|
الشباب العربى فى محك طرق
معتز عمر
الحوار المتمدن-العدد: 1350 - 2005 / 10 / 17 - 08:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عند العرب عشر مشاكل أساسية، إن حَلّوا ثلاثاً منها فقط، ربما ينصلح حالهم، هذه المشاكل الأساسية العشر، هي محور كتاب مقبل لي، قررت أن أنشرها باختصار شديد في مقال، واختصار كتاب في مقال هو أمر ليس بسهل، لكن عزائي هو ان الكتاب كان مقالاً، ولما فشل وتحدد المقال أصبح كتاباً، وهنا أحاول أن أعيده نشأته الأولى، كي يعود مقالا كما بدأ.
* المشكلة الأولى، التي يعاني منها العالم العربي، هي ذلك التناقض الرهيب بين ما يعتمل في رؤوسنا، وبين واقعنا. فهناك فجوة حقيقية ما بين التزأمنا بالأمة العربية في رؤوسنا وعقولنا، وما بين عالم دولتنا المحلية التي تمنحنا شهادات الميلاد وجوازات السفر والدعم في التعليم والصحة، فنحن من ناحية جزء من هذا التكوين الصغير المسمى بـ "الدولة القُطرية"، الذي لا نحترمه في الغالب. ومن ناحية أخرى نحن جزء من هذا الكائن المتخيل المسمى بـ "الأمة العربية"، التي نفتخر بها. باختصار وبلغة الكومبيوتر هناك فجوة ما بين "سوفت وير" الأمة المركب في عقولنا، وبين "هارد وير"، الدولة أو واقعنا المحلي المعاش.
* المشكلة الثانية، هي تلك الفجوة ما بين ماضي الافتخار الذي نتخيله عن الماضي العربي، وواقع الاحتقار الذي نعيشه. فمستوى متوسط دخل الفرد في الدولة المزدحمة، مثل مصر، لا يصل إلى ألفي دولار سنوياً، في أحسن الأحوال. فكيف نتغنى ونفتخر بماض عربي ونحن نعيش واقعا يدعو إلى الاحتقار منه لا إلى الافتخار.
* المشكلة الثالثة، هي مشكلة الاقتصاد والسياسة. ففي كافة أنواع الدول في العالم، يغتني الفرد اقتصادياً وتكتفي حاجاته الشخصية، ثم بعد ذلك ينطلق الفرد من عالم الاقتصاد (الخدمة الخاصة)، إلى عالم السياسة (الخدمة العامة)، هذا هو النموذج في معظم بلدان العالم. أما في عالمنا العربي، فالسياسة هي الخدمة الخاصة، فنحن نذهب إلى السياسة (إلى العام)، من أجل إثراء الخاص، نذهب للسياسة كي نغتني. الوضع عندنا مقلوب، نذهب من السياسة إلى الاقتصاد، وليس من الاقتصاد إلى السياسة.
* تفريعة أخرى من السياسة والاقتصاد، وهي أن العالم العربي يعاني من خلل بين مَن يملك السياسة، وبين مَن يجلس على الموارد الطبيعية. فالحكم في السودان والسياسة للبشير في الخرطوم، بينما يجلس جماعة جون قرنق والجماعات الأخرى على آبار النفط. في العراق، كانت لصدام السياسة، بينما تجلس، ربما الأكثرية الشيعة، على آبار النفط في الجنوب، عند البصرة، والأكراد يجلسون على النفط في الشمال في كركوك والموصل. وقس على هذا معظم الدول العربية، عدم تطابق السياسة مع مصادر الدخل هو أيضاً مشكلة أخرى.
* المشكلة الرابعة هي النفاق السياسي، فبينما تعطي الدولة ممرات الطائرات للأميركان، تعطي ممرات الهواء للشارع القومجي الإسلامي Airstrip to American & Air Waves to the Street، أي أننا نعطي المحطات الفضائية للشارع، والمحطات الأرضية للأميركان.
* مشكلة أخرى وأساسية وهي مشكلة اللغة والمسؤولية، فنحن قوم لا نتحدث بلغة مسؤولة في حديثنا اليومي، فنحن قوم نقول "فاتني القطار" و"لسعتني السيجارة"، بينما يقول الآخرون "أنا الذي تأخر عن موعد القطار" I Missed the Train، فبينما يتحمل الغربيون مسؤولية التأخير، نجد لغتنا اليومية تحمينا من تحمل هذه المسؤولية، القطار هو الذي فاتنا، لا ذنب لنا في ذلك، نحن مجتمع من الملائكة، مفعول بنا ولسنا فاعلين، كل ما يحدث لنا بسبب الخارج، القطار، وأميركا وإسرائيل والغرب.. الخ.
* المشكلة السادسة والأساسية أيضاً، هي تلك الفجوة ما بين الاقتصاد المعلن والمكتوب، وما بين الاقتصاد الخفي (ما تحت البلاطة)، في مصر وحدها مثلا يكون القطاع الخفي من الاقتصاد أضعاف الاقتصاد المعلن. فإذا لم ندخل هذا الاقتصاد غير الرسمي والمجهول داخل اقنية الدولة والمجتمع، فإن الوضع سينتقل من سيئ إلى أسوأ.
* المشكلة السابعة وهي مشكلة وضع اليد كإثبات للأحقية أو الملكية، وبين الملكية والحق القائم على القانون. فمثلا تجد أن رجلاً يقف في الشارع في لأنك تركت سيارتك عنده، هذا الرجل قرر بمفرده أنه يملك هذا الرصيف من الشارع. كذلك الشحاذون يقسمون الحارات في ما بينهم فلا يستجدي احدهم في منطقة تقع في حيازة شحاذ آخر. كما أن الرجل أو المرأة القائمة على حمام الرجال أو حمام النساء، في مطار القاهرة، تطلب منك نقوداً إذا استخدمت هذا الحمام، الذي يفترض أن تكون ملكيته للدولة. الرجل الذي يقف في حمام المطار، قرر خصخصة الحمام. وهذا ينطبق على كثير من المؤسسات التي تخصخص من خلال وضع اليد، وليس القانون.
* المشكلة الثأمنة، وهي مشكلة الحركات التي بدأت في ابتلاع الدول والسلطات، وإن هذا مثل "حزب الله" و"حماس"، فلكل من هذه الحركات جيوش تجوب الشوارع في استعراضات عسكرية ولها رايات وأعلام، كذلك لـ "حزب الله" قناة فضائية، فما الذي يجعله أقل من دولة وهو الذي لديه كل أدوات الدولة.
* اختلاف اتجاه السوق مع توجهات السياسة، فمثلا نجد ان أهل الخليج يصرون على الوحدة العربية مع تونس والسودان والجزائر والصومال، في إطار المشروع السياسي للوحدة العربية، بينما اسواقهم الطبيعية هي دول آسيا من باكستان والهند والصين، حتى اندونيسيا والفلبين، ومن ينظر إلى العمالة الآسيوية في دول الخليج، يدرك مغزى النقطة، فلماذا يصر أهل الخليج على علاقات مع تونس بينما علاقاتهم بالهند قد تكون اقرب الى العلاقات الطبيعية.
المشكلة الكبرى ايضا هي حالة دولة المدينة التي يعيشها العالم العربي باستثناءات طفيفة، فمثلا القاهرة هي مصر، هكذا يقول اهل الصعيد، واهل الدلتا، عندما يذهبون إلى القاهرة، يقولون نحن ذاهبون إلى مصر. مصر هي القاهرة، والعراق هو بغداد أو كان، وسورية هي دمشق.. الخ. ان لم تحاول الدولة السيطرة على الأطراف بشكل اكثر فعالية، فهذا يعضد ويعقد المشاكل سالفة الذكر. ففي الأطراف يدخل الناس في "سوفت وير" الأمة ويخرجون من أجهزة الدولة، والـ "هارد وير" الخاص بها، خصوصاً إذا كانوا ممن يعملون في دول الخليج.
وهذا بالطبع يؤثر على مسألة المواطنة، فكيف تكون مواطناً مصرياً أو سعودياً وأنت جزء من الأمة العربية؟، والمواطنة أمر مربوط بالاقتصاد، فكيف تكون مواطنا وأنت لست بدافع للضرائب؟ وهل يحق لمن لا يدفع ضرائب أن يمثل سياسيا، الشعار الأميركي في أيام الثورة الأميركية كان "لا ضرائب من دونما تمثيل سياسي No Taxation Without representation.
«وأخيراً، مشكلة حجاب المرأة وحجاب الدولة، أنا، كرجل ليبرالي، ليس لديّ أي مشكلة مع المرأة المحجبة، فلتغطى المرأة كل جسمها من أخمص قدميها حتى رأسها، هذه ليست مشكلتي، لكنني كمواطن لديّ مشكلة حقيقية مع الدولة المحجبة، ولدينا بعض الدول المنقبة، نحن نريد حجاب المرأة ولا نريد حجاب الدولة، نريد دولة شفافة "نص كم" نرى كل شيء فيها، أما المرأة، فهـو شــأن شخصي، ولذلك مقال آخر.
#معتز_عمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|