كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 4923 - 2015 / 9 / 12 - 02:34
المحور:
الادب والفن
الشاهد
قصيدة نثر تعبيرية
كنتُ أنا الشاهدَ الوحيد على ما يجري تحتَ ظلالِ شجرةِ التوتِ الضخمةِ المصفرّةِ الأوراق , رجلانِ يقتتلانِ بشراسةٍ منقطعةِ النظير قتالاً مرّاً ومستمرّاً , إستعملا كلَّ ما تصل اليهِ أيديهما مِنْ حجارةٍ أو عصيٍّ كانت تتساقطُ عليهما مِنْ فوق الشجرةِ العجوزةِ , لقد رأيتُ ذلكَ بوضوحٍ كيفَ كانتِ الجروح تنزفُ بغزارةٍ , لمْ يبدو عليهما التعبَ أو الأجهادَ , كانت الأغصان الثخينةِ تتساقطُ عليهما مِنْ فوق الشجرةِ الضخمةِ , رفعتُ رأسي الى أعلى الشجرةِ فرايتُ شخصاً غريباً يجلسُ على قمّتها , كانَ يرتدي ملابساً سوداءَ وفي يديهِ قفازين مِنَ الصوفِ الأسودِ الخشن , كانَ يجلسُ هناكَ ومشغولاً بقطعِ الأغصانِ الخضراءَ ورميها اليهما , كثيرة ٌ هي الأغصانُ الخضراءَ وقدْ تكسّرتْ على بعضهما البعض , كمْ كانَ يستغرقُ بالضحكِ كلّما يرمي بها وهي تُحدثُ الجروحَ العميقة فيهما , لمْ يتوقفا عنْ الأقتتال رغمَ غزارةِ الدماءِ المنهمرةِ , أخيراً نزلَ مِنَ قمّةِ شجرةِ التوت ومرَّ مِنْ جانبي غامزاً بمكرٍ وخبثٍ , رفعتُ راسي أنظرُ الى قمّةِ الشجرةِ بعدَ أنْ هربَ الظلَّ بعيداً فإذا بي تحتَ شمسٍ لاهبةٍ , فيا هولَ ما رايت ! كانتْ شجرةَ التوتِ عارية مِنَ الأغصانِ حتى شاهدتُ قرصَ الشمسِ في كبدِ السماءِ , حينها قرّرتُ أنْ أهربَ منْ هذا المكان وأبحثُ عنْ ظلٍّ آمنٍ .
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟