جمال عبد الفتاح
الحوار المتمدن-العدد: 4901 - 2015 / 8 / 19 - 08:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثير من الناس عندما تناقش ماحدث فى رابعة يوم 14 اغسطس 2013 تبداء من نهايتها المفجعة , اى تحاكم الشكل الذى تمت به , القتل الواسع للمعتصمين من قبل قوات الشرطة والجيش . . وعلية تبدء المحاكمة لما تم على انه مذبحة فاعلها معروف , وعلى الجميع ادانتها , دون تفيكر لفهم حقيقة ما حدث , اى تحديد قوى الصراع وطبيعتة وعلاقة ذلك بثورة يناير . . خاصة ان هناك حكومات امريكية واوربية وعربية تدين ماحدث على انه ابادة جماعية , وان ادانتها تنطلق من دفاعها المستميت عن حقوق الانسان ! ! الذى تقتلة تلك الحكومات البربرية باوسع شكل ممكن فى العراق وافغانستان وسوريا وفلسطين واليمن وليبيا ومصر والسودان وتونس . . الخ الخ . . ثم تنعق الى جانبها ما يسمى بمنظمات الدفاع عن حقوق الانسان المأجورة فى بلادنا والعديد من بلدان العالم . . . وكى تتضح حقيقة "مذبحة رابعة " لنبدأ الرواية من اولها بسوآل : من عمل على وجود اعتصام رابعة قبل 30 / 6 , واصر على استمرارة حتى يوم فضة بالعنف من قبل العسكر حلفاء الاخوان , وما هو اهدافه كما حددها القائمين عليه ؟
جماعة الاخوان كقوى رجعية حاكمة من 30 / 6 / 2012 وحليفة للعسكر , ومعادية لثورة يناير منذ يومها الاول , هى من دعت ونظمت وصرفت على اعتصام رابعة قبل خروج الملايين للاطاحة بحكم الاخوان الاستبدادى فى 30 / 6 , بهدف حماية حكم جماعة الاخوان من السقوط , والاستمرار فى الحكم , وتصفية الثورة كما فعلت طوال سنة حكمها الاسود تحت الرعاية الاستعمارية الامريكية , وبمشاركة العسكر وكل مؤسسات الدولة الرجعية . . . ولكن الرياح جاءت بما لا تشتهى سفن الاخوان سريعا على عكس توقعات الكثير من قوى المعارضة . . اذ جاءت انتفاضة 30 يونيه الثورية الكبرى بعشرات الملايين من البشر عكس تقديراتهم , لتفرض على الجميع بما فيهم العسكر اسقاط حكم الاخوان , كما فرضت من قبل رحيل الطاغية مبارك , وكما فرضت ترك مجلس طنطاوى الحكم ايضا فى منتصف 2012 , والمؤكد ان العسكر قد فرضت عليهم الانتفاضة الاطاحة بحكم الاخوان على عكس ما كانو يخططون , باجراء انتخابات رئاسية مبكرة كما جاء بورقة تمرد المخابراتية . ولكن الاخوان رفضوا ذلك باصرار , نتيجة لتقديرهم الخاطئ لقوتهم الجماهيرية , وقوة الدعم الامريكى والاوربى لهم . .
وقد ركب العناد رؤوس قادة الاخوان , كى لا تضيع منهم احلامهم الكبرى فى اقامة دولة الخلافة حتى ولو خاضوا فى بحار من دم الشعب المصرى ؟ لذلك استمروا فى الحشد والتعبئة من جماهير الفقراء واغرائهم بالمال والدعاية الدينية , والخرافات من قبيل ان مرسى صلى بالانبياء فى رابعة وغيرها , وان الاسطول الامريكى تحرك لحماية اعتصامهم . . الخ . ولا يستطيع عاقل ان يقول بعدم وجود اسلحة فى اعتصامى رابعة والنهضة , فالمعلومات الموثقة , وان محاولاتهم لتحرير مرسى من داخل معسكر الحرس الجمهورى كانت مسلحة , والمحاولة الثانية بمد ارض الاعتصام الى عدة مئات من الامتار فى شارع النصر , وما نجم عن المعركتين من هزيمة وخسائر بشرية فادحة للاخوان وانصارهم , لم تسفر عن تغيير اساليبهم فى الصراع على السلطة مع العسكر , بعد ان فرضت الملايين ارادتها على العسكر بحتمية استكمال عملية الاطاحة بحكم الاخوان , بتصفية البؤرتين الاجراميتين فى رابعة والنهضة , واخذت تنتظر وتترقب افعال الطرفين من قوى الثورة المضادة , الاخوان والعسكر . . لترى ماذا تفعل ؟
ولم تتعلم جماعة الاخوان الدرس , وتعترف بالهزيمة , وان من هزمها شعب ثورة يناير , وان العسكر انصاعوا للثورة , وضحوا بحلفائهم حفاظا على مصالحهم ونظامهم , بل واندفعت الجماعة فى اعمال ارهابية فى بين السرايات والمنيل وميدان عبد المنعم رياض والاسكندرية والعديد من المدن المصرية , والتهديد من على منصة رابعة بتصعيد العمليات الارهابية فى سيناء بقصد دفع البلاد باتجاه حرب الاهلية . . وبذلك اصبح استمرار اعتصام رابعة بعد اعتقال مرسى وتعين رئيس جديد ووزارة جديدة , اشبه بمقامرة كبرى فى معركة الاخوان الاخيرة , دعمها الاكبر ياتى من السماء ! ! كما تزعم دعايتهم المضللة حفاظا على جسد الاعتصام من عموم الفقراء المغيبون ! !
ومهما يكن من شئ , فعندما ينحاز الفقراء لاى قوى رجعية فاشية الطابع فى معاركها ضد الثورات والشعوب , يصبحون رصيدا رجعيا وارهابيا للقوى الرجعية التى تخوض بهم معاركها من اجل السلطة والثروة , وضد مصالح هؤلاء الفقراء , وضد الثورة التى تعبر عن العدالة الاجتماعية ومصالحهم التاريخية , فيصبح الفقراء وقود معارك ليست لهم , وضد انفسهم تحت دعاوى عنصرية اودينية كما حدث فى رابعة والنهضة وغيرها , وكما حدث لملايين الفقراء الالمان فى حروب النازية العدوانية, عندما انحازوا لهتلر من اجل السيطرة على العالم . . وكما فى كل الحروب الاستعمارية عبر التاريخ . . يد الفعل الدموى المباشر فيها للفقراء الذين يشكلون جسم الجيوش الاستعمارية , وهنا نسأل : هل من العدالة ان تقع مسئولية الاحتلال والقتل الواسع للشعوب المستعمرة ـ بفتح العين ـ على قادة الحملات الاستعمارية وحكوماتها فقط , ونستبعد اليد ـ الجنود ـ التى تقوم بعملية القتل والابادة المباشرة لصالح الامبراطوريات المستعمرة ؟ ومن هذا المنطلق علينا ان نعفى جنود جيش المحتل البريطانى وهم من الفقراء من جريمة قتلهم للمصريين فى دفاعهم عن وطنهم وفى النضال من اجل تحريره . . وبنفس المنطق المغلوط المعادى للشعوب والثورات علينا ان نبرئ جنود الشرطة والجيش من قتل الثوار المصريين لكونهم من الفقراء , ومجندين اجباريا فى جيش نظام مبارك ؟ وبنفس الطريقة علينا ان نبرئ ما يحدث من ذبح وقتل ااشعوب على يد آلاف الشباب الفقراء الذين يموتون تحت راية داعش فى العراق وسوريا واليمن وغيرها من اجل الدولة الاسلامية المعادية للانسانية مثلها مثل البربرية الاستعمارية العالمية ؟ ! . . .
والتاريخ يعلمنا ان الفقراء عموما يتحولون الى قوى ثورية عندما ينحازون بوعى لمصالحهم التاريخية والثورة والقوى الثورية , ويتحولون الى رصيد للقوى رجعية عندما تسيطر عليهم القوى الرجعية المعادية للثورات الشعبية بايديولوجتها الرجعية , سواء كانت العسكر او الاخوان , وذلك يرجع لحجم وفاعلية وانتشار دعاية وتنظيم القوى الثورية بين طبقات المجتمع صاحبة المصاحة فى الثورة , ونجاحهم فى جذب الفقراء لصف الثورة , وموازين القوى , بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة . . . وهنا يبرز سؤال هام , هل الفقراء الذين انضموا لاعتصام رابعة كانوا منحازين لمصالحهم الاجتماعية والاقتصادية بانحيازهم لجماعة الاخوان التى تخوض معاركها ضد ثورة يناير بالاساس لنصرة النظام الراسمالى , والعودة الى السلطة التى خرج ملايين المصريين للاطاحة بها فى انتفاضة 30 / 6 ؟.
ولقد اصبحت رابعة بؤرة اجرامية تقود من خلالها جماعة الاخوان الرجعية وحلفائها محاولات دفع البلاد الى الحرب الاهلية , وساحة للصرع مع العسكر حلفاء الامس والغد على السلطة والثروة , فى وقت اصبح اكثر من 95 % من الشعب معاد لهم , بعد ان اكتشف حقيقة الاخوان كقوى رجعية معادية لثورة يناير الشعبية خلال سنة حكمهم الاسود وتجارتهم بالدين , مهما ادعت غير ذلك . .
ان مشاركة الفقراء بنسبة تصل لـ 80 % من المعتصمين فى رابعة نتيجة لسيطرة الايديولوجية الدينية على وعيهم , ومواقفهم السياسية , لايعفيهم من المسئولية فى عدم تركهم للميدان قبل فضه بالقوة من قبل الشرطة والجيش , خاصة بعد علمهم بهروب قيادات الجماعة من رابعة قبل يوم من معركة الفض , لانهم رصيد رجعى للقيادة التى ضللتهم , وباعت لهم وهم الشهادة فى سبيل دولة الخلافة المبتغاة , وولت بعيدا عن ساحة المعركة القادمة غدا على حد علمهم . .
فيصبح الحديث عن فض رابعة من قبل بعض القوى السياسية وبعضها يدعى الثورية , ومنظمات حقوق الانسان التابعة للاجنبى , والقوى الاستعمارية الامريكية والاوربية , بانها مذبحة قام بها جيش وشرطة السيسى ضد معارضين سلميين منهم الاخوان , لطمس حقيقة الاخوان كقوى رجعية وارهابية , وتعليق المسئولة برقبة العسكر وحدهم كمجرمين , وهم مجرمين بالفعل ارتكبوا العديد من الافعال الاجرامية ضد الثورة وما زالوا , وبذلك يمكنهم الطعن على موقف شعب الثورة الذى فهم الاحداث على حقيقتها , ان القائم على اعتصامى رابعة والنهضة جماعة رجعية ارهابية معادية للشعب والثورة , وقد غررت بقطاعات محدودة من الفقراء فى معركة ضد العسكر , كقوى معادية للثورة والشعب من اجل العودة الى الحكم . . . هذه هى الحقيقة لمن يريد ان يراها كما حدثت , ويرى معها ضرورة انتصار ثورة يناير الكبرى على اعدائها . . فتلك الاعمال المروعة التى حدثة فى رابعة يوم 14 اغسطس 2013 صراع وتصفية حسابات اجرامية بين قوى الثورة المضادة , العسكر والاخوان , كل منهم يخطب ود ثورة يناير ويزعم انه شارك فيها وحماها وانه بذلك صاحب الحق فى قتل من يشاء , وجنى ثمارها . . .
سؤال اخير لمن يزعمون ان تصفية رابعة مذبحة دفع ثمنها الفقراء : لنفترض ان من خرج من جماهير ثورة يناير اعداد قليلة , ولم تتمكن من الاطاحة بحكم الاخوان , ماذا كان سيفعل الاخوان ساعتها غير تعليق المشانق فى الشوارع لآلاف الثوار وقيادات العسكر , واعتقال عشرات الآلاف , واخماد اى صوت معارض واغراق البلاد فى الحرب الاهلية , وبحار من الدم . . . والبرهان على ذلك ممارساتهم الاجرامية ضد قوى الثورة والشعب خلال سنة حكمهم , وهو نفس طريق الارهاب الرجعة الذى تسير فيه جماعة الاخوان وحلفائها الان باسم استعادة ثورة يناير المغدورة لاقامة دولة الخلافة ؟ ؟
#جمال_عبد_الفتاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟