|
ما اثقل التركة
جهاد الرنتيسي
الحوار المتمدن-العدد: 4911 - 2015 / 8 / 31 - 10:27
المحور:
الادب والفن
يبقى معنى حضوره مفتوحا على اسئلة الباحثين عن طهارة الروح، الحاجة للقيم والكرامة ، التمرد على ما يخدش انسانية الانسان، وحلم المستقبل الذي ينكفئ وهو يراود اجيالا عربية تبحث امتداداتها عن منافي في بلاد الآخرين، للنجاة من موت اكيد . كالنبت البري الذي لا ينتظر اذنا ليشق التراب، اخضرت ذكرى ناجي العلي في عوالم متهالكة، تبحث في افق الغياب عن طوق نجاة، من عفن العجز المستوطن في مفاصلها . امتدت سيرة حنظلة على صفحات التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" و "تويتر" التى حولها العربي المقهور لفضاءات تتحايل على اعلام رسمي ادمن طمس الحقيقة والاستخفاف بعقول متابعيه، وبقدر حضور الارث يزداد تعطش اجيال المقهورين الجدد لمعرفة مناخات واجواء حياة الذي رسم واقعهم قبل ما يقارب ثلاثة عقود محملة بهزائم وازمات، اضيفت الى نكبات ونكسات تصوغ افرازاتها الازمنة . تجد هذه الاجيال بعض ما يروي ظمأها في شهادات الذين عايشوا الفنان الظاهرة عن قرب، عاينوا لوحاته المنشورة وغير المنشورة، استمعوا اليه، شاركوه فكرته ولحظات قلقه، عناده وانحيازه للفقراء ووظيفة الفن المغدورة . كتاب محمد الاسعد "مديح البياض" الذي تضمن مقالات تعود الى زمن سطوع النجم الظاهرة المستعصي على الثقوب السوداء يحاكي مناخات ناجي العلي بعين الناقد الباحث في تفاصيل الظواهر عن اعماقها . تلخص بعض فقرات قصيدة يبدأ بها الاسعد كتابه الذي يصدر في بيروت قريبا رسالة الشهيد ومماته حين تخاطبه "يا ندى البسطاء، ولون البلاد البعيدة والنار ، وهي تقاوم جيلا فجيلا" وتستطرد " ايها الغجري الذي طاردته القبائل باسم الافول، فهيأ فجرا لنا واصيلا" ويكشف في مقالة عنوانها "نبات الظل" عن رؤية ناجي العلي لموقع المثقف في العلاقة مع السياسي ورفضه استهانة الثاني بعقل الاول في الوقت الذي هادن مثقفون فلسطينيون تطاول قيادتهم على مؤسسات منظمة التحرير بما فيها اتحاد الكتاب وشارك بعضهم في انتخاب هيئات صورية بعيدة روح الشرائح التي تمثلها . وفي مقالة "سحر الكرامة" التي تقارب بين الموقف والقيمة الفنية لابداعات ناجي العلي يبحث الاسعد في مرجعيات الفنان الشهيد الذي تحول الى اسطورة بفعله واستشهاده وامتداداته في الثقافة العربية والتراث الانساني، وانحيازه للمسحوقين والمهمشين . شهادة الكاتب عوني صادق الذي عايش ناجي العلي عن قرب خلال عمله في الكويت اقتربت من الانساني في حياة الفنان الشهيد لتحمل قدرا من الدفء رغم اكتفائها بالوقوف على تخوم عوالمه. ففي المداخلة التي قدمها اثناء احياء منتدى الفكر الديمقراطي في عمان للذكرى كان يخاطب زمنا آمن اصحابه بان للافكار حضور الاشجار في حياة البشر تمد جذورها في الارض لترتفع هاماتها . يفسر كتاب الاسعد وشهادة صادق عشرات التعليقات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لتعبر عن مزاج الشارع المنكوب وان غاب عنهما الاشارة لها في الكتاب والشهادة حيث كتبت مقالات "مديح البياض" في زمن سابق للانترنت ولم تتجاوز الشهادة حدود ما يقال في المناسبات الاحيائية . تطل النبوءة التي اتجه اليها وجه حنظلة وهو يدير لنا ظهره حقيقة واقعة مع تدهور الواقع العربي، حيث يموت الانسان غرقا في المتوسط خلال هربه من قوى الظلام، وتقف الخرائط المجزأة مرة اخرى على حواف هاوية التقسيم، تحمل البلاد مناديل الوداع لتفارق اهلها، وتبتلع الهويات الفرعية ابناءها . في سياقات الحديث عن ناجي تتآكل صور اشباه المثقفين لتصير اكثر انسجاما ما واقعهم بعد تحولهم الى اصداء لنغمات نشاز لا يستسيغها مواطن عربي يتجاوز حلمه الزواريب الضيقة . من خلال المحطات التي مر بها المحارب العنيد وهو يدافع عن قناعاته بثقافة تحترم ذاتها نجد بعض ملامح المثقف العضوي الذي تحدث عنه "غرامشي" وتاه مثقفون عرب في دهاليز البحث عن تعويض في تمثله وتتهاوى امام الريح القادمة من تلك المراحل وذلك الوعي الذي نستحقه ويستحق ان نقاتل من اجله اوراق ثقافة ربع الوطن وتجزئة الشعب وحماية المستعمرات على امل ارضاء مستعمر لا يرضى . بعد ما يقارب ثلاثة عقود على استشهاده نذكره واقفا بنزقه في احد معارضه يتجاذب اطراف الحديث مع الشاعر احمد مطر ، يطل علينا في الصحيفة صباحا لندمن قراءتها من اخر صفحاتها، نشاهده في التلفاز ليلا مع عبدالرحمن النجار يتحدث عن اساتذته العمال الفراعنة الذين رسموا همومهم على متون الاهرامات خلال بنائها ويعرض فكرة اللوحات المرايا ، جثة على رصيف لندني ، تمثالا حطم بنذالة على مدخل عين الحلوة ، شخصية حاول تجسيدها الراحل نور الشريف ، نكتشف باننا كنا معه على خشبة المسرح حين اسدل الستار ، نوقن باننا عشنا الزمن الذي يسقط فيه المبدع من اجل فكرة ، وما اثقل التركة .
#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كنت فلسطينيا
-
في غواية المسالك
-
في المسالة الكردية
-
مقامرة المالكي تتجاوز الخطوط الحمراء
-
فهلوة المالكي
-
في الطريق الى جنيف 2
-
مازق الاسلام السياسي و ازمة العقلانيين العرب
-
قيامة الكرد
-
غزة تتمدد في فراغات رام الله
-
الدور والدور المفترض للمعارضة الايرانية
-
طبعة شيعية للاسلام السياسي العربي
-
العصب العاري في سيرة الغبرا
-
بروفا اخيرة لحراس الهواء
-
الموت عطشا
-
بداية البدايات ... ام الحكايات
-
عدمية المقاطعة والاقصاء
-
رواية الحزن العراقي والانسان الباحث عن انسانيته
-
حراك الهوية الاردنية
-
ايران والاخوان المسلمين .... سقوط فرضية التقارب
-
العراق القضية
المزيد.....
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
-
انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني-
...
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
-
الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي
...
-
رحيل عالمة روسية أمضت 30 عاما في دراسة المخطوطات العلمية الع
...
-
فيلم -الهواء- للمخرج أليكسي غيرمان يظفر بجائزة -النسر الذهبي
...
-
من المسرح للهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين، من هو زكريا الزبي
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|