أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد خليل - مجانية التعليم .. جانية أم مجني عليها ؟!















المزيد.....

مجانية التعليم .. جانية أم مجني عليها ؟!


محمد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 20:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عمل طه حسين على مشروع مجانية التعليم في مصر خلال تولي أحمد نجيب الهلالي وزارة المعارف حيث عملا معا علي مجانية التعليم قبل الثانوي حتى أصبحت أمرا واقعاً في العام الدراسي 1943-.1944 وعند تعيين طه حسين نفسه كوزيراً للمعارف (التربية والتعليم حالياً ) عام 1950 في حكومة النحاس باشا, أصر علي أنه لن يقبل الوزارة إلا إذا تم استكمال مشروع مجانية التعليم ليشمل مجانية التعليم الثانوي, وبالفعل استطاع د. طه حسين خلال توليه للوزارة , أن ينفذ مشروع مجانية التعليم الثانوي والتعليم الفني وعمل على إنشاء منظومة تعليمية تنافس مستويات التعليم الأوروبية حيث تعاقد طه حسين مع أساتذة من فرنسا وإنجلترا لتدريس اللغتين على أيدي الناطقين بها ، تلك هي الحقيقة لمن يريد أن يعرف ، التعليم قبل الجامعي كان يتمتع بالمجانية الكاملة قبل إنقلاب يوليو 1952 أما مجانية التعليم الجامعي بشكل شامل فلم تكن قبل عام 1962 حيث كانت تلاقي معارضة لتطبيقها قبل ذلك في العهد الملكي وبناء عليه فلم يتم إقرارها إلا بعد إنقلاب يوليو 1952 بعشر سنوات ، ولكن هذا لا يمنع أن حتى التعليم الجامعي كان يتمتع بالمجانية المشروطة في العهد الملكي حيث كان بإمكان كل من يحصل في التوجيهية على 60% فأكثر أن يتمتع بالتعليم المجاني للسنة الجامعية الأولى ، و إن حصل على تقدير جيد ، تستمر المجانية ، و أعتقد إنه قرار صائب حتى لا يُحرم النابغون من التعليم لظروف مادية مما يُضيع على الدولة طاقات بشرية تعود عليها بالخير فيما بعد ، أما الآخرون فعليهم تحمل تكلفة ما يتلقوه من علم و إن مكثوا في فترة التعليم الجامعي سنوات و سنوات ، فالدولة غير ملزمة بتحمل كسل الآخرين وعدم قدرتهم على بذل الإجتهاد المطلوب !! ، أوجزت فيما سبق تاريخ مجانية التعليم التي يجب طرحها الآن على طاولة النقاش ودراسة السلبيات و الإيجابيات الناتجة عنها بشكل موضوعي بعد مرور حوالي 53 عاما على فرض مجانية التعليم الغير مشروطة على كل مراحل التعليم بما فيها التعليم الجامعي


عجزت الدولة عن مواكبة عجلة الزيادة السكانية المطردة و إقبالها على التعليم المجاني بدوره مما يجعل الإقبال عليه لا يكلف المواطن شيئا يذكر حتى بات إرسال الطفل إلى المدرسة مثل ورقة ياناصيب تكسب أو لا تكسب و لا تعرف الخسارة ، فإن نبغ الطفل ، إستمر في مجال التعليم و إن فشل ، إتجه إلى أي عمل يدر المال عليه وعلى أسرته ، هكذا تفكر الغالبية الفقيرة من الشعب المصري ، و مع الوقت إعتبرت الأسرة المصرية أن التعليم ضرورة حتمية لا ينبغي الحياد عنها و خصوصاً إنها لا تكلف الأسرة أكثر من خسارة مورد رزق قد يفتحه عليهم الطفل العامل لو ترك التعليم ، ومع زيادة عدد التلاميذ بشكل ضخم وعدم مواكبة الوزارة وميزانيتها لهذه الزيادة ، و عجزها عن إستيعابها دون الخلل بقوة المنظومة التعليمية ، هنا وقع الإنفجار و ترهل التعليم المصري عام بعد عام حتى وصل إلى الحالة المزرية التي نراها اليوم ، مدارس بلا تعليم و وتلاميذ بلا علم ، تكدس المدارس بأكوام من اللحم مما يتستوجب مناهج تلقينية حيث لا فرصة لنقاش ولا جدال تعليمي إبداعي بنَّاء في ظل تكدس الفصول بأكوام لحم يرأسها معلم يجد قوت يومه بالكاد ، حتى أصبحت المنظومة التعليمية برمتها أكذوبة متقَنة


بعد إدراك الأسرة المصرية لخلو المدرسة من أي استراتيجية تعليمية حقيقية وجادة وقابلة للتنفيذ في طريقها لنتائج مرجوة وملموسة على الفرد و مجتمعه و بعد إيمان المدرس بخلو جيبه من أي نقود حقيقية كافية لإحتياجاته الأساسية ، تم الإتفاق الغير معلن على نقل المنظومة التعليمية برمتها إلى الشارع بعيداً عن الدولة و الحكومة و أي سلطة نظامية ، وكانت الدروس الخصوصية هي الحل المُتفق عليه من كل الأطراف بما فيها الدولة نفسها بصمتها تارة و محاولاتها المقاومة الغير جدية تارة أخرى و الإستسلام و التقنين وجني الضرائب من الدروس الخصوصية كعمل مشروع تارة ثالثة وطامة كبرى ووبال شر و إنفلات تعليمي على مصر وحكوماتها المتتالية و التعليم المصري لعشرات السنوات و حتى يومنا هذا


سنقوم في هذا الجزء بتجريد المشكلة الحقيقية والأصلية من كل الفرعيات التبعية ليُفسح لنا مجال أوسع لرؤية أوضح تمهيداً لحل أفلح من كل الجهود المخزية التي قامت و تقوم بها الدولة المصرية حتى اللحظة الراهنة ، تتلخص المشكلة في نقطتين أساسيتين مترابطتين : الكثافة السكانية في ظل مجانية التعليم ، ضعف الميزانية المخصصة للتعليم في ظل مجانية التعليم ، لاحظ أن مجانية التعليم في حد ذاتها لا تعد مشكلة أساسية ولكنها مرتبطة بشكل ما بالمشكلات الأساسية ، فلابد من زيادة الميزانية المخصصة للتعليم لإحتواء ظاهرة الكثافة السكانية ولا أعني هنا بالإحتواء التوسع الكمي فقط و زيادة عدد المدارس والقاعات الدراسية ولكن أعني التوسع الكيفي أيضاً بتطوير المناهج و غلبة روح الإبداع عليها و هذا لن يتحقق إلا في وجود كثافة منخفضة نسبياً بالقاعة لأن الكثافة العالية لا تسمح إلا بمناهج الكتاتيب المعتمدة على الحفظ والتلقين والتكرار بلا أي إنتاج عكسي من طرف المتعلم و هنا يجب أن نشير إلى موضوع التكنولوجيا و أجهزة العرض و الوسائل التعليمية المساعدة حيث أن التكنولوجيا اللازمة في كل قاعة خطوة يجب أن تتبع تخفيض الكثافة و تغيير المناهج و ليس العكس بحيث يكون هناك استراتيجية لإستخدامها وفقاً للمناهج حتى لاتتحول إلى مجرد أصنام في الفصول كما تفعل بعض المدارس من أجل حصولها على شهادة مزيفة لا قيمة لها تمخضت عنها وزارة التربية والتعليم المصرية منذ عدة سنوات و أطلقت عليها شهادة الإعتماد والجودة !!


وأخيرا ، مجانية التعليم بشكلها الإطلاقي الحالي لم تعد مقبولة على الإطلاق بعد أن إنضمت معظم الأسر المصرية لحلف التعليم الغير نظامي بالإشتراك مع المعلم المقهور الذي وجد به ملاذاً للحياة الكريمة كما وجدت فيه الأسر منجى أخير لتعليم مقبول ، يجب أن تخضع مجانية التعليم لإعادة نظر و إخضاعها لقواعد و شروط و إن كان هناك ما يُصرف من قِبل المواطنين على تعليم الشوارع فالتعليم النظامي أولى به ، و إن كان هناك ما يؤخذ من قِبل المعلمين ، فالأولى أن يحصلوا عليه من خلال منظمات تعليمية محترمة ، و أخيراً ، أوجه دعوة صريحة إلى كل من يهمه أمر التعليم في مصر ، إنقلوا تعليم الشوارع إلى مؤسساته التعليمية المنوطه به و لن يحدث هذا إلا برفع ميزانية التعليم عن طريق رفع نصيب التعليم من الدخل القومي من جهة و إعادة النظر في مجانية التعليم و تحليلها وتشريطها و إخضاعها للدراسات الكافية من قِبل المختصين من جهة أخرى



#محمد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقًا ما زال الشعر ديوان العرب
- نقد وحوار حول قصة الشيطان الذي في نفسي
- -نزيف الظلال- بين
- الاسلاميون .. الطريق الى العلمانية !
- العلمانية .. الفريضة الغائبة
- دينك ضعيف .. أتركه!
- الكماشة
- للعلمانية حماة
- مراجعة نقدية لقصة الشطان الذي في نفسي
- القائمة731 ...نقطة ضوء في نهاية نفق مظلم
- الحوار المتمدن..عمر قصير حافل بانجازات كبيرة
- عقلية الاقبية السرية اطلت برأسها من جديد
- ليس بالصدور العارية نحارب الارهاب الدموي
- اين القداسة في اقامة اقليم اداري في الجنوب العراقي
- اسلمة الديمقراطية
- حين تصير القاعدة استثناءا
- حين تخلق الموسيقى حركة تضامن عالمي جديد
- العدالة الاجتماعية مطلب ملح لابد من تظمينه في الدستور
- مايوحد هو اوضح مما يفرق
- نحو لجنة تنسيق لقوى التيار الديمقراطي العراقي


المزيد.....




- الإليزيه يعلن استدعاء السفير لدى الجزائر و-طرد 12 موظفا- في ...
- المغرب يواجه الجفاف: انخفاض حاد في محصول القمح بنسبة 43% مقا ...
- كيف رد نتنياهو ونجله دعوة ماكرون إلى إقامة دولة فلسطينية؟
- أمير الكويت ورقصة العرضة في استقبال السيسي
- الرئيس اللبناني: نسعى إلى -حصر السلاح بيد الدولة- هذا العام ...
- مشاركة عزاء للرفيقتين رؤى وأشرقت داود بوفاة والدتهما
- ويتكوف: الاتفاق بشروط الولايات المتحدة يعني وقف إيران تخصيب ...
- ترامب: مزارعونا هم ضحايا الحرب التجارية مع الصين
- مصر.. أزمة سوهاج تتصاعد والنيابة تحقق في تسريب فيديو المسؤول ...
- نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن الروسية يزور الجزائر


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد خليل - مجانية التعليم .. جانية أم مجني عليها ؟!