|
بين العبرانية واليهودية ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4892 - 2015 / 8 / 10 - 13:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بين العبرانية واليهودية .. كتبَ الاستاذ طلال الرُبيعي ،سلسلة مقالات عن أسطورة الشعب اليهودي ، معتمدا على المؤرخ الشهير شلومو زاند ، الذي نشر كتابا بعنوان :"كيف ومتى تم إختراع الشعب اليهودي " ؟! وفكرة الكتاب تقول ، بأن الحركة الصهيونية إخترعت شعبا يهوديا بناءً على الرواية التوراتية . لقد تعرض زاند وكتابه لنقد شديد من بعض اوساط المؤرخين ، وفي المقابل حظي بإطراءات كثيرة ، حصد جوائز عالمية وتُرجم الى أكثر من عشرين لغة .. لكن يبقى السؤال الجوهري ، هل سيُغير كتاب زاند ، من الواقع شيئاً ؟ وهل "ستتراجع " اسرائيل عن سياساتها ؟ ثم ألم يتم خلق شعب "جديد " ، على فرض أنه لم يكن موجودا ؟ الشعب أو الأُمة ، وفي رأيي المتواضع ، يتشكل من مقومات ثقافية (تشمل الدين طبعا )، تاريخ مشترك ، لغة وارض مشتركة . لكن العامل الأهّم في رأيي ، هو الآخر المختلف والمُغاير .. فالشعوب والأُمم التي عاش بين ظهرانيها اليهود ، ساهمت مساهمة كبيرة في "خلق " شعب يهودي .. فالمُمارسات أيام محاكم التفتيش في اوروبا واسبانيا تحديدا ، ضد المُغاير ، اليهودي والمُسلم ، ساهمت وعلى غير ما كانت رغبتها ، في "تعميق" الإنتماء القومي والديني لهؤلاء المطاردين ،من اليهود ديانة والموريسكيين المسلمين . لكن جاءت فترة التنوير ، ليندمج اليهود مع الشعوب الأُخرى وتحديدا اليهود أبناء الثقافة الألمانية الذين إعتبروا أنفسهم ألمانا خُلّص ، إلى أن جاء هتلر والفكر النازي الذي حدّد من هو اليهودي ؟فاليهودي وبناء على الفكر النازي ، هو من كان جده الثالث يهوديا ، مما يعني عمليا ، حتى لو كان هذا الشخص إبناً لوالدين غير يهوديين ، لكن أحد أجداده كان يهوديا "مندمجا " مع البيئة الثقافية والقومية لبلده ، فهذا الجد يُقرر مصير أحفاده المولودين لأبوين غير يهوديين . الغيتوات ، محاكم التفتيش والفكر الفاشي ،كلها عوامل ساهمت في تحديد الهوية الدينية ، بل وأجرؤ على القول ، ساهمت في تحديد "وخلق" هوية قومية خاصة بهؤلاء المواطنين . ولو نظرنا الى حال غالبية يهود الولايات المتحدة ، لعرفنا بأن غالبيتهم المطلقة تنتمي الى التيار الإصلاحي، الذي أدخل اصلاحات كبيرة على الفكر الديني الكلاسيكي الارثوذكسي ،لكي يتمكن اليهود الذين هاجروا الى الولايات المتحدة من الإندماج في المجتمع الجديد . واللافت للنظر بأن الحركة الصهيونية ،أو التيار المركزي فيها ، في فترة ما قبل قيام دولة إسرائيل وفي سنواتها الأولى ، لم يتعامل مع الدولة ككيان يهودي بل ككيان ومؤسسات عبرية . وهكذا كتبَ أوري افنيري في مقال له ، نُشر في جريدة هأرتس :"بعد نهاية الحرب العالمية الثانية شاركتُ في الكثير من المظاهرات ضد الحكم البريطاني . وكانت الشعارات في جميع هذه المظاهرات تقول "هجرة حرة ! دولة عبرية " ، ولا أذكر مظاهرة ، صرخ فيها أحدهم " هجرة حرة ! دولة يهودية " . لقد أعتبرنا شعار "دولة يهودية " ، كالشيء ونقيضه . فكل ما كان يتبع الاستيطان آنذاك كان "عبرانيا " ، وكل ما كان يتبع الجاليات كان "يهوديا " . الزراعة العبرية ، المقاومة العبرية ، المدينة العبرية الأُولى . الدين اليهودي ، المهجر اليهودي ، الهجرة اليهودية . وبمراجعة صحف تلك الأيام ، لم تكن تسمية للأشياء، التي قامت في البلاد بإسم ،"اليهودية "( بل العبرية ) .. حتى في لغة التخاطب اليومي ..." . يقول أوري أفنيري ، بأن إضفاء الصبغة الدينية على المشروع الصهيوني ، جاءت في وقت متأخر جدا . وفي رأيي ورؤيتي ، بدأت الصبغة الدينية تُسيطر على " الحديث العام " ، بعد حرب حزيران عام 67 ، حيث رأت الأوساط الدينية بأنها بداية الخلاص وقدوم المسيح المخلص .. وتحدثت عن قدسية ارض اسرائيل وبأنها أهم من أي شيء آخر ، وهكذا انتشر هذا الفكر المسيحاني في اوساط اليهود بمساعدة الدولة ومؤسساتها التي استعملت الناراتيف الديني ، لشرعنة الاستيطان في الاراضي المحتلة . أوري افنيري ، يقول بأن الموحد لليهود في فلسطين كانت العبرانية ، على إعتبار انتماء اليهود للعبرانيين الأوائل . وسواءً كانت العبرانية هي الموحد لكل هؤلاء أو اليهودية دينا ، فقد نشأ في اسرائيل "شعبٌ " لا يمكن التنكر له وإلغاؤه . بل الأمر الأنكى والأمّر ، هو تفوق هذا "الشعب " الإسرائيلي في كافة المجالات على محيطه العربي . إنه يتفوق تكنولوجيا ، علميا ، حضاريا وعسكريا . وعلى الطرف الآخر ، فقد ساهمت اسرائيل بسياساتها القمعية ، في تنمية وتقوية الشعور القومي لدى الفلسطينيين . فكُلما اشتد القمع ضد "الأقلية " أيةُ أقلية ، كلما ترسخت في نفوس أبنائها مشاعر الإنتماء القومي ، ولا أُريد أن أقول التعصب القومي . فبينما ، كان ابناء الاقلية الفلسطينيين الباقين في اسرائيل ، كانوا على إستعداد "للذوبان " في الدولة ، لكن معاملة الدولة الناشئة لهم ، كانت إقصائية وعدائية، وفرضت عليهم حكما عسكريا شديدا وقاصيا . قوبلت هذه السياسة الرسمية بتعميق الإنتماء للشعب الفلسطيني ، وبتحديد هوية هذه الأقلية كجزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني . العبرة بما تفعلهُ أنت وبما يفعلهُ لك الآخرون .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأول من جوشي للعام 104 ..!!
-
أيُها ألأصدقاء ، تَحَتْلَنُوا ..
-
بين طفولتين ..
-
ألمُجاهدون أليهود ..
-
تَأَسْرَلُوا أو إِرْحَلُوا ..!!
-
-ألضباع- ..تنتشي -بالنصر- ..!!
-
خراب الهيكل
-
خَرابُ حَلَب ..
-
عنصرية -مشروعة ولطيفة - ..
-
قهوة وعنصرية ..
-
-نقاشٌ- مع حمار .
-
دولة أم دولتان ؟!
-
-مجاهدو - المنابر
-
- الترجمة - على أُصولها ..!!
-
-لائحة طعام - ألثورات ..!!
-
الأشرار يكسبون ..
-
من هم دواعش إسرائيل ؟!
-
واللائي لم يَحِضْنَ ..!!
-
إمبراطورية -غزة- ..
-
من أجل خاطر عيون المونوبول ..
المزيد.....
-
إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي
...
-
إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي
...
-
ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
-
سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
-
جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
-
ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟
...
-
كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
-
الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة
...
-
ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل-
...
-
الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|