أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار الموسوي - ابتسامة طارئة














المزيد.....

ابتسامة طارئة


عمار الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 4894 - 2015 / 8 / 12 - 01:06
المحور: الادب والفن
    


في صباحات الفقراء التي تزخر بالجوع كان هو يبتسم بوجهه الاخر رغم بشاعة الموقف وكي لا يضيف لأطفاله ألماً الى احزانهم المستمرة في ذلك الزمن المتوقف وذلك البلد المحتل من قبل ابناءه الغزاة لا شيء على مقاس الفقراء تماما الا الجوع , في احد تلك الصباحات المثقلة بجراحات الجوع التي يخفيها بابتسامته المستمرة التي لا يملك سواهها للرد على امراء الحزن الوطنيين توكل على كل من يعرفه وله صلة بالرب كي يعود ومعه ما يكفي اطفاله شر قطار الجوع الذين هم محطته المفضلة .. الشوارع والساحات كان نصف روادها رجال الامن ونصفها الاخر اما رجال امن مجازين او مخبرين متملقين يعملون لجهاز الامن اضافة الى تجارتهم التي يستعبدون فيها الفقراء اما بقية الناس الذين لا نعطيهم صفة المواطنين كانوا يسكنون السجون او خارج البلد او خارج الحياة ! حينذاك كان هو واقرانه الذين يعملون كحمالين تارة او بائعي سلع رخيصة لا تُشترى تارة اخرى كمحصلة لوصفهم كانوا خارج اطار نظر الجميع كدمى او معدات تستخدم في الانتخابات المحسومة قبل اعلان موعدها او يستخدمون امام كاميرات السلطة في حالة تأييد الحكومة لنفسها !! سار الى ساحة تباع فيها المواد المنزلية المستهلكة وبعض بقايا الاطعمة التي لا تصلح حتى للحيوانات واذا بقوات الامن تنتشر بصورة كبيرة كأنها في اطار بحث دقيق عن نملة في دقيق كانوا يبعثرون وجوه الناس كوريقات اشجار سقطت في قبضة الخريف كانوا يبحثون عن فرد يقال انه مهرب مخدرات او يتاجر بها وكان الجميع يعلم ان هذا الشخص هو تابع الى الحكومة وكان يعمل لصالحها وقد تم تهريبه من البلد الى بلد اخر بسبب تورط ضباط من جهاز الامن معه في اعمال التهريب والتجارة وقد قيل انه وصل الى دولة اوربية قبل اسبوعين !! بدا يسير غير آبه حيث انه لم يكن في تنور الدولة له قرص خبز لم يعير الى ذلك الصخب أي اهتمام بقدر ما كان يفكر بما سيفعله بأربعة فردات من الاحذية التي لا يشبه احدها الاخر ويراد منه ان تباع وتستبدل بطعام ! لا يبدوا ان هذه المقايضة عادلة احذية قديمة لا تتشابه افرادها من حيث القياس واللون مقابل طعام ولكن لا جدوى من التقاعس والجلوس في زمن يداس في كل الجالسين ... سار بتثاقل بسبب حذائه الكبيرة التي لم تكن على مقاسه لم يكن يقصد شيء بكلمة اطلقها في الهواء وهي (لماذا) وابتسم .. يبدوا ان بعض الكلمات يجب ان ترفع من (المعجم الذهني) اذا ما اصبحت الانظمة جائرة ويجب استبدال اللغة احيانا بما يلائم مصلحة النظام لا بل الشعوب يجب استبدالها اذا ما استوجب ,
ذلك انتبه افراد الامن اليه وصاح به احدهم (ماذا تقصد اتقصد لماذا نبحث عن خائن للدولة التي تحميك وتكفل لك العيش الكريم ؟) ابتسم مرة اخرى ونظر الى حذائه الطويلة مما ادى الى استياء رجل الامن وامر ان يلقوا القبض عليه .. القي القبض عليه واقتيد الى معتقل لا يعرف (لماذا) لكنه عرف في الطريق شتى انواع الضرب وعندما اوصل الى المعتقل عرض على مدير المعتقل واذا به ذلك الضابط الذي كان يتردد على تاجر المخدرات !!
جلس امامه صاح به اتريد ان تدمر شباب الوطن ؛ يبدو ان الضابط وجد له تهمة جاهزة تماما وهي المتاجرة بالمخدرات .
قال الرجل: سيدي انا ابيع احذية قديمة
-اصمت ,المخدرات كالأحذية فهي تسير بالوطن الى الهاوية !
يبدوا ان النظام يعتبر الاحذية من المواد المحضورة كون الذي يصل الى مرحلة ارتداء الحذاء ينبغي انه ادرك خطورة شيء والسلطة لا تريد الشعب ان يدرك شيءً ابداً اجتمع الضابط ببقية جهاز الامن واتفقوا على ان يكون هذا الرجل هو ذلك الهارب ويجب ان يوقع اعترافات ذلك الرجل وان لم يوقع فالتعذيب سيكون سيد الحضور اؤتي بورقة مكتوب عليها اعترافات و أُمر بان يوقعها فـرفض ببساطة كونه متعلم ويجيد القراءة انتقلوا معه الى الخطة الاخرى وبداء الجلادون يمارسون معه شتى انواع التعذيب ليومين تغير لون جلده وسقطت معظم اسنانه وكان له ثلاث اضلاع مكسورة ولم يعترف تناوبت عليه كل سياطهم وكل عصيهم الى ان وصلوا لمرحلة يائسة فأقترح احد الضباط ان يجلبوا زوجته ! ساوموه على شيء لم يفعله فجلبوها اليه فبكى لم يسعفه فمه على أي لغة او كلام الا جملة واحدة وهي لا تخسري اطفالك ونفسك فلا زال الرب يطرق ابواب المحتاجين وقال ... اخرجوها من هنا وسأمضي على أي شيء .
كان ذلك كلامه الاخير ذلك الانسان الذي يشق الصخب بصمته وابتسامته ذلك الانسان الذي تفتخر به الإنسانية اتهم بتهريب المخدرات واستبدل اسمه قبل ان يحكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت بشخصية اخرى كانوا طابورا من المحكومين بالإعدام نادى بأسمائهم احد الحراس على ابواب غرفة الاعدام واحداً تلو الاخر فلم يجب بنعم وبقي اخر المتواجدين لكي يهمس بأذن ذلك المنادي وقد قال له انا لست هو فقال له كلنا ليس نحن صعد الى حبل المشنقة حيث كانت منصوبة ثمان مشانق ! ففي بلد يجتاحه خريف العبودية تزهر المشانق في أي مكان ساد الصمت قبل ان يعطى الاذن بالإعدام صاح احدهم اللهم اشهد اني بريء وصاح اخر تباً لهذا النظام وصاح الاخرين حتى صمتوا ابتسم احدهم اخيراً كون المشنقة على مقاسه تماماً عكس حذائه التي اشتراها من فقير اخر على سبيل العراق.



#عمار_الموسوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار الموسوي - ابتسامة طارئة