سمير دربالي
الحوار المتمدن-العدد: 4914 - 2015 / 9 / 3 - 17:43
المحور:
الادب والفن
تلك الليلة لم أبْك ..لم أنتحبْ ..كنت كمَن بُترتْ حواسه كلها وأُفرغ من شعوره .. دفعتُ جسدي إلى السّرير..فتكوّم كبناية هائلة قُصفت بالدّيناميت ..وظلت روحي يقظة تنظر.. أنين ٌخافت متقطّع وأنفاس أعجزها الطريق الطويل إلى بقع الضوء مافتئت تحبو خافتة خافتة فوق الوسادة ..لعابٌ لزجٌ يسيل من طرف الفم وبقايا دم ..الخيالات تحاصرني ،تطوح بي ..ولا أقوى على نشّها ....غير بعيد عن السّرير لمحت ذلك البوليس الفاجر يضحك مغتبطا..و بقربه برك عبد القادر على ركبتيه يمسك خيطا موصولا إلى ذَكَره كان يُدميه.. أمام باب الغرفة تسمّر بوليس آخر وظل يشير إليّ بسبابته قائلا: هذا هو.. صاحب الجاكت الجلدي .. رأيت في الأثناء أيادي كثيرة تتسابق نحوي ، تمتد لتسحبني من بين الجموع المحشورة في الزاوية الخلفية للمكتبة كالأفاعي طوّقتها النار ..كان يوما مُعدّا سلفا للذبح .. وكنت الضحية المنتقاة .. هكذا بلا سبب ..رأيت "حياة "وهي تنفلت من بين الطلبة و تركض نحوي لتمسكني من طرف الجاكت اللعين..و تسحبني إلى الخلف فيما كانت أياد كثيرة وأرجل تدفعني ككرة صولجان إلى المركز...رأيت آخي يُقلّب هديته التي جلبها الي من ايطاليا مزهُوّا .. رأيت صديقي "التابعي " يركض وراء ذلك القط الأسود الذي ظل يعود في كوابيسه ليمنعه من النجاح..في الأثناء لم تتوقف أمي عن صبّ الماء ..ظلت تدْعك جسدي وتصبّ الماء وأنا أصرخ مرتعدا : يُمّة قرسْت الماء بارد ..يُمّة إني أتجمد ...وهي تقلبني صامتة ..تدعك جسدي ..تدعك .. و تصب الماء ..والماء يسيل ..حتى صار ينزّ من ثقوب جسدي ليملأ القصعة الحديدية ..ويفيض على الغرفة ..كتبي التي اقتنيتها من مكتبة "عبد الستار "القديمة ... وأغاني فائزة أحمد وعبد الحليم ..وناس الغيوان.. وفردة حذائي التي بقيت ،كلها تعوم ..الماء يتسلّق جدران الغرفة .. شيء ما يشدني الى الأسفل .. ولا قشة حولي أتشبث بها..أمدّ رأسي إلى أعلى لأتنفس ..فلا أقدر...عبثا كنتُ أحاول..
#سمير_دربالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟