أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الحرب الباردة الجديدة















المزيد.....

الحرب الباردة الجديدة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4920 - 2015 / 9 / 9 - 16:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



هل التجاذب الروسي الأمريكي بخصوص أوكرانيا أو الأزمة السورية أو الملف النووي الإيراني والصواريخ البالستية في أوروبا وغيرها، يعني عودة الحرب الباردة التي استمرت ما يزيد على 40 عاماً بين واشنطن وموسكو؟ هناك قراءتان أمريكيتان لشخصيتين وازنتين ولعبتا دوراً كبيراً في رسم الاستراتيجية والتكتيك الأمريكيين في الستينات وحتى مطلع الثمانينات، وهما زبيغينيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأسبق وهنري كيسنجر مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأسبق- حيث كان لما يُعرف ب«تروست» الأدمغة - اللذان عملا فيه، شأن كبير ومؤثر، في الصراع الإيديولوجي والحرب الباردة بين الشرق والغرب آنذاك، وهو الأمر الذي استبدل ب «الإسلام» بعد انهيار جدار برلين في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1989.
توقفت عند آراء بريجنسكي وكيسنجر من خلال مقابلتين صحفيتين فيما يتعلق بالراهن والمستقبلي . المقابلة الأولى أعطاها بريجنسكي لمجلة «دير شبيغل» الألمانية في يوليو/تموز 2015. أما المقابلة الثانية فقد كانت للمجلّة ذاتها، وقد سبق أن أجرتها مع هنري كيسنجر، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، ويمكن قراءتها استكمالاً لمقابلة جريدة «الصنداي تايمز» مع كيسنجر التي أعطاها يوم 7 سبتمبر/أيلول من العام ذاته، أي قبل شهرين على مقابلته مع مجلة «دير شبيغل».
جوهر المقابلة الأولى يصبّ في موضوع عودة الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة، لدرجة أن «الصقر» البولوني الأصل زبيغينو بريجنسكي شدّد على القول «نحن عملياً في حرب باردة»، وخاطب الغرب بقوله إن عليه «الوقوف في وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا»، وإن عليه أيضاً أن يجعل الأمور صعبة على الروس لاستخدام القوة. ودليله على عودة الحرب الباردة هو موضوع أوكرانيا واحتمال التصعيد العسكري الروسي وزيادة ترسانة موسكو من الصواريخ العابرة للقارات، في مقابل سعي واشنطن لنشر قواعد الصواريخ والأسلحة الثقيلة في أراضي أوروبا الشرقية المنخرطة في إطار حلف شمال الأطلسي.
ويمكن القول إن الدور الروسي في المفاوضات مع إيران 5+1 بشأن الاتفاق على الملف النووي، وكذلك الموقف من نظام الحكم في سوريا، هو عودة محدودة لهذه الحرب الباردة التي تحدّث عنها بريجنسكي، لاسيّما بعد خذلان روسيا في ليبيا وبعد خيبتها في العراق، إضافة إلى مصر، وهي مناطق نفوذ تاريخية بالنسبة للاتحاد السوفييتي السابق، خصوصاً لدوره في موضوع الصراع العربي الصهيوني.
أما هنري كيسنجر «الثعلب العجوز» والألماني الأصل فلم يختفِ عن الأضواء، وظلّ يدلي بآرائه بين فترة وأخرى، وهذه الآراء تلقى اهتماماً كبيراً وأحياناً مبالغاً فيه، لدرجة هناك من يتحدّث عن «حكمة» صاحب «النظرية الواقعية» في السياسة الخارجية. وعلى الرغم من مغادرته البيت الأبيض بانتهاء فترة الرئيس جيرالد فورد في العام 1976، إلاّ أنه كان يقوم ببعض المهمات الاستشارية في الحكومات اللاحقة، وهو ما اعترفت به مؤخراً هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية في إدارة الرئيس أوباما من 20 يناير /كانون الثاني، العام 2009 حتى 1 فبراير/ شباط 2013.
وكان كيسنجر قد انتقد مؤخّراً إدارة الرئيس باراك أوباما متّهماً إيّاها بالفشل، بخصوص التعامل مع تنظيم «داعش»، ودعا إلى شن حرب قوية ضده وعدم التمييز بين العراق وسوريا. ويجب ألا ننسى أن كيسنجر عندما يبحث ويفكّر، فإنه يجمع في شخصه رجل الدولة والباحث والمفكّر، الذي يعطي لما يكتبه أو يقوله أهمية خاصة، وإنْ كان هناك افتراق بين كيسنجر الأكاديمي وكيسنجر السياسي.
أما في مقابلته مع مجلة «دير شبيغل» فقد وجّه كيسنجر انتقادات مباشرة إلى الغرب بخصوص المسألة الأوكرانية، وطلب قراءة جديدة لموقع روسيا، لأنها تريد أن تكون جزءاً من أوروبا، كما خطّأ موقف واشنطن بشأن سوريا، وقال كان يُفترض «التفاهم» مع الروس، في إشارة إلى عودة التوازن الذي كان سائداً في فترة الحرب الباردة، وأخيراً حاول التفريق بين أوروبا والولايات المتحدة، فالأولى تؤمن بالدبلوماسية الناعمة بالدرجة الأساسية، في حين أن واشنطن تؤمن بالقوة التي تأتي الدبلوماسية مكمّلاً لها.
ويعد الرئيس جون كيندي 1960 -1963 أول من اهتم بشكل كبير بمراكز الأبحاث والدراسات، حيث جمع العديد من الكفاءات حوله لتأسيس «مجمّع العقول» الذي أخذ يؤثّر في صناعة وتوجيه القرار السياسي للبيت الأبيض الأمريكي. وكان من أبرز العاملين فيها الذين احتلوا مواقع مهمة لاحقاً، إضافة إلى كيسنجر وبريجنسكي، كل من مادلين أولبرايت وكونداليزا رايس وستيفن هادلي.
ويقوم «تروست» الأدمغة «بتطوير» استراتيجية الدعاية والحرب النفسية وتكتيكها بالاعتماد على وسائل الصراع الإيديولوجي. وارتبط شيئاً فشيئاً بشكل وثيق بالمؤسسات الحكومية، وهو ما دعي، فيما بعد ب«المجمّع السياسي الأكاديمي» وكان ذلك في بداية تكوين «المجمّع الصناعي العسكري» في الستينات.
عُرفت سياسة كيسنجر في الشرق الأوسط باسم سياسة الخطوة خطوة Step by Step، حتى إن بعض الزعماء العرب، أعلن انبهاره بسحر وفاعلية تلك السياسة ووصف الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات مخططَها كيسنجر، بالساحر وصانع المعجزات ورجل الدولة من الطراز الأول.
وعلى الرغم من تمرّغ هيبة رئيسه نيكسون بالوحل العام 1974، إثر فضيحة ووترغيت إلاّ أن نجم كيسنجر لم ينطفئ وقد استطاع توظيف موقعه السابق بما يعطي الانطباع على استمراره الفاعل في السياسة الخارجية، من خلال تصريحات وتحليلات واستشرافات، كان قد قال بعضها في السبعينات ومنها: علينا أن نقيم دويلة وراء كل بئر نفط، وكان من آرائه زعزعة النظام في العراق، عن طريق تشجيع إيران الشاه، بدعم المجموعات الكردية المسلحة، لمشاغلة الجيش العراقي، ومنع مشاركته في التصدي ل «إسرائيل»، وعندما وصلت الأمور إلى لحظة حرجة، لم يكن بعيداً عن حلحلتها، عبر اتفاقية الجزائر العام 1975، بادر إلى «التدخل» لضمان سكوت الحكومة العراقية عن المطالبة بالجزر العربية الثلاث أبو موسى والطنبين، وهو ما كان يريده شاه إيران، مقابل وقف دعم الحركة الكردية المسلحة الذي يريده صدام حسين، إضافة إلى ذلك كان من توجهاته إذكاء نار الصراع بين سوريا والعراق، إضافة إلى مناصبة جمهورية اليمن الديمقراطية العداء السافر، والدعوة لإطاحة نظامها.
أما زبيغينيو بريجنسكي فقد أصبح مديراً لواحد من أهم معاهد الأبحاث الذي أُسس في جامعة كولومبيا العام 1961 وعُرف باسم «معهد القضايا الشيوعية» ويعدّ بريجنسكي من الآباء الروحيين لنظرية بناء الجسور، حيث كان يعمل مستشاراً للرئيس جونسون للشؤون الخارجية، ثم أصبح مستشاراً للأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس جيمي كارتر 1977-1981، ثم عَمِل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
كانت آراء كيسنجر وبريجنسكي، تطبيقاً لنظرية بناء الجسور، التي تم تحضيرها في عهد الرئيس كيندي، وجاء دورها في عهد الرئيس نيكسون، واستمرت لاحقاً، حيث يتم الاستعانة بها، للصراع الحالي ضد «أعداء» الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن تلك النظرية ظهرت في سنوات الستينات، إلاّ أنها ظلّت تحتفظ «بسحر» خاص في الاستراتيجية الأمريكية لحين انهيار الكتلة الاشتراكية، فضلاً عن استمرارها في صراعها ضد «الإسلام» السياسي، وذلك تحت ذريعة أو مبرّر حلول «العصر الأمريكي»، لتعميم نمط الحياة الاجتماعية وطرائق التفكير والوسائل الاستهلاكية الضرورية الأمريكية، تلك التي تفتقر إليها الكثير من البلدان التي تعارض سياسة واشنطن، كما عملت على التسلّل داخل هذه البلدان من خلال أساليب مختلفة، أهمها وسائل الإعلام، ولا سيّما الفضائيات، والثقافة بكل أنواعها، من السينما إلى الفن والأدب، ومن لعب الأطفال إلى الكتب والمطبوعات، ومن الاتصال المباشر إلى الإنترنيت وغير ذلك.
الحرب الباردة الجديدة هي صناعة ل «تروست» الأدمغة القديم.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصمة حقوق الإنسان
- الفساد والحوكمة والتنمية
- تظاهرات العراق: من أين لك هذا؟
- فن الضحك والسخرية في أدب أبو كَاطع
- رصاصة الفراشة وصورة «إسرائيل»
- الديموغرافيا والجيوبوليتكا.. «المعجزة اليهودية الثانية»
- موسم استحقاقات العدالة.. ماذا بعد محاكمة حبري؟
- قانون التمييز والكراهية.. رسائل إلى العالم
- قتل المسلمين.. مسألة فيها نظر
- ماذا بعد ال«لا» اليونانية؟
- «النووي الإيراني».. هزيمة أم انتصار؟
- الثقافة واليسار والتبديد
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 16
- السياسة .. الوجه الآخر للحرب
- داعش وخطر تفكيك العراق
- سوراقيا مشروع خلاص مشرقي – فكر
- داعش وواشنطن وليل الرمادي الطويل !!
- متى يُهزم داعش وكيف؟
- قالوا.. نظام إقليمي عربي
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 15


المزيد.....




- فلسطينيون يتفقدون عيادة الدرج في شمال قطاع غزة بعد تعرضها لق ...
- عودة تقليد عريق.. إعادة تمثيل طقوس الإنكا لتقديم القرابين لل ...
- حريق ضخم قرب قاعدة عسكرية إسرائيلية في القدس (فيديوهات)
- الولايات المتحدة .. تحذير من تفشي ظاهرة العنف المسلح
- رجل مصري يشعل زفافا ومنصات مواقع التواصل برقصه على طريقة ماي ...
- بيسكوف يعلق على تصريح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ...
- لافروف يعلن توقف -بريكس- مؤقتا عن قبول أعضاء جدد
- مصر.. طبيب سوداني يعلق على الضجة الحاصلة بخصوص منشور له عن - ...
- كينيا تعلن حالة الطوارئ وسط احتجاجات شعبية ضد الحكومة
- الدفاع الروسية: بيلاوسوف أبلغ نظيره الأمريكي بخطورة تصعيد ال ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الحرب الباردة الجديدة