الأصلاح .. وقوانين مثل خيوط العنكبوت .!

سالم اسماعيل نوركه

الحوار المتمدن-العدد: 4916 - 2015 / 9 / 5 - 22:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لا يكفي أن يكون للقائمين على أمر الأصلاح القول فقط والقال والقيل وأنما العمل وإرادة قوية بأتجاهه ، ويستخدموها بشكل جيد لأحداث الإصلاح وفاقد الشيء لا يعطيه لذا لابد أن يتصدى للأصلاح النزيه والمحب لوضع الأمور على سكة صحيحة كما لابد أن تُحَرَّك القوانين وَتُفَعَّل في الحرب على الفساد لا أن تُصمَّتْ وتكون ( القوانين مثل خيوط العنكبوت ، تمسك بالذباب الصغير بينما تسمح للدبابير بأختراقها )1 وليس بالضرورة أن يكون لنا كم كبير من القوانين عاطلة لكي تكون الدولة أفضل وإنما ( يكون حكم الدولة أفضل إن كان عندها القليل من القوانين ، وهذه القوانين مرعية بصرامة ) 2.
على أؤلائك الذين في دست الحكم أن لا يكونوا على هامش الحياة ويذهبوا بطريقة مأساوية غير مأسوف عليهم ويسببوا للآخرين الألم والوجع ويضعوا حياة الناس في إطار مظلم قبل رحيلهم ، عليهم العمل بجد وأخلاص وتفاني لنرى إنجازاتهم على الارض للقول بأننا ( هنا لكي نضع بصمتنا في هذا الكون وإلا ما فائدة مجيئنا اليه )3
نٓ-;-حنُ نشهد بحسرة وبألم بالِغَين حال الوطن السيء على يد الفاسدين سواء بالسرقات المباشرة أو بالصرف غير المنتج وهو أقوى أنواع الفساد بدليل إن كُلُّ الثروات التي تدفقت على الوطن من جراء النفط تبخرت بشكل رهيب ، لابد من تقديم المتهمين الى المحاكم من الذين تصدوا بفشل للسلطة من 2003 وللآن وجريمة لا تغتفر إذا نجوا من العقاب الصارم ولم تسترجع الأموال التي نهبت من قبلهم وحقيقة إن من الخطأ الطلب من الفاسد محاربة الفساد في أي موقع كان سواء في السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية أو في السلطة الرابعة ( الصحافة ) .
( إن قولك للظالم أن يكون عادلاً كقولك للمجنون أن يكون عاقلاً فالمجنون يعتقد إنه العاقل الوحيد بين جميع الناس ) 4 .
علينا أن نشخص أؤلائك الذين يضعون ( العربة أمام الحصان ) ويعرقلون عملية الإصلاح التي تنادي بها الجماهير المنتفضة وخصوصاً إن ريحة الفساد طلعت بشكل مرعب حتى وصل الحال بأن الفاسدين هم يصرحون بأنه أشهر من نار على العلم .
من ذَا الذي يمنع المحاسبة والمسائلة وتقديمهم للقصاص العادل ؟! .
( أمَّتْ خدمَتْ بكليور أنكليزلر موافقتْ إيتمِ يور ) 5 ، هذه كانت وصية عبد المحسن السعدون باللغة التركية الذي أمضى شبابه في أسطنبول بوظيفة ( المابين ) تعني التشريفات يمنحها السلطان التركي لأبناء الرؤساء والامراء في الامبراطورية العثمانية وهي في حقيقتها ارتهان لأبنائهم كي لا يثوروا ضدهم حين قدم الى العراق أعتمده الملك فيصل كسياسي محترم وأختاره رئيساً للوزراء ومجلس النواب عدَّة مرات وكان يلاقي معارضة من الذين يسعون الى المنافع الشخصية وهو يرفض حفاظاً على سمعته وكرامته وكانوا يتربصون به ليوقعوه في مشاكل . كانت وصيته تلك باللغة العربية تعني ( الأمة تنتظر الخدمة والانكليز لا يوافقون ) ما يهمني من عبد المحسن السعدون كلامه أعلاه الذي أستوقفني واليوم نحن نطالب بالخدمة وبحقوقنا وبحياة كريمة والاستفادة من ثرواتنا الهائلة التي نتجت عن تدفق بيع النفط فمن لا يوافق ومن أهدر ثرواتنا الهائلة من سن أو شرع للفساد ؟! مثلما قال رئيس الوزراء حيدر العبادي* والذي أتهم الذين سبقوه بشرعنة الفساد وأشار لحكومة 2005 أياد علاوي ** وَلِمَ لَمْ توقف تلك الشرعنة بعد هذا التاريخ لمدة تزيد عقد من الزمان ؟!
لا نقاش بأن هناك فساد شامل في العراق ، فلماذا القانون لايصيد السراق الكبار ؟! ولم لا ننهي الفشل الواضح في إدارة الدولة ونمنع من ممارسة هذا الحق ؟؟ ولم لا يخرج علينا مسؤول ليقول لنا من سرق العراقيين ؟! ولماذا ؟؟
بالأمس عبد المحسن السعدون وضع النقاط على الحروف وقال الإنكليز لا يقبلون ، فمن يعرقل تقديم اللصوص الكبار للتحقيق والمحاكمة ، ليخرج علينا شخص مسؤول وشجاع يقول لنا ما يعجز غيره النطق به ،
الناس يثورون على ضياع كُلُّ شيء ، لِمَ لا يقدم فاسد كبير للآن للقضاء ؟! والسرقات في العراق اليوم أشهر من نار على علم ، أم إن الشعب يحب التظاهر والثورة على لا شيء !؟
متى تصحون من النوم العميق على خراب البلد أم إن هناك أطراف خارجية على أيديكم تريد تحطيم البلد !! .. إن السكوت أصبح أمر غير مقبول على الكل أن يدلو بدلوه المواطن وأصحاب الفكر والكتاب للكشف عن الحقائق .. من سرقنا من أهدر المال والارواح ؟! .. هؤلاء المنتفضين لم يخرجوا إلا لتعديل المسار والحفاظ على ما تبقى من الوطن ، يريد الآخر منا الصمت والقبول بالويلات ! ..
المماطلة بتقديم سراق الشعب سوف يُذهِب البلد الى محطات خطيرة نٓ-;-حنُ في غنى عنها .. ثُمَّ إن الذين يقودون دفة الحكم من 2003 والى اليوم فاشلين والنتائج تحكم ليس الكلام ومن يصرح عكس هذا الكلام عليه أن يعطي الدليل على جنونه أما نحن نقدم لكم الف دليل ودليل على فشلكم .. من تحطيم الصناعة والزراعة وتدهور خدمات من الصحية والعلمية والثقافية وكُلُ الخدمات حتى إنكم لم تستطيعوا بناء أي شيء .. في كُلُّ مجال لكم بصمة فشل والبطالة تضرب بلا رحمة .. ماذا تريدون من الشعب السكوت الى ما لا نهاية ؟! . الشعب يريد تقديم كل الفاشلين والسراق الكبار الى المحاكم وتعديل مسار العملية العرجاء .. فحذاري من البطش بالشعب الثائر .. ولابد من تعديل مسار الانتخابات وطريقة تنظيمها وأجرائها ومحدداتها كي لا يصل فاشل في المستقبل الى تحت قبة البرلمان .. قولُ لنا من يريد تدمير الوطن ؟! قولوا وضحوا الأمر كما قال بالأمس عبد المحسن السعدون .
وختاماً كلام مفيد : ( لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا أنحنيت . ) 6 .
-------------
1- جوناثان سويفت أديب وسياسي أنكليزي - أيرلندي
1667-1745 أشتهر بمؤلفاته الساتيرية ( السخرية ) المنتقدة لعيوب المجتمع البريطاني وسلطة الإنكليز في إيرلندا .
2- رينيه ديكارت 1596-1650 فيلسوف ، رياضي ، فيزيائي فرنسي يلقب ب ابو الفلسفة الحديثة .
3- ستيف جوبز 1955-2011 مخترع وأحد أقطاب الأعمال في الولايات المتحدة ، مؤسس والمدير التنفيذي السابق لشركة أبل .
4- علي الوردي 1913-1995عالم أجتماع ومؤرخ من أعماله وعاظ السلاطين - مهزلة العقل البشري لقب عائلته الوردي جاء من جده الأكبر الذي كان يعمل في صناعة تقطير ماء الورد .
5- عبد المحسن السعدون 1889 - 1929 ، من 1922-1929 تولى رئاسة الوزراء أربع مرات سبقه عبد الرحمن الكيلاني النقيب ، خلفه جعفر العسكري
وهو من رموز الوطنية العراقية توفي في ظروف غامضة بعد أعلانه مناهضة السياسة البريطانية ورفضه توقيع معاهدة 1925.
الدكتور عماد عبد السلام رؤوف أستاذي المبجل المؤرخ المعروف يؤكد وفاته مقتولاً من قبل البريطانيين جريدة العراق العدد 352 ومصادر أخرى تقول بأنه مات منتحراً
6- مارتن لوثر لنغ 1929-1968 زعيم أمريكي من أصول أفريقية ، ناشط سياسي وانساني من المطالبين بأنهاء التمييز العنصري ضد السود حاصل على جائزة نوبل للسلام .
* حيدر العبادي التاريخ سوف يكتب عنه مختصر تعريف .
** أياد علاوي التاريخ سوف يكتب عنه مختصر تعريف .

#سالم_اسماعيل_نوركه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات