دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4891 - 2015 / 8 / 9 - 15:02
المحور:
الادب والفن
" الملعون "؛ بحسَب أحد النقوش المصرية القديمة، المسجلة على ورق البردي، هوَ لقب أطلق على أول رجل كان يحاول سرقة هرم الفرعون خوفو ( حوالي 2900 ق. م ). ولكننا سندَع ذلك النقش جانباً، فنمضي إلى حكايتنا.
عندما شارف بناء الهرم الأعظم على الانتهاء، تمّ ابلاغ المهندس بقدوم الفرعون شخصياً إلى مكان العمل. في تلك الظهيرة الصيفية، كانت الشمس المقدسة قد أضحت مثل كرة ملتهبة لا تعِدُ بالخير. على ذلك، تم اختصار مراسيم استقبال من سيصبح بعد مماته صنواً للآلهة.
" لندخلن معاً عبرَ هذا الممر إلى حيث الرطوبة والأسرار "، خاطبَ الفرعونُ مهندسَ الهرم بلهجة احتفالية وغامضة بعض الشيء. فهمَ أفراد الحاشية، ولا غرو، أن سيّدهم يريد أن يكون لوحده خلال جولته الإطلاعية. هكذا دلفَ المهندس أولاً، ثم تبعه الفرعون. على هدي المشاعل الصغيرة، اللطيفة النور، وصل كلا الرجلين إلى حجرة الميت. ثمّة، عاين الفرعون النقوش على الجدران ثم ألقى نظرة خاطغة على الحجرة الأخرى، الأصغر حجماً، المخصصة للوازم الميت من طعام وشراب ولباس وحلي: " أرجو أن تكون الشمسُ أقل حدة، حينما ستخرج روحي كل نهار باتجاه السماء لتحلق فوق الرعية فتبارك زرعهم وكدهم "، قالها هذه المرة بلهجة مرحة.
" هل أنت على ثقة، بأن اللصوصَ لن يعكروا صفوَ إقامتي، الخالدة..؟ "، عاد الفرعون ليتساءل وهو مقطب الأسارير قليلاً. هنا، رأى المهندس أن من واجبه الافاضة في تفصيل أسرار الهرم كي يُدخِلَ الطمأنينة في نفس سيّده. إلا أن هذا الأخير، مثلما بدا من زفيره الثقيل، كان أكثر ضجراً واستعجالاً. أنهى المهندسُ كلامه بسرعة، باسطاً يده في حركة تسليم وكأنما يؤكّد للآخر أن كل شيء سيكون على ما يرام في رحلة الآخرة.
في عهد حفيد الفرعون خوفو، حينما سأل القاضي ذاك اللص " الملعون " عن كيفية توفقه في نقب جدار الهرم، فقد أجيبَ بهذا الكلام: " لم أنقب في أيّ جدار، بل اهتديتُ مصادفةً إلى مدخل سريّ. وعلى الأرجح، فإن مهندس الهرم كان قد صممَ ذلك المدخل كي تستعمله روح الميت في حالةٍ طارئة ".
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟