دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4927 - 2015 / 9 / 16 - 18:55
المحور:
الادب والفن
بعد ما يزيد عن الأربع ساعات من الصراع، تمكّن الأسد من شل حركة الثور.
الوحش، وقد اطمأن نوعاً إلى الوضع، بدأ يتشممُ بنهم رائحة الدم الطازج، الفائحة من جرحٍ صغير تحت ذيل فريسته مباشرةً. الثور المسكين، التفتَ إلى الآخر وهوَ يلهث وينخر: " أنهِ الأمر بسرعة، أرجوك..! "، خاطبه مستعطفاً. إلا أن الأسد، على ما يبدو، ما كان على عجلة من أمره: " لا تحاول خداعي. عليّ أن أستنزف قواك أولاً كي لا أتعرّض لضربة غير محسوبة ".
ما أن فاحت رائحة الدم، حتى طرأ تغيّرٌ بيّن على المشهد. لم يكن الأمرُ على علاقة بالطقس؛ فالنهار، ما يفتأ على اعتداله لدرجة أن الذبابَ كان يغني سعيداً فوق وَبَر السبع، المتسخ. ولم يكن الأمر متواشجاً حَسْب مع اقتراب الثعلب الخفيف الحركة، أو الضبع المتثاقلها: الثيران، المتفرقة أيدي سبأ في بداية هجوم ملك الغاب على جماعتها، ما عتمت أن أعادت التجمّع عند الهضبة القريبة، الهيّنة الارتفاع، المظللة بشجرة عريب ضخمة ذات ثمار ناضجة. جماعة النسور، انجذبت أيضاً إلى رائحة الدم وراحت تحلّق فوق المكان. التمساح، المتربّص ببعض الطيور من طائفة يَدعوها بـ " هازجة النهر "، منّى نفسه بفريسة أكثر استساغة.
" رائحة دمك، القوية، تسبّبت بجلب الأغراب إلى عريني؛ أنتَ من اشتُقّتْ مفردةُ الثورة، المشؤومة، من اسمِهِ..! "، خاطبَ الأسدُ الثورَ هذه المرة. ثمّ ما لبثَ أن التفتَ إلى الثعلب، مُصدراً زئيراً محذراً. هذا الأخير، أطلقَ ضحكة قصيرة ساخرة: " لو أن من شيَمِكَ تقاسُمُ الفريسة، لكنتَ الأكثر كسباً ولا مَراء "، قالها كمن يُخاطب سرَّه. على الأثر، انطلق الثعلبُ هوناً فحاذى طائفة الطيور، فانقضّ بحركة مباغتة على أحدها ومضى به. هذه الحركة، استفزت على الأغلب صاحبنا الضبع. هوَ ذا يقتربُ من الأسد مزمجراً، وكأنما ينوي انتزاع الفريسة منه. ملك الغاب، بدَوره، ردّ على ما ظنّ أنه هجومٌ غادرٌ من منافسه الأكثر بغضاً وقرفاً. في اللحظة التالية، المعقّبة نهوض الأسد لمواجهة الضبع، انطلقت طائفةُ الثيران منحدرةً إلى أسفل وكما لو أصابها مسّ.
الغبار، انجلى رويداً عن أرض المعركة المجنونة. عندئذٍ، لم تعُد الفريسة في مكانها.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟