|
مريم التي تستردني كي أكتب
مجدي مهني أمين
الحوار المتمدن-العدد: 4911 - 2015 / 8 / 31 - 09:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قلمي متعثر فلي زمن لم أكتب، هجرت الكتابة كي اتفرغ للكتابة العلمية، كنت- ولازلت- أكتب ورقة بحثية عن التعليم، قلت أترك الكتابة الأدبية وأذهب للكتابة العلمية، أكتب بالورقة والقلم، اترك الكتابة الدافئة، الضاحكة، الباكية، كي أكتب عن التعليم ورقة بحثية، ولكنى وجدت أنه نفس الشغف، بل وجدته نفس الدفء، كنت أكتب بلهفة بشوق بأمل، بحلم، برجاء، كنت- ولازلت- أحاول الإمساك بالنظرية- العلمية- التي يمكن أن تدفعنا كي نتعاون ونعمل معا من أجل تعليم أفضل في قرانا البعيدة المحرومة من كافة الخدمات، ومن التعليم الجيد بالأساس. أمسكت بطرف الخيط، وبدأت في صياغة نظرية في التعاون بين الجمعيات لدعم التعليم بطريقة تدفعنا كي ننطلق ونتقدم أكثر، نالت الدراسة مكانتها في واحد من أهم المؤتمرات العلمية الذي تعد له "Academy of Management أكاديمية الإدارة"، وذهبت بورقتي لفانكوفر بكندا حيث تم عقد المؤتمر ، كلمتهم عن الأمل والحلم والنظرية التي اسعى لتحقيقها في أن التعاون بين الجمعيات ودعم المجتمعات المحلية يتحقق لو امتلكت الجمعيات الأهلية الرؤية وناصية الإلتزام بقضايا مجتمعها، وأيضا لو صدقها الناس وبدأوا بالمشاركة مع الجمعيات في تنمية بلدانهم. بصيص من أمل نحو النور، نحو تعليم جيد، فلا خلاص لنا إلا بتعليم جيد، انساني، غير منحاز، مبدع، خلاق، لا خلاص لنا إلا في مدرسة صديقة للمعرفة، وصديقة للعقل، وصديقة للتلميذ، لا خلاص إلا في معلم متفانٍ في مهنته، وفي محبته لأبنائه من التلاميذ والتلميذات، لن نلحق بالعصر إلا بقاطرة أسمها التعليم الجيد. ثم يأتي كسر الإيهام، فقد كانت "مريم" بمأساتها، بوجهها الريفي، بقريتها "صفط الخمار" وهي واحدة من القرى التي أرى أن علينا أن نبدأ منها التعليم الجيد، فالتعليم الجيد الحقيقي لا يبدأ في المدينة؛ بل لا بد أن يبدأ من القرية، فالقرية هي القاعدة، ولو كانت القاعدة تتعلم تعليما جيدا فنحن على الطريق الصحيح. "مريم" كسرت الطوق، لم تكن في حاجة لجهود الجمعيات كي تنهض بها وبمدرستها، هي نهضت من نفسها، وتفوقت على ظروف قريتها، واجتهدت وحصلت دائما على درجات التفوق.. "مريم" واعدة، حتى إنه عندما رحل والدها وهي في السنة الثانية من الثانوية العامة، أجلت امتحاناتها لعام تالٍ كي تضمن تفوقها، وامتحنت، وكانت المأساة، مريم تحصل على صفر في كل المواد. - صفر في كل المواد!! - نعم. القضية تشرح نفسها، حوارات "مريم" تعكس صلابتها التي لم تكن "مريم" نفسها تعرفها، تعكس وعيها، تعكس مستوى أكبر كتير من الصفر، وهنا يبدأ الوزير شخصيا وجهازه وبطانته بمهاجمة "مريم"، بطعنها في قدراتها، بالتشكيك حتى في قدراتها العقلية، واتهامها بالاهتزاز النفسي، لم يحرجهم صغر الفتاة، وبراءة عمرها من استخدام كافة الوسائل المعتادة في إدارة معاركهم بلا قلب، بلا روح، دون إنسانية، دون رأفة أو حنان. - يمكن صعب نتكلم عن حنان مع جهاز بيروقراطي. - مع إنه من المفروض يكون سهل نتكلم عن حنان الجهاز البيروقراطي، فالدولة مسئولة في الأساس عن سعادة مواطنيها.. سعادة مواطنيها بأن يحصلوا على حقوقهم كاملة غير منقوصة، غير مؤجلة، وبدون إبطاء.. الدول المتقدمة متقدمة لأن المواطن آمن، البنات يجروا في شوارع أو في حدائق هذ الدول بأي ملابس دون أن يجرؤ أحد على جرحهم بنظرة نابية. المواطن لديهم آمن؛ لذا فالمجتمع يتقدم، ما فيش عالي وواطي، ما فيش صاحب نفوذ ياخد درجات بنت غلبانة يديها لأبنه أو بنته، أصلا في المجتمع المتقدم ما فيش غلبان، فيه مواطن، فيه دولة قانون مش دول أمن ودولة نفوذ، فيه دولة مواطن وهي الدولة لا يعرفها سعادة الوزير ولا بطانته، ولا من عبثوا بأوراق "مريم"- كلهم إرهابيون، كل بطريقته، وكلهم يقود البلاد لحافة اليأس. لقد قمنا بثورتين كي نرى الصورة مختلفة، ولابد من ثورة يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي على الفساد والنفوذ والمحسوبية والقهر والظلم والتنكيل بالمواطن في أروقة المصالح الحكومية، نريد ثورة تصحيح تحرر دولتنا من بواقي العقليات الراكدة التي لا تبعث أي أمل، تلك العقليات الي تزيد الشباب الغاضب غضبا، وتقلل جهود الأيدي المخلصة الراغبة في البناء، والأهم أنها تهدر حقوق طفلة مجتهدة كمريم وتفقدها الأمل في بلدها، وفي المعنى السامي للمثل والقيم، عندما يستطيع أصحاب النفوذ أن يضيعوا عليها حقوقها بكل سهولة ودون اكتراث، ثم يحميهم الوزير بدلا من أن يحمي ابنته "مريم"، فالمفروض كوزير تعليم أن يكون هو والد "مريم"، ولأن أبوها رحل من عام أو أكثر فالوزير منوط بملء الفراغ، وليس للأب، أي أب، من دور إلا حماية أبنائه وبناته، والدولة هي الراعي الاول لأبنائها وبناتها، ولابد من ثورة كي تتبوء الدولة دورها، وقتها سنفرح عن حق بانجازات الدولة، سنفرح لأننا سنشعر أننا واحد، لكن هذا الشعور يهتز تحت وطأة ظلم بيحميه وزير المستقبل، وزير رجال ونساء الغد، وزير التربية والتعليم.
#مجدي_مهني_أمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نسخر من حمدين، ونهدد السيسي
-
في معركة الدستور، تؤخذ الدنيا بالمشاركة
-
ضبط النفس.. تطبيق القانون
-
القانون قانون يا أبلة هيلدا..
-
حكومات شفافة وشعب مشارك
-
طابور الوقود الذي ملأ الميادين بالثورة
-
أنا أيضا أؤمن أن الله لن يترك مصر
-
لنتفاوض هذه المرة كثوار، ولنترك التفاوض السياسي جانبا
-
تكدير الصفو العام
-
الشرعية التي تأخرت كثيرا
-
30 يونيو، الثورة تسترد الشرعية
-
هذا ما لزم توضيحه
-
الثورة تزداد نقاء وإصرار..
-
هيا يا أصدقاء نضمد جراحنا، فغداً لدينا يوم عمل شاق
-
الصمود لا العنف
-
الديكتاتور العظيم
-
آخر فرصة..
-
يشكرون المرأة الكفيفة لأنها أيقظت ضميرهم
-
لماذا يستهدفون الوحدة الوطنية؟
-
أين نقف؟ في عرض البحر؟ أم عند الشاطئ؟
المزيد.....
-
-لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر
...
-
نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
-
لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا
...
-
أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض
...
-
عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا
...
-
إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
-
حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
-
من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
-
بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
-
اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|