حسام روناسي
الحوار المتمدن-العدد: 4915 - 2015 / 9 / 4 - 17:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثر الحديث عن طفل مات كما يموت باقي أطفال العالم، تعددت الاسباب والموت واحد. كثر الحديث عن الطفل الذي لفظته الامواج، كتب الكثيرون لكسب الشهرة ليس إلا. كتب الكثيرون في المواقع الاجتماعية كافة، كتب الكثيرون بانتظار ردود الافعال فقط. كتب هؤلاء وعلّق ونسّب وسبّ وشتم وفسر وشمر عن أرائه حتى بات البعض منهم يتشبه وكأنه جان جاك روسو، ومنهم ربما قد تصور أنه فيكتور هوجو يعود من جديد، كثر الحديث عن حالة هي مشابهة لآلاف الحالات المأساوية الاخرى التي تصيب يومياً أطفال العراق وسوريا ولبنان وفلسطين والسودان وليبيا واليمن الجريح.
صار الذين يكتبون يتلذذون بالكفر ومنهم من يتلذذ بالمعصية، وكأن الله قد أوقع ذلك الطفل في الهاوية، لا أنكر أنها مأساة، نعم إنها مأساة، ولكن ما علاقة الخالق بهذه المأساة بالذات؟ ما علاقة الخالق بموت هذا الطفل البرئ بالذات؟ أم إن المآسي التي تلفظ أرواحاً جمة كل يوم بين طيات الامواج في المتوسط والاطلسي، ليست ذات تأثير على كل من يتابع مآسينا.
المشكلة أن الانسان ضعيف بطبعه، ضعيف في كل شيء، ولكنه يبقى سليط اللسان، سليط الافكار، يظن أنه سوف يتصدى للأقدار بمجرد مقال أو بضعة كلمات مسطرة بإتقان. الانسان ماهو إلا مخلوق ضعيف ممكن وبكل سهولة أن تقتله بعوضة، متناس هذا الانسان الضعيف حجمه الحقيقي والطبيعي إزاء ما خلقه الله من أكوان ومجرات وكواكب وفضاءات .. لو تمكن من مشاهدتها، أي أنسان، على حقيقتها لأخذته الرعدة.
للأسف يتماهل هؤلاء ممن كفروا وسبوا الله وشتموه على مواقع عديدة وخاصة على الفيس بوك، يتماهل هؤلاء بإجهاد أنفسهم ولو قليلاً للتفكر والتمعن، من هو المسؤول عن غرق ذلك الطفل البرئ؟ أهو حقاً الله؟ هل يعقل أن الله يخلق ويحسن في خلقه ويتدبر ومن بعد ذلك يدعو مخلوقه لأن يموت ميتة غير راضية؟
أيها المساكين، أيها الكفرة، رفقاً بأنفسكم، رفقاً بأفكاركم التي لا تنفعكم ولا تنفع قارئها، إن كان لكم رأي، فرأيكم يجب أن ينصب على السبب الحقيقي وراء ذلك الغرق، السبب الحقيقي وراء هذه المأساة، وإلا فسوف تصيبكم أنتم مأساة أخطر وأكثر دماراً .. إن لم تكونوا قد حملتم أرواحكم وألقيتم بها في مهاوي الردى، وشتان بينكم وبين من يقصدهم الشاعر !!
#حسام_روناسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟