رعد تغوج
الحوار المتمدن-العدد: 4907 - 2015 / 8 / 25 - 00:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هي أشبه بأرملة ارتطمت بسقف منزلها الوطيء وتوضأت بالدم كي تُدافع عن ملكوت لم يتسرب لهُ الوهن بعد، وكي تتطهر من خطيئة لم تقترفها بيديها التي ستصبح ذات يوم كل كريستالة منها وثيقة لإدانة الاحتلال والتعاليم التوراتية الجديدة.
وفي غزة ثمة أطفال رُضع يُضربون عن الحليب رفقاً بأمهات مذبوحات، وثمة دبابات مصنوعة من فولاذ بشري، تجترح الغصن والزيتون، وتُحارب النحل والورد كي يعترف بأنه ساهم بمُعاداة السامية من خلال رحيقه.
ورغم أن العرب في خريفهم العاري هذا قد تخلوا عنها بحروب بسوسية مع بعضهم البعض، إلا أنها وقفت شامخة كنخلة لا تعرف الإنحناء إلا عند الإنتحار، وما يليق بهذه القيامة هو أضعاف مضاعفة مما يرشح من أبجديات خالدة تحفر عميقاً في وعي الذاكرة الموغلة في القدم.
ورغم أن التاريخ داجن وأكثر من ماكر كما يقول هيغل، إلا أن ثمة نساء أنتصرن وحملن البندقية ودافعن عن الرجال والأبناء، في زمن أصبح ذوي قربى فيه يُعيدون إنتاج داحس والغبراء.
وبعد أن تحول الرعب في غزة إلى قصص بوليسية ودموية مسروقة من الواقع، تصلح لأن تروى للأطفال كي لا يناموا، أنتصرت غزة أخيراً وحاصرت حُصارها، فهي ممهورة بالمستقبل، لأن الجغرافيا هنالك رسولية بأمتياز.
غزة التي أتقنت لعبة التماوت كالغزلان تماماً ، من موتٍ إلى موت، حذفت الأن الفارق بين المهد واللحد، فقيامتها أممية وما من نشيد يليق بها غير الحرية، لأن الشهد والشهيد توأمان ، فهذه هي الحقيقة الأقوى من أي جغرافيا والأبقى من أي تاريخ.
#رعد_تغوج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟