|
فكرة الإختيار ودورها في ظاهرة العنف ضد الفلسطينيين في إسرائيل
جعفر هادي حسن
الحوار المتمدن-العدد: 4897 - 2015 / 8 / 15 - 13:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فكرة الإختيار ودورها في ظاهرة العنف ضد الفلسطينيين في اسرائيل جعفر هادي حسن لم يتوقف عنف اليهود الإسرائيليين من متطرفين قوميين وأصوليين متشددين ، ضد الفلسطينيين منذ ظهور الدولة، وهو آخذ بالإزدياد كلما تقدم الزمن وطال أمد الإحتلال، حتى أصبح ظاهرة واضحة المعالم .وعلى الرغم من أن الظروف السياسة قد تكون أحيانا عاملا من عوامل هذا العنف وسببا من أسبابه، لكن أحد أسبابه المتجذرة في الوجدان اليهودي فيما أرى،هو اعتقاد الغالبية العظمى من اليهود بأنهم شعب مختار ومتميز، اختارهم الإله يهوه وفضلهم على الشعوب. وقد ورد التأكيد على هذه الفكرة أولا في كتابهم الرئيس "التوراة" في مواضع كثيرة ومتعددة، ثم في أدبياتهم فيما بعد كالتلمود ثم في أقوال الحاخامين . ففي التوراة نقرأ في سفر تثنية الإشتراع7: 6-8 بالنص التالي" لأنك شعب مقدس للرب الاهك، وإياك اختار الرب إلهك لتكون له شعب خاصا له من بين جميع الشعوب، التي على وجه الأرض، لا لأنكم أكثر من جميع الشعوب تعلق الرب بحبكم واختاركم، فانتم أقل من جميع الشعوب، بل لمحبة الرب لكم، ومحافظته على القسم الذي أقسم به لآبائكم، وهو أخرجكم بيد قوية وفداكم من دار العبودية من يد فرعون ملك مصر" وغير هذا النص كثير. وعندما ألف التلمود انتشرت في ثناياه أقوال تؤكد هذه الفكرة وتعمقها ،وفي الوقت نفسه صاحبتها أقوال سلبية بحق غير اليهود. ففي سنهدرين أحد ى رسائل التلمود أن بني إسرائيل هم الأتقياء وهم الذين سيرثون الحياة الأبدية.وفي رسالة أخرى منه إن عمل بني إسرائيل هو دائما عمل خير، بينما الآخرون قادرون فقط على عمل الشر. وأخذ الحاخامون يجذرون هذه الفكرة في أذهان اليهود بشتى الطرق .وينتقصون من الآخرين. وقد جاء عن حاخاميهم أقوال كثيرة في هذا الخصوص.ومن هذه الأقوال ما قاله أشهر حاخاميهم وفلاسفتهم موسى بن ميمون" أما الذين خارج المدينة فهم كل ِشخص لا عقيدة عنده، لا نظرية ولاتقلدية كأطراف الترك المتوغلين في الشمال، والسودان المتوغلين في الجنوب ومن ماثلهم، ممن معنا في هذه الأقاليم، فحكم هؤلاء كحكم الحيوان غير الناطق، وما هؤلاء عندي بمرتبة الإنسان، وهم من مراتب الموجودات دون مرتبة الإنسان ،وأعلى من مرتبة القرد، إذ قد حصل لهم شكل الإنسان، وتخطيطه وتمييز فوق تمييز القرد . وكذلك ماقاله مؤسس فرقة اللوبافتش الحاخام المعروف شنيور زلمان في كتابه "تانيا" " إن لليهودي نفسين إحداهما قدسية خالصة هي جزء من الإله، وهذه النفس لاتكون إلا في اليهود، وألأخرى حيوانية وهي التي تمد ألإنسان بالحياة وهي تكون في اليهود وغيرهم، ولكنها في اليهود هي خليط من خير وشر.أما في غير اليهود فهي تكون شرا خالصا، لا خير فيها إطلاقا" .وهذا الكتاب الذي كتبه مؤلفه بالعبرية ،قد صدرت منه على ألأقل خمسا وستين طبعة، وهو ما يعني الإقبال على اقتنائه وكثرة قراءته. وقال حفيده الحاخام المشهور مندل شنيرسون، إن جسم اليهودي من أصل يختلف عن عن أجسام كل الشعوب .ومن هذه الأقوال، كذلك قول الحاخام أبراهام اسحق كوك(ت1938) الذي يعتبر وابنه الحاخام زفي الأبوين الروحيين للأصوليين الصهيونيين في وقتنا الحاضر"بأن الفرق بين النفس اليهودية والنفس غير اليهودية ،أكبر وأعمق مما بين النفس الإنسانية والنفس الحيوانية" إلى غير ذلك من أقوال.كما أن هذا الإعتقاد دخل في صلاتهم بقولهم"الحمد لله الذي اختارنا". وقد رسخت فكرة التفوق هذه - بسبب التركيز عليها—في وجدان اليهودي وفي لا شعوره إلى جانب النظرة الدونية للآخرين التي صاحبت فكرة الإختيار لليهود أيضا كما. ذكرت وهذه الفكرة أيضا بدأت بالتوراة ،ومن أمثلة ذلك، ماورد في سفر تثنية الإشتراع 1:7 –5 "وإذا أدخلك الرب ألهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها ،لترثها وتطرد من أمامك أمما كثيرة.... سبع أمم أكثر وأقوى منك وأسلَمَهم الرب الهك بين يديك وضربتهم فحرَمهم تحريما(قتلهم عن آخرهم) لا تقطع معهم عهدا ولاترأف بهم ،ولا تصاهرهم ولا تعط ابنتك لأبنه ولا تأخذ ابنته لإبنك، لأنه يبعد ابنك عن السير ورائي...بل اصنعوا بهم هكذا: تدمرون مذابحهم وتكسرون أنصابهم وتحطمون أوتادهم المقدسة وتحرقون تماثيلهم بالنار" وغير هذا من أمثلة والتي تعمقت في الأدبيات اللاحقة حتى العصر الحاضر.ولذلك أطلق على غير اليهود صفات سلبية متعددة مثل غويم (الأغيار) ومنيم(كافرين) وعقوميم(منحرفين)وغيرها من صفات. وفي تراث اليهود فإن النظرة إلى اسماعيل، الذي يعتقد فيه أنه أبو العرب ليست نظرة إيجابية. فاسحق الأبن الأصغر لإبراهيم، هو الذي قدمه النبي إبراهيم ليضحي به-كما تذكر التوراة – ولم يقدم اسماعيل وأن الرب قد أقام العهد معه، وليس مع اسماعيل الذي هوابن الجارية الذي طرد معها، وأن أصول الشعب اليهودي ترجع إلى اسحق. وفي كتبهم أيضا أن الرب عرض على العرب الشريعة، التي أنزلها وعندما سألوه عما فيها ذكر لهم الوصايا العشر، التي منها لا تقتل لاتسرق لا تزن، رد عليه العرب بأنهم يرفضونها ولايريدونها، وقالوا إننا نريد أن نمارس هذه الأمور.ومثل هذه الأساطير مازالت تدرس في مدارسهم الدينية إلى اليوم ، وكذلك يطلقون على العرب عماليق وهم طبقا للتوراة أعداء العبرانيين التاريخيين"وأن الرب في يوم من الأيام سيمحو ذكر العماليق"كما يعزون ذلك إلى النبي موسى.وكان رئيس الحاخامين السفارديم ألأسبق في إسرائيل عوفاديا يوسف، قد وصف الفلسطينيين بأنهم عماليق هذا الزمان، وقد دعا عليهم أكثر من مرة ليزيلهم يهوه من الوجود.وهكذا تشكات عقلية هؤلاء نحو العرب وأصبح لهم حصة كبيرة من هذه النظرة التي تتسم بالإحتقار والدونية. ولذلك ليس من الغريب أن نجد الغالبية العظمى من طلاب المدارس في إسرائيل يصفون الفلسطينيين بأنهم قتلة ولصوص، عندما أجري أستطلاع بينهم قبل بضع سنوات عند سؤالهم عن تعريف الفلسطيني. وصاحَب الإعتقاد بهذه الفكرة الإعتقاد أيضا بأن فلسطين أعطيت لليهود وحدهم دون غيرهم ولايشاركهم فيها أحد، إذ الآخر يدنسها ويخبثها، والإستيلاء عليها كما يعتقدون وطرد الآخرين منها وقتلهم هو عمل مقدس، لأنه تطهيرلها من هذا الدنس. وقد حمل الغالبية العظمى من المهاجرين هذه النظرة معهم إلى فلسطين فبعد إعلان وعد بلفور وازدياد المستوطنين في فلسطين وتعاظم شوكتهم أخذوا يقومون بتطبيق نظرتهم هذه ضد الفلسطينيين.ولما رأى "أحد هاعام" زعيم الصهيونية الروحية تعاملهم مع الفلسطينيين من هذا المنطلق وعلى أساس هذه النظرة حذرهم من ذلك، وقال لهم في كلام معروف "إن على اليهود أن لايعتبروا أنفسهم متفوقين على العرب، بل إنهم يجب أن ينظروا إليهم على أنهم أناس يعتزون بأنفسهم كثيرا.والإعتقاد بأن كل العرب هم صحراويون برابرة، وأنهم أناس مثل الحمير لايعرفون ما يدور حولهم ولا يفهمونه هوخطأ كبير...إن العرب بخاصة سكان المدن منهم يفهمون جيدا ماذا نريد وماذا نحن نعمل في البلد، ولكنهم يتظاهرون بأنهم لايعرفون ولاينتبهون لأنهم لايرون في الوقت الحاضر أي خطرعلى أنفسهم، أو مستقبلهم فيما نقوم به ، ويحاولون أن يحولوا عمل هؤلاء الضيوف الجدد لصالحهم، ولكن عندما يأتي اليوم الذي تكون فيه حياة شعبنا في أرض إسرائيل قد وصلت إلى درجة ،بحيث تدفع الناس المحليين جانبا، كثيرا أو قليلا فانه سوف لايكون من السهولة أن يتخلوا عن أرضهم."وقال أيضا "إن المستوطنين يجب أن يتعاملوا مع السكان المحليين بحب واحترام" ولكن هؤلاء المستوطنين صموا آذانهم عن نصائح أبناء جلدتهم، واستمروا في الإعتداء على الفلسطينيين والتنكيل بهم، والاأبالية نحوهم، ولذلك ثار الفلسطينيون ضدهم أكثر من مرة كما حدث في عام 1929 و1936. وأخذت هذه ألأفكار تظهر بشكل أوضح بعد نشوء الدولة وظهورقوتها ودعمها لهؤلاء- فأصبحت الدولة القوية تحميه ولاتحمي ألآخر وأصبح اضطهاد الآخر، واستعمال العنف ضده وقتله أمرا سهلا .فأخذوا يجاهرون بالقول بأن وصية لاتقتل لاتنطبق عليهم، إذا قتلوا الفلسطينيين، حتى الأطفال منهم ،وكان الحاخام يسحق شابيرا قد أصدر كتابا عام 2009 بعنوان "توراة الملك" قال فيه إنه يجوز قتل غير اليهود حتى الأطفال منهم ،لأن هؤلاء سيصبحون أشرارا مثل آبائهم عندما يكبرون.وعند صدور الكتاب انتقد بعض المسؤولين مضمون الكتاب في ضجة كاذبة ومفتعلة ،ولكنها مالبثت أن اختفت وخمدت ونشر الكتاب ووزع على نطاق واسع في إسرائيل. واصول هذه الفكرة توجد في أدبياتهم القديمة كما في "بابا كما 38أ" .وأصبحنا نسمع كلاما من هؤلاء يخز الضمير الإنساني بعمق ، ويخدش المشاعر بقوة ،ويجعل من حقوق الإنسان مهزلة حقيقية.مثل قول رئيس الحاخامين السفارديم الأسبق،مردخاي إلياهو "إن حياة طالب المدرسة الدينية (اليشيفاه) تعادل حياة ألف عربي" وكذلك ماقاله الحاخام يعقوب فرن، في رثائه لباروخ غولدشتاين"إن مليون عربي لايساوون ظفر يهودي".ولذلك فنحن لانستغرب من إقدام بعض هؤلاء،على حرق أناس أبرياء وهم أحياء، بل أصبح من يقتل الفلسطينيين من هؤلاء قديسا، كما هو حال باروخ غولدشتاين، الذي قتل 29 فلسطينيا فبُني له صرح على قبره يزوره هؤلاء، ويتبركون به. ----------------------------------------------- *لابد أن نشير هنا إلى أن من اليهود من لايؤمن بفكرة الإختيار،ويعتبرها فكرة عنصرية لاتتفق مع صفات العدل للإله.ومن هؤلاء، الفيلسوف اليهودي سبينوزا (الذي كتبنا عنه فصلا في كتابنا قضايا وشخصيات يهودية). وبعض هؤلاء قد أسسوا فرقا يهودية في القرن العشرين، لها أتباعها الكثيرون والمؤمنون بأفكارها، مثل الحاخام مردخاي قبلان والحاخام شيرون واين.
#جعفر_هادي_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإنتخابات الإسرائيلية بعيون الحركة النسوية
-
يهود أثيوبيا (الفلاشا)
-
العنف ضد المرأة في إسرائيل
-
تاريخ اليهود القرائين منذ ظهورهم حتى العصر الحاضر
-
تدمير دمشق في الفكر المسيحي الصهيوني
-
طقس الكفاروت في ليلة يوم الكفور
-
صراع الحريديم والعلمانيين على المدن في إسرائيل
-
اليهود الحريديم
-
تاريخ العراق الذي ينهب
-
مكوياكفرقة يابانية صهيونية
-
بين إيلان بابيه وبندكت سبينوزا
-
من مفكري الحركة الصهيونية وفلاسفتها: يعقوب كلتزكن
-
قانون العودة وهجرة اليهود غير المعترف بهم إلى إسرائيل
-
جدعون ليغي الصحافي الذي يزعج اسرائيل بكتاباته
-
من تاريخ الحركة النسوية اليهودية
-
الصراع العلماني الديني في اسرائيل اسبابه وتجلياته
-
منظمات يهودية تبحث عن -قبائل بني إسرائيل الضائعة- لتهجيرها إ
...
-
احتفال اليهود بالسنة العبرية الجديدة
-
هوس الديمغرافيا وظاهرة النازيين الجدد في اسرائيل
-
الاحتفاء بحضارة بابل
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|