عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4923 - 2015 / 9 / 12 - 21:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وماذا بعد
يسألني الكثير من القراء والاصدقاء السؤال الأستفزازي الذي يجعل كم الأسئلة تتدفق مرة واحدة دون أن يمنحك الفرصة للأجابة بصورة مفصلة وأفرادية ,وماذا بعد الذي جرى في الجمع السته المنصرمة ؟وهل هناك من أمل في تحقيق مطاليبكم بالأصلاح والتغيير مع هذا الأصطفاف الغريب بين الرفاء الأعداء والمتنافسين على سلب كل شيء في العراق باسم الله والدين ويظنون أنهم على منهج النبوة أو منهج الأمامة؟, الصريح في الأجابة الأولى هو أنه ما زال في جعبتنا الكثير وما زال الطريق طويل ولم ندع أننا ذاهبون لمشاهدة مباراة كرة قدم, فما تم بناءه بأكثر من ثلاثة عشر عاما وما مهدت له الظروف والسياسات الأقليمية والدولية والأجندات والأطروحات المخابراتية لا يمكن هزيمته بإرادة مجموعة من الشباب والناشطين المناديين بالسلمية والمدنية والديمقراطية ,الطريق محفوف بالمخاطر وأحتمالات المواجهة والتصادم حاضرة في أذهاننا كنشطاء مدنيين وقد وطنا أنفسنا أننا لا يمكن أن نسلم ونستسلم ,الأمر الذي يعني وضع حالنا في خيار من خيارين أما الموت الدائم أو العبودية الدائمة , وكلا الخيارين لا يمكن القبول والرضا به بأسوأ الأحوال والحسابات المتشائمة
تكلمت في مقال سابق يوم أمس أن الأيام تثبت لنا ولخصومنا أننا كلما مرت الأيام نزداد نضجا ووعينا ومقدرة على المناورة والأنتقال من موقع العفوية والتلقائية إلى موقع التنظيم والأصطفاف النوعي وهذا مايثير حنقهم ويسقط الكثير من الأوراق التي كان المعول عليها في تشتيتنا وتمزيق الشارع إلى كتل متنافسة ومتنازعة تضيع مع الأيام وتزداد تناحراتها كلما حصلت تغير جزئي وبسيط ,المراهنة على تشتت الحراك وتمزيق الوحدة الهدفية تبدو غير ناجحة ولا مجدية بعد التجربة المرة التي خاضها الحراك سابقا من جهة ومن خلال دعم المنظومة الدينية التيأربكت بعض الحسابات الجزئية خاصة بعد تبني الادارة الامريكية خاصة والمجموعة الغربية هموما فكرة الأصلاح والتغيير , لذا على الحراك أن يمضي بقوة مستفيدا من هذا الخلل الذي أصاب مافيات الفساد وأجنحته العسكرية والتنظمية والمباشرة برفع السقف الوطني للمطالب الجماهيرية لتقليل الخسائر اتفاوضية مستقبلا .
المهم الآن هو ماذا نخطط للغد للجمعة القادمة , ما هي خياراتنا المستقبلية وكيف نوفق بين هذا الكم من المطالبات التي تبدو في البعض منها تتعارض قي الجزئيات والحقيقة أنها ترتبط جميعا بمؤشر واحد هو الخللفي الأداء الكلي للدولة في السياسة والأجتماع والعمل المدني وفي التربية والتعلينوالخدمات الصحية والعامة , إنه غياب الرؤية الوطنية والمنهج التنفيذي لديها ,لقد أضحى وصف الدولة الفاشلة حقيقيا على اداء وعمل ونظام وتركيبة الدولة العراقية ,وهنا يتحتم علينا أولا الأقرار بالفشل ومن ثم الشروع بطرح البديل الحضاري المدني المناقض لما موجود مستندا على نفس الأساس الديمقراطي التعددي الحر, وهذا الأمر ليس بالهين ولا بالممكن البسيط لا سيما وأن صراع الأرادات والقوى ماضي للسير وفق هذا المنهج الذي يدعم الفشل والانهيار بأنتظار أعلان تقسيم العراق على الشركاء والفرقاء والأبعدين والأقربين .
هذا البعد الذي يتسائل عنه البعض مسيرة عمل وبناء وتخطيط وتنظير وحوارات لا تنقطع ولم تنقطع وتواصل وتهيئة المجتمع المدني الشعبي في الجزء الذي لم يغرق كثيرا بوحل الطائفية والعرقية والعنصرية وقادر على التخلي عن فئويته وعناوينه الفرعية لمصلحة العراق وشعبه ,كما أن لأهمية العمل على بلورة أتجاهات رأي عام حقيقي يساهم بالضغط والشد على النظام السياسي وتعريض التفويض الشعبي الممنوح له للمراجعة دور مهم في خارطة العمل المستقبلية, ومنها أعادة بناء تحالفات حقيقية بين الأجنحة المدنية والديمقراطية والليبرالية والعلمانية في جبهة عريضة على قاعدة العراق أولا وأخيرا لننطلق من هذا الشعار للقضية الأبرز وهي وقف التدهور والأنحلال والتشرذم الذي يساهم ويساعد القوى الخارجية والاقليمية على النفاذ للواقع العراقي والعبث به وبخيارات تحت عناوين دينية أو قومية وأحيانا تحت شعارات الواقع ومتطلباته .
اليوم ينتظر الحراك المدني الديمقراطي الكثير من العمل الكلي والجزئي وتبني خيارات صعبة وأمور من الأجدر أن تحسم توجهاتها من الآن وبخطوط عريضة معلنة وبلا تردد فيما يخص موضوع المواطنة والمستقبل وحقوق الإنسان ومواضيع حرجة وحساسة مثل موضوع الدين والعقائد والأيديلوجيات التي يتمسك البعض بها وفي هذا التمسك تعارض مع مفاهيم الديمقراطية والمدنية وهناك موضوع الأرث التاريخي القريب بشقه المتعلق بالجرائم والأنتهاكات بحق الأقليات والمكونات التي أجبرت على ترك الوطن تحت رهبة التهديد والموت والقتل اليومي, كذلك مهمة أنشاء نظام العدالة الأنتقالية للتمهيد لمجتمع المؤسسات والقانون وأصلاح البنى التحتية للمنظومة القضائية والعدلية والقانونية , وتبني نظرية حضارية وفكرية للتربية والتعليم والثقافة والفكر تقدس الإنسان وتمنحه الحرية المتوازنه مع حق المجتمه بحماية هذه الحرية .
الحراك المدني اليوم وهو يطرح نفسه ممثلا للمعارضة المدنية السلمية الديمقراطية لا يجب عليه أن يتخلى عن ركائز هذه الدولة التي صارت مطلبا جماهيريا تتوسع قاعدته بوميا وتعلو صرخات المطالبين بها وهما الدستور والنظام والقاعدة التوافقية بين الحرية واللتزام بمصلحة المجتمع , لذا فيكون إيماننا بالعمل السلمي هو لحمايبة المجتمع أولا وصيانة للتوجه الديمقراطي ثانيا وتعميقا للتجربة الإنسانية ثالثا , ومن هنا أيضا نؤكد أن الأيام القليلة الماضية أفرزن جملة من الوقائع والحقائق السياسية لنا مفادها أن العمل السياسي بين الجماهير يكون مثمرا فقط حين تعيد بناء الوعي الجمعي بأتجاه أهداف كبرى وعلينا أن نتخلى عن المطلبيات الجزئية التي لا تصل حد اتلمساس بالقواعد المفسدة والركائز المائلة , لذا فالصبر والحكمة والعقل هما طريقنا لفرض واقعنا ورؤيتنا عند الناس لتكون أكثر قبولا وأشد التصاقا بهم وتعبيرا عن تطلعاتهم للمستقبل .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟