهوم اللانهاية غامضاً وملتبساً يحوي على الكثير من الإشكالات لأن طرح أي تصور عن اللانهاية هو مناقض للانهاية لأننا نكون بهذا التصور وضعنا نهاية اللانهاية أو اللامتناهي، ومن جهة أخرى، مايبدو انه متناهٍ هو لامتناهٍ ، فالقطعة المستقيمة المحدودة من طرفيها لها بداية ولها نهاية فهي متناهية، ولكنها تحوي عدداً لانهائياً من النقاط فهي لا متناهٍ، كيف يمكن لما هو متناهٍ بوجوده، أي الإنسان، والمحدود بقدراته العقلية أن يدرك أو أن يتصور ما هو لا متناهٍ؟
#مازن_ريا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللانهاية في الهندسة الاقليدية
-
الفكر الديني والفكر الفلسفي
-
اللامتناهي فلسفيا
-
اللانهاية في المدرسة الأيونية
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|