حمزة رستناوي
الحوار المتمدن-العدد: 4905 - 2015 / 8 / 23 - 12:13
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
استكمالا لما ورد في الجزء الأول من هذا النص الحواري, نتابع حوارنا حول هويّة الكائن , حول ما هو الشيء ؟ ما هو الدمّ ؟ هل هو جوهر أم شكل؟ و سينضمّ الى إلينا في هذا الجزء من الحوار د. رائق النقري [ مؤسس مدرسة دمشق للمنطق الحيوي] فهيّا بنا
* فائز البرازي إذا تكلمنا فلسفيا.. فإن أي فلسفة – أي فلسفة - لا تستند إلى القوانين العلمية في : زمنها , و مكانها , لا يعتد بهذه الفلسفة , و تُرمى و لا يهتم بها ..الفلسفة , الفلسفة تستند إلى العلم ..و لم تتناولوا تطابق فلسفتكم – المنطق الحيوي - مع العلم , بل إن العلم يقول بغير ما تقولونه ..
*حمزة رستناوي
إنّ كون الفلسفة -علماً بالمعنى الدقيق لكلمة علم -هذا يحتمل نقاش طويل غير محسوم النتائج , أيا كان , فالمنطق الحيوي رغم تحوّيه مصالح فلسفية إلا أنّها ليست الأساس فيه ,بل هو تقنية رياضية منطقية لها تطبيقات عملية في قياس المصالح المعروضة, و الاكتشافات العلمية خلال القرن السابق تدعم نظرية الشكل و تنفي نظرية الجوهر , و كأمثلة عدم وجود فرق جوهري بين العناصر الكيماوية كالحديد و الاكسجين و اليورانيوم فذرات كل العناصر تتألف من الكترونات تدور حول نواة فيها بروتونات و نترونات, و وفقاً لما هو معروف الآن فإنّ البروتونات والنيترونات تتشكل بدورها من جزيئات أصغر تدعى الكواركات تحدّها غليونات ..الخ . و تختلف العناصر الكيماوية عن بعضها باختلاف عدد الجزيئات ما دون الذرية – التي هي نفسها - عن بعضها البعض, و هناك العديد من المعادلات و التفاعلات التي يجري عبرها تحوّل من عنصر إلى العنصر. و كذلك الاكتشافات العلمية أتاحت لنا نفي وجود جوهراني ثابت للمادة من حيث أنه بالإمكان تحويل المادة إلى طاقة و الطاقة إلى مادة , وفق النظرية النسبية e=mc2 , و كذلك في المثال الذي طرحتَهُ عن الدم , الاكتشافات العلمية أتاحت اكتشاف تركيب الدم و خصائص المختلفة و سياقات تشكّله الفيزيائية الكيميائية البيولوجية المختلفة , لنتصوّر رجل عاش قبل اكتشاف المجهر الضوئي قد يكون ميّالا أكثر لتبني نظرية أن الدم هو جوهر , فهو سائل يرتبط بالحياة ذو لون خاص أحمر , كذلك لكونه يجهل وظيفة الدم " المصالح و الصلاحيات " فهو سائل عجيب سحري ؟ ! هو الدم المقدّس ..الخ و بفعل عوامل ثقافية بيئية ربّما يرى دم قبيلته / طائفته الدينية عرقه ..الخ أو دم الامبراطور أو فرعون دماً مقدّسا إلهيّا يختلف جوهريا عن دماء الآخرين , و كذلك الاكتشافات العلمية أتاحت نفي وجود جوهر للأرض – كمركز للكون - أو جوهر للقمر أو الشمس مثلا , بل أتاحت هذه الاكتشافات تأكيد كون الأجرام السماوية بما فيها الأرض ليست سوى أشكال / طرائق تشكل قانونية للمادة / الطاقة , وفق صيغ و سياقات و ظروف معيّنة في الكون. *رائق النقري المنطق الحيوي ليس فلسفة , وان كان موجودا في كل فلسفة , بل هندسة و ادارة معرفية, و هو يعبّر عنه نفسه بشكل قانوني صالح دائما حتى في حال الوعي والتعبير الخاطئ.
على سبيل المثال : يمكنك القول بكون الكائن اي كائن هو جوهر ثابت , ولكن قولك هذا هو ايضا شكل معرفي وتعريفي وقابل للتغيير , و يحتوى تحديدات تعرّفه وتشكِّله بشكل محدد ,ومن ذلك هو مُحْتَوَى ضمن مفاهيم , و الأهم هو مُحتوى ضمن صلاحيات ومصالح تحدد صلاحيّة ومصالح استعماله . المهم في الامر ان تعريفك و اي تعريف آخر بما فيها تعريف رائق وحمزة و فائز و زياد[ زياد هواش] ..الخ هي مشمولة بصلاحيات و مصالح معينة تقنونه و تتحوَّاه بطريقة احتمالية نسبية قابلة للتغير . هذا التحوّي الذي يتحدد بطريقة تشكل حركي احتوائي احتمالي نسبي هي التي تحدد اي تعبير و اي كائن, بما فيها تعبيرك بوصف الكائن جوهر .
*فائز البرازي القانون الحيوي الخاص لكل كائن يختلف من حيث تحوّيه أبعادا نسبية خاصة به " يتمايز " بها عن غيره من الكائنات من حيث ظروف وطرائق تشكل هذه الأبعاد , هناك قوانين كونية وليس قانون واحد , و أرى ضرورة استخدام كلمة الجمع عند التكلم عن " وحدة القوننة " و استخدام لفظ " وحدة القوانين الحيوية الكونية" بدلا صيغة المفرد. *حمزة رستناوي
المنطق الحيوي يستخدم تعبير القوننة الحيوية الكونية / الاجتماعية, و هو تعبير صالح يهمّش أي خلاف لفظي حول القانون أم القوانين, فقول البرازي السابق على سبيل المثال " الكون جواهر مختلفة غير ثابتة لكل منها طريقة تشكّل " هو اشارة الى قانون يتحوِّى في تطبيقه حالات قانونية متعدّدة محدّدة بالنسبة لكل كائن , و أيّا كان الآمر , فتعابير من قبيل : القوننة الحيوية الكونية / الاجتماعية أو تعبير مرجعية البداهة الحيوية الكونية للمصالح المشتركة أو القانون الحيوي العام (الذي بدوره يتحوَّى حالات قانونية متعيِّنة بدلالة الكائن ) تحلُّ هكذا إشكال. * رائق النقري اذ قلتَ يوجد قوانين مختلفة لكل كائن ,فيمكن قبول ذلك , اذا كان المبدأ الأول لقانون كل كائن أنه جوهر متغير , وبالتالي يكون لدينا مبدأ واحد يشمل كل قوانين الكائنات بوصف كل منها جوهرا ثابتا , ألا ترى – أيّها الصديق فائز - أنّ المشكلة ليست مشكلة كلمات بل المقصود بهذه الكلمات .يوجد قانون حيوي كوني مستقل عن خبرتي ومعرفتي , وعن خبرة ومعرفة كل البشر ,ويوجد ممارسة مستمرة له , و به , وفيه من قبل كل البشر والشجر والحجر ..الخ. أما معرفته , و وعيه فتخضع الى مصالح اجتماعية ظرفية ولغوية ومفردات ومصطلحات ومعادلات ورسوم ,,الخ تمثل مقاربات في صلاحية معرفته ليس بمعنى صلاحية اختراعه بل بمعنى صلاحية كشفه و تدقيقه و قياسه , وتطبيقه .. ولكون مصالحنا الاجتماعية وظرفها الحالي ولغتنا مشتركة فإن مجال الاختلاف الأول هو في معاني و حدود المفردات والمصطلحات المستخدمة لوصف القانون الحيوي للكون , فمثلا يمكن أن تقول يوجد قوانين وليس قانون واحد , هنا أيضا الخلاف بيننا , و ليس بيننا وبين القانون الحيوي الكوني , وهو خلاف لفظي فقط في معنى مفردة و مصطلح قانون واحد أو موحد أو جامع أو شامل بالمقارنة قانون متعدد أو قوانين متعددة , تعمل في كون واحد أو أكوان متعددة. السؤال هل هي مستقلة عن بعضها أم مترابطة ؟ هل هي تخضع لما هو اعلى منها أم ان لكل منها له مرجعيّته الخاصة و المتعارضة مع صلاحيات غيره ؟ الصديق فائز , يمكنك أن تقول قوانين محرك السيارة وقانون محرك السيارة , الفارق هنا لغوي إذا كنا نتحدث عن القنونة كطريقة تشكّل للمحرك , أما إذا كنا نقصد ظروف وخصوصيات كل مُحَرِّك فهنا يمكن القول بقوانين بعضها يشير الى ما هو دائم وشامل لأي محرك , وبعضها خاص بكل محرك , ولكن حتى القوانين الخاصة ما كان لها أن تحدث خارج القانون العام .. ولذلك هي مشمولة في تعبير القانون العام , لكون العام لا يوجد إلا من خلال ما هو خاص , و كما قال أرسطو : لا علم بدون كليات عامة مجرّدة , ولا وجود بدون جزئيات.. ومشخصات محددة وحسية
فالقانون من حيث الحدث النظر المعبر عنه , هو علم نطري و احاطة لغوية أو رياضية أو منطقية أو فلسفية لما هو كلي .. و إلا لا يكون علما ولا قانونا, أما القانون من حيث الحدث الوجودي الممارس له فهو وجود عملي مُشَخَّص خاص محدد يعبّر عن القانون الكلي به و منه , وعبره , وفيه . المهم في القنونة الحيويّة الكونية ,القول أن الكائنات تخضع الى قانون او قوانين لا يهم, و في حال استخدمتَ تعبير قوانين , فلا يمكن القول بكون قوانين الكون لا تتسم بالشمول والتحديد , وألا لما كانت قوانين .. أليس كذلك! و في حال استخدمتَ تعبير قوانين الكون فلا يمكن أن تكون متناقضة بحيث يلغي بعضها بعضاً , وإلا لما كان هناك كون مقنون بقوانين مشتركة وعامة. وفي حال استخدمتَ تعبير قوانين , فلا يمكن أن إلا أن تكون برهانيّة تجريبية , و هذه صفة عامة للقوانين.
***
#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟