أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - القائد عبد الفتاح السيسي














المزيد.....

القائد عبد الفتاح السيسي


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4909 - 2015 / 8 / 30 - 09:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وقتها كانت سماء المعترك السياسي ملبدة بالغيوم، الجو معتم والرؤية ضعيفة. الكثيرون في هرج ومرج، في نشوى تقمص أدوار زعامة لا يستطيعون لعبها بعد تخلصهم من حسني مبارك في مخاض احتجاجات 25 يناير 2011، ليصبح الملعب خالياً لهم بعد طول انتظار وتربص. في البداية تم الدفع بالذراع الأيمن لمبارك نفسه، مدير مخابراته عمر سليمان. حاول سليمان جهده، محذراً بقية اللاعبين الجدد من أن عدم الاصطفاف ورائه سوف يأتي بالجيش إلى سدة الحكم مباشرة. لم يسمع له ولم يصدقه أحد، وأخفق وغادر الملعب قبل أن يغادر الحياة كلها بعد وقت قصير. وبالفعل، كما حذر سليمان، تسلم الجيش بنفسه حكم البلاد. لكن أداء كل من حسين طنطاوي وسامي عنان، وزير الدفاع ورئيس الأركان على التوالي، لم يكن أفضل من سليمان، بل حتى أسوأ من مبارك نفسه. تكبدت الغيوم أكثر من ذي قبل، والرؤية أصبحت شبه منعدمة على عموم البلاد. الأشهر تمر، والحال على كافة المستويات من سيء إلى أسوأ. فراغ في الحلقة السياسية العليا، يفرخ فراغات أكبر منها بالحلقات الأسفل التي تفرض بدورها تحديات لا تجد من هو كفؤ لها، وتضع حاضر ومستقبل البلاد على المحك. في النهاية خسر طنطاوي كل شيء، لكنه في المقابل ربح وحدة وتماسك الجيش المصري لما تمالك نفسه ولم يفتعل المشاكل وارتضى الطرد من الملعب بطريقة مهينة على يد الإخوان المسلمين.

تحت حكم الإخوان عاشت مصر وقتاً من التيه والشتات السياسي بمعنى الكلمة، لتتسع الفراغات إلى حد الثقوب السوداء القادرة على ابتلاع أي وكل شيء، ويصل الأمر إلى حد البحث عن ذات وهوية لبلد تجاوز عمره سبعة آلاف سنة من الحكم المركزي! لم يكن الرئيس الإخواني، د. محمد مرسي، بأي حال أو مؤهل هو السياسي المحنك القادر أو المنتظر أن يسد فراغ السلطة بعد مبارك. إذ سرعان ما تكشف أنه الأضعف والأسوأ من الجميع، في ظروف استثنائية بلغت من السوء منتهاه، ولا تملك رفاهية الصبر على الضعف وانعدام الكفاءة. لهذا، وبينما لا تزال في عصمة رئيس شرعي منتخب ديمقراطياً، أخذت السلطة تعري عن مفاتنها بلهفة وشبق لأي من كان يقدر أن يشبع لها فراغاً يكاد يحرقها.

من وسط العتمة والتيه والفوضى وتخبط الكل ضد الكل في كل مكان، لمع أخيراً ضوء خافت في نهاية النفق. بحكم منصبه الرسمي، كانت لديه المعرفة اللازمة بالمعلب واللاعبين؛ كانت لديه المعلومات ويعرف التفاصيل ويعرف ماذا يريد بالضبط. هو من جنس المخططين العسكريين، يعرف جيداً أين تكمن مناطق القوة والضعف، والتوقيت الصحيح للتحرك للأمام أو الخلف، أو الاختباء والتمويه ونصب الأكمنة واقتناص الفرص. وفوق أنه ينتمي لأقوى مؤسسة بالبلاد، كان يتمتع بذات الصفات الشخصية التي كانت تعوز سلفيه طنطاوي وعنان من فوق سدة المؤسسة نفسها. هنا تحديداً كان يكمن الفرق. عبد الفتاح السيسي، كشخص فرد بذاته، تتوفر فيه تماماً مقومات القائد والزعيم القادر على سد الفراغات التي عجز أمامها كل من سبقه. ولما كان مثل هذا الشخص قد ظهر أخيراً، وعلى سدة أقوى مؤسسة بالبلاد تغطي ظهره، كان الأمر قد حسم بالفعل والمسألة مسألة وقت لا أكثر حتى تستوي تظاهرات 30 يونيو 2013.

يمكن تعريف الحكم الناجح بأنه نوع من الديكتاتورية الحميدة، أو احتكار مطلق لصنع القرار السياسي السيادي على المستوى الأعلى سواء عبر توازن مؤسسي ديمقراطي بضوابط دستورية، أو في غياب ذلك باللجوء إلى سياسة العصا والجزرة. المهم أن الحاكم الناجح، مهما كان شكل النظام السياسي الموجود فيه، هو ذلك الذي يستطيع بأقل ثمن ممكن أن يحشد- طوعاً أو كرهاً- من ورائه أكبر عدد ممكن من اللاعبين الرئيسيين ومن عامة الشعب. هو ذلك الشخص الذي يستطيع دائماً أن يبقي على عدد أعدائه أقل من عدد أنصاره، مهما كانت وسائله المستخدمة في تحقيق ذلك. حين وقف السيسي يدلي بمعالم خارطة الطريق التي رسمها لمصر، كان جلياً للكافة بالداخل والخارج أن حشد الأنصار من اللاعبين الرئيسيين وراء ظهره ومن العامة في الميادين غالب بكل المقاييس على حشد أعدائه. ومن قتها حتى اليوم، يتزايد حشد أنصار السيسي والمعترفين بشرعيته بالداخل والخارج، وينزوي خصومه يوماً بعد الآخر. لقد نجح عبد الفتاح السيسي في سد كافة الفراغات السياسية بالداخل، ليحتكر الملعب كله ويتحول إلى ديكتاتور بحق. ما يريده يفعله، دون أن يجرؤ أو يقدر أحد على اعتراضه؛ وقد نجح أيضاً في فرض الاعتراف بشرعيته كأمر واقع على جميع اللاعبين الإقليميين والدوليين بالخارج، ربما باستثناء تركيا وقطر فقط. ربما يكون هو القائد الذي كانت تنتظره مصر والبلدان العربية من بعد عبد الناصر والسادات؛ فهل ينجح في سد فراغات الإقليم مثلما سدها في مصر؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسلمة السياسة، وتسييس الإسلام
- من يحمل وزر الدماء في رابعة؟
- الكائنات العلائقية
- الكائن العلائقي
- المكتفي بذاته النسبي
- المكتفي بذاته المطلق
- الكلمة الناقصة
- إنها يد الله أيضاً
- ماذا أنت فاعل بنا؟!
- ارسم إلهك بنفسك
- الفاشية الدينية والفاشية العلمانية لا تستويان
- حرية التعبير لمحمد وتشارلي
- الإسلام الأزلي وإشكالية الصراع المحتوم
- عرض العصبجية العربية
- وهل فعلاً ثورة 23 يوليو أقامت عدالة اجتماعية؟
- اللادولاتيون العرب
- ماذا يريد الفلسطينيون؟
- علوم الإنسان والأديان
- تبضيع الأنثى
- لعبة الثعبان والفأر


المزيد.....




- العلماء يكتشفون سر -اليوم المثالي-
- السلطات المصرية تغلق عيادة ابنة أصالة نصري
- في أول خطاب له منذ رحيله.. بايدن ينتقد إدارة ترامب
- عصير فاكهة يخفف من التهابات القولون التقرحي بنسبة 40%
- آبل تطور نماذج جديدة من نظارات الواقع الافتراضي
- -مفاجآت تعكس أرفع درجات الكرم-.. سيئول تشيد بتعامل الشيباني ...
- دراسة تحذيرية.. خطر حقيقي في مراتب نوم الأطفال يهدد نمو أدمغ ...
- نائب أوكراني يدعو ترامب للتحرك فورا ضد زيلينسكي قبل -تقويض م ...
- هيئة بحرية بريطانية تبلغ عن تعرض إحدى السفن لحادث اقتراب مشب ...
- أشعة CT تحت المجهر.. فوائد تشخيصية مقابل مخاطر صحية محتملة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - القائد عبد الفتاح السيسي