هوغو رويز دياز
الحوار المتمدن-العدد: 1347 - 2005 / 10 / 14 - 11:16
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
في أيلول/سيبتمبر من العام 2003، ساهمت عشرون دولة جنوبية بقيادة البرازيل والهند وأفريقيا الجنوبية، بافشال مؤتمر منظمة التجارة العالمية في كانكون. وقد حاولت تلك الدولة المجموعة تحت اسم الـ G20 [1] ( دول الجنوب العشرون الكبرى)، دون جدوى، اشتراط التوقيع على اي اتفاقية بمنع المساعدات التي يخصّصها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لمزارعيها. إنّ البرازيل والهند، وأفريقيا الجنوبية التي تضمّ 1,5 مليار مواطن و 12,5 بالمئة من مجمل الناتج المحلّي العالمي، ترغب بلعب دور سياسي واستراتيجي على مستوى ثقلها الديموغرافي والاقتصادي [2].
وقد جعل الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من تدعيم العلاقات بين جنوب أميركا وجنوب أفريقيا إحدى المحاور الرئيسية لسياسته الخارجية: أجرى، منذ انتخابه في العام 2002، أربع رحلات الى أفريقيا، ونظّم قمّة أميركا الجنوبية والدول العربية الأولى، في برازيليا، في 10 و11 أيار/مايو 2005. والصين أيضاً تستثمر في عملية التقارب بين الجنوبيْن، فقد ضاعفت المبادلات الديبلوماسية مع عواصم دول جنوب أميركا [3] واتفاقيات التجارة والتعاون مع دول القارة الأفريقية [4]. من جهة أخرى، وقّعت على اتفاقيات للتعاون الاقتصادي والتكنولوجي مع ستّ عشرة دولة تابعة لأميركا اللاتينية.كما شكلت بكين أيضاً لجنة علمية وتقنية مختلطة، مع البرازيل والمكسيك والتشيلي والأرجنتين وكوبا. وقد أطلقت بكين، في العام 1999، قمراً اصطناعياً لدراسة الموارد الطبيعية، تمّ تصنيعه في الصين والبرازيل، وهنالك قمر آخر قيد التحضير.
إنّ كانت تلك المبادرات تبقى على مسافة من العقيدة المناصرة للعالم الثالث التي كانت سائدة في الستينات والسبعينات، ولا تعيد النظر علناً بالتركيبة الليبيرالية للاقتصاد العالمي، فهي تشكّل مرحلة جديدة في التطور التاريخ البطيء التي فرضت خلاله دول الجنوب نفسها على الساحة الدولية، منذ العام 1945.
وقد لعبت منظمة الأمم المتحدة دوراً حاسماً في استراتيجية الاعتراف الدوليّ تلك. في الواقع، بعد الاستقلالات التي حصلت في الخمسينات والستينات، استخدمت دول العالم الثالث، بشيء من النجاح، المنظمة كمنبر للتعبير من خلاله عن مطالبها، خاصة الاستقلال السياسي والانماء.
إلاّ أنّ ميثاق منظمة الأمم المتحدة، الذي ولد إثر الحرب العالمية الثانية، اعترتْه التناقضات: من جهة، وضع نظاماً للأمن الجماعي والتعاون الدولي، ومن جهة أخرى، خطّط لنظام وصاية في ما يتعلّق ببعض الشعوب الجنوبية. وكان هذا التغليف القضائيّ يشرّع في الواقع لادارة الشعوب المستعمرة [5]. ففي العام 1945، حتى ولو تمكّن القانون الدولي من التكيّف مع ضرورة إبطال مفعول الصراع الذي ينشأ بين الغرب والشرق، فهو بقي تعبيراً تقليدياً عن العلاقات بين الدول التي لم تجد بعد دول العالم الثالث موقعها داخلها. من جهة أخرى، بتركيزها على مسألة الخطيرة في منع اللجوء الى الحرب، حافظ ميثاق الأمم المتحدة على مسألة الهيمنة الاقتصادية التي ستشكّل أساس التوزع السياسي الجغرافي بين الشمال والجنوب.
إنّ استقلال الدول في الخمسينات والستينات بدّل ملامح منظمة الأمم المتحدة وغيّر آلية عملها. كانت نقطة الانطلاق لهذا التحرّك الواسع، مؤتمر باندونغ الأفريقي الآسيوي، في نيسان/أبريل 1955، الذي ضمّ ممثّلين عن تسعة وعشرين دولة وثلاثين حركة تحرّر وطنية [6].وقد تحدّدت أهداف مطالب قادة الجنوب بإنهاء الاستعمار والتمييز العنصري. هكذا وُلدت في العام 1961، حركة دول عدم الانحياز ضمن إطار احتدام الحرب الباردة. ومن خلال رفضها الاصطفاف لجهة احدى الكتلتيْن، فرضت دول العالم الثالث نفسها كقوة كامنة ثالثة.
بدا أنّ ريحا جديدة بدأت تهب على الساحة الدولية. فخلال ما يقلّ عن عشر سنوات، من العام 1955 الى العام 1964، حصلت ثلاث وثلاثون دولة على استقلالها، خاصة في القارة الافريقية [7]. وقد تحوّل تحرير الجزائر، الذي دُفع ثمنه من خلال عملية قمع استعمارية بالغة العنف، الى رمز: هكذا قدّر السيد هنري لوبيز، رئيس وزراء الكونغو السابق، بأنّ بلد المغرب هذا قد "حمل صليب أفريقيا بكاملها"، وبأنّ صراعه ساهم في زوال سلمي للاستعمار في باقي المناطق التابعة للامبراطورية الفرنسية. وفي المنطقة البرتغالية، حقّقت صراعات التحرير النصر في النصف الأول من السبعينات (غينيا بيساو، موزامبيك، أنغولا، الرأس الأخضر وساو تومي).
عندها، وُلد أمل عظيم حاولت دول العالم الثالث تحقيقه لدى منظمة الأمم المتحدة. فبعد أن أصبحت تشكل أغلبية في الجمعية العامة للمنظمة، سعت هذهالدول لوضع السيطرة الاستعمارية خارج القانون الدولي. وفي 14 كانون الثاني/ديسمبر 1960، اعترف القرار 1514 بشرعية الصراعات الهادفة الى التحرير الوطني. ومع أنّ العمل بقانون الأقوى لطالما كان أحد مميّزات القانون الدولي [8]، فقد جرى، للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين الدول، اعتراف قانوني بالتنديد بالعنف الذي يتعرّض له المضطهدون. كانت هذه بداية الكشف عن تناقضات المجتمع الدولي.
في السبعينات، استخدمت دول الجنوب منظمة الأمم المتحدة كمنبر "معادٍ للامبريالية"، يساهم في الاعتراف بحركات التحرير الوطنية، كما حصل بالنسبة لمنظمة التحرير الفلسطينية، في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1974، بعد خطاب تاريخي ألقاه ياسر عرفات أمام الجمعية العامة، أو بالنسبة لمنظمة شعب جنوب غرب أفريقيا، حركة تحرير ناميبيا (المحتلة من قبل أفريقيا الجنوبية)، الذين تمّ قبولهم كمراقبين [9]...
إلاّ أنه، في الأعوام التي أعقبت مؤتمر باندونغ، لم يخلُ التأسيس الرسمي لحركة دول عدم الانحياز، في بلغراد في أيلول/سيبتمبر 1961، من الالتباسات. في الواقع، نشأت الحركة بعد مؤتمر أفريقي آسيوي، غير رسمي، جرى في 26 كانون الثاني/سيبتمبر 1957 في القاهرة. وقد شارك فيه الاتحاد السوفياتي، وهو الذي ساند مصر جمال عبد الناصر في العام 1956 في قضية قناة السويس [10]، والذي كان يعتبر نفسه "حليفاً طبيعياً لدول العالم الثالث"، الأمر الذي شكّك باستقلالية هذا التجمّع. وكانت اليابان أيضاً حاضرة: متشيّعة للولايات المتحدة، كانت هي أيضاً قوة استعمارية سابقة.
ستعاود هذه التناقضات البروز، على طول التاريخ الصعب الذي حاول خلاله الجنوب فرض نفسه داخل اللعبة الدولية. إلاّ أنه، من خلال دمج دول جديدة، ارتفع عدد أعضاء حركة دول عدم الانحياز من خمسة وعشرين الى مئة عضو. وقد تعاقبت العديد من القمم التي شكّلت جمعيات تأسيسية فعلية للدول النامية (القاهرة في العام 1964، الجزائر في العام 1973، هافانا في العام 1979، بلغراد في العام 1989...).
وإنّ "قوة الضعفاء" [11] هذه، التي وجدت في منظمة الأمم المتحدة مجالاً للتعبير عن نفسها، ساهمت بصورة قاطعة في تطوير القانون الدولي، بين العام 1960 و1975، نحو اعتبار أفضل للعلاقات بين الشمال والجنوب. ومن قبل، في العام 1957، وردت في أحدى قرارات الجمعية العامة، عبارة "التخلّف" للمرة الأولى. إلاّ أنّ مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والانماء، في العام 1964، هو الذي حقق للمرة الأولى انتصاراً للعالم الثالث. ويروي السيد روبنز ريكوبيرو، الأمين العام السابق لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والانماء، بأنّ "إزالة الاستعمار قد غيّر المشهد الدولي، واحتوى وعداً، ليس فقط بالاستقلال السياسي، انما أيضاً بالانماء وتحقيق العدالة الاجتماعية لملايين من الأشخاص الذين ينتمون لشعوب كانت منسيّة حتى الآن. [12]"
لكنّ الاستقلال السياسي يبقى في الواقع وهماً، فما زالت قوانين السوق الدولي تحرم الشعوب من ثرواتها لمصلحة مستثمرين أجانب. ويدعم مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية استراتيجيات الاستقلالية الصناعية لدول الجنوب، بمراقبة السلطات العامة، كما تدعم سياسة استبدال الانتاج المحلي بالمنتوجات المستوردة من الدول المتطوّرة. وقد انبثقت عن المؤتمر "مجوعة الـ77" وهي عبارة عن تجمّع دول العالم الثالث، هدفه تحديد مطالبها لدى الأمم المتحدة، وهي تضمّ اليوم 132 دولة.
وقد تمكّن قادة حركة دول عدم الانحياز، الذين كانوا مدركين تماماً للفخّ الاقتصادي الموجودين داخله، وإثر اجتماعهم في الجزائر في العام 1973، من الحصول على تفويض لاجتماع استثنائي للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، في ايار/مايو 1974. وقد خُصّص هذا الاجتماع لمشاكل التنمية، كما انتقد الطبيعة نفسها للعلاقات الدولية. واعترفت الجمعية العامة، بصورة خاصة، أنه "اتّضح من المستحيل تحقيق انماء متناسق ومتوازن للمجتمع الدولي في اطار النظام الاقتصادي الدولي الحالي... يتعارض [هذا النظام] مباشرة مع تطوّر العلاقات السياسية والاقتصادية المعاصرة" (القرار 3201). وقد طالبت الجمعية، بدفع من دول الجنوب، بوضع نظام اقتصادي دولي جديد [13].
وندّدت دول العالم الثالث بعلاقات الهيمنة التي يرتكز عليها المجتمع الدولي، والتي تُؤسّس لقانون "مبيح وليبيرالي وغير مكترث [14]" يُشرّع البؤس. في الواقع، إنّ القانون القضائي يتحوّل الى "خرافة" في حال لم يأخذ بعين الاعتبار عدم المساواة في العلاقات بين الدول [15]. هكذا يتمّ اعادة النظر بالنظام الرأسمالي والنظام الدولي برمّته. والسيد محمّد بدجاوي، الذي كان في حينها ممثلاً دائماً للجزائر لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (أونيسكو)، يرى الأمور بوضوح: " الجميع يعلم بأنّ النظام الحالي هو عبارة عن انعدام خطير للمعنى، إلاّ أنه مستمرّ، أكثر فساداً ممّا كان عليه يوماً...السبب في ذلك يعود، الى أنه بالاضافة لمنطق معاداة الاستعمار والامبريالية، يتطوّر منطق آخر يفترض هو أيضاً تناغماً آخر، يقتصر على الربح والمردوديّة والواقعية الفظّة والقوة [16]".
تمّ تحقيق المطالبة بنظام اقتصادي دولي جديد في نهاية العام 1974، من خلال التصريح عن "الحقوق والواجبات الاقتصادية للدول في علاقاتهم المتبادلة. وقد تمّ التأكيد فيه على: حقّ التأميم (الذي سيتمّ تطبيقه خصوصاً في تأميم الثروات النفطية)، إخضاع الشركات المتعدّدة الجنسيات لقوانين الدولة المضيفة، وضع قوانين للاستثمارات الأجنبية، حقّ مراقبة رؤوس الأموال وتدفّقها، حقّ نزع الملكية عن الممتلكات الأجنبية، حقّ التصرف بالثروات الطبيعية، حقّ الانماء [17]... تشكّل هذه المطالب الاقتصادية أيضاً وسيلة بالنسبة لدول العالم الثالث لتفعيل سلطتها العددية. فهي تنفذ الى برنامج عمل واسع، يتعلّق بالتغذية والتجارة ونقل التيكنولوجيا والأموال، على حدّ سواء.
إلاّ أنّ هذه الطروحات لا تتمتّع إلاّ بقيمة سياسية، وليس لديها قوة قضائية الزامية. وقد أدّى انتصار النظام الليبيرالي، تحت إسم العولمة، عند مفترق الثمانينات، الى وضع حدّ لمحاولات تغيير النظام القضائي الدولي. من جهة أخرى، أدّى غياب الصراع بين الغرب والشرق، من خلال حرمان العالم الثالث من الدولتيْن اللتيْن تضيّقان عليه، الى عزله سياسياً واقتصادياً. إلاّ أنّ مطالب العالم الثالث وجدت ترجمة حسّية لها ضمن مفهوم الملكية العامة الدولية، المعترف بها ضمن اتفاقية مونتيغو باي المتعلقة بقانون البحار في العام 1982. إلاّ أنه لم يتمّ بعد استكمال هذا المفهوم.
اذا كان تحرّك دول الجنوب قد أضاف على الصراع المُعادي للاستعمار والامبريالية مساهمة تاريخية مذهلة، فإنّ إعادة النظر في النظام الاقتصادي السياسي قد فشلت. وبما أنّ العولمة تؤدّي الى تخدير التعاون الاقتصادي والاجتماعي، ننتقل "مع القانون الدولي الانساني، من قانون التحرير والتضامن والأمل الى قانون الحماية والشفقة والقمع [18]".
غير أنّ التناقض بين الشمال والجنوب لم يتغيّر أبداً مع النظام الاقتصادي والتجاري الجديد الذي فرضته الدول المتطورة بدءاً من الثمانينات. وقد ظهرت تكتلات جديدة: الـG90 التي تطالب بإلغاء كافة أشكال المساعدة لتصدير المنتجات الزراعية، وخاصة الـG20، التي تأسّست بصدد المؤتمر الوزاري الخامس لمنظمة التجارة العالمية في كانكون في أيلول/سيبتمبر 2003. وتتألف مجموعة الـG20 - التي يجب تمييزها عن نظيرتها التي أسّستها مجموعة الدول الثماني الكبرى الـG8 [19]- من بعض الدول النامية، وتهدف الى اعادة التوازن لميزان قوى غير عادل في المفاوضات التجارية.
خلال مؤتمر الدوحة في العام 2001، كانت دول الجنوب قد ابتدأت بالتأسيس لتجمّعها، عبر التقدّم ببعض المطالب، منها إلغاء المساعدات المخصّصة للزراعة في الدول الصناعية، والعلاقة بين الدين الخارجي والانماء والتجارة الدولية، واعادة نظر، جزئية بلا شك، في الاتفاقيات الدولية حول حماية الحقوق الفكرية المتعلقة بالصحّة العامة والحصول على الأدوية الاساسية.
وقد أثارت مجموعة الـG20 منذ تأسيسها اهتماماً كبيراً، وخلقتْ توقّعات جديدة، خاصّة بعد أن تمكّنت من خلال تحرّكها الجماعي من إفشال مؤتمر كانكون. منذ ذلك الحين، بدأت مجموعة الـG20 تتنظّم خلال مؤتمرات برازيليا الوزارية، في كانون الأول/ديسمبر 2004، بمناسبة انعقاد مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية الحادي عشر. وقد فرضت نفسها كمحاور شرعي وأساسي في المفاوضات التجارية المتعلقة بالزراعة داخل منظمة التجارة العالمية.
تمثل الدول الأعضاء في الـG20 70 بالمئة من شعوب العالم و26 بالمئة من الصادرات الزراعية الدولية. لكن في حال أُخذت كلّ منها على حدة قد تبدو ضعيفة جداً في وجه الولايات المتحدة: تتأرجح دول أميركا اللاتينية بين مقاومة ادعاءات واشنطن والتخوّف من عمليات قمع محتملة. هكذا، وقّعت التشيلي على اتفاقية تبادل حرّ مع الولايات المتحدة؛ وتُجري كلّ من بوليفيا وكولومبيا ودولة الاكوادور والبيرو ودول أميركا الوسطى مفاوضات لاجراء اتفاقيات مماثلة مع الولايات المتحدة.
كيف سيتمّ تخطّي تعارض المصالح بين القوى العُظمى التابعة لمجموعة الـG20، كالهند والبرازيل، وباقي الدول؟ فالبرازيل، مثلاً، تؤيّد بحماس انفتاح الأسواق الزراعية، بالرغم من دفاعها عن تدخّل الدولة في الزراعة. أما الدول الأقلّ فقراً، فإنها ترغب بحماية منتوجاتها من المنافسة الدولية. وقد تميّزت فنزويلا برئاسة السيد هوغو شافيز، عبر اقتراح الحلّ البديل البوليفاري بالنسبة لأميركا اللاتينية وجزر الكاراييب، الذي يتعارض مع منطق التبادل الحرّ والمنافسة. ويهدف هذا الحلّ البديل، القائم على التعاون والتضامن السياسي والاجتماعي والثقافي والعلمي، الى التعويض عن عدم المساواة البنيويّة التي تشلّ الدول النامية في وجه الدول الصناعية.
ووفقاً للمنطق نفسه، وقّع السيد شافيز وأربعة عشر رئيس دولة وحكومة في منطقة الكاريبي (من أصل ستة عشر)، في 30 حزيران/يونيو 2005، في بويرتو لا كروز (فينيزويلا)، اتفاقية لتأسيس شركة بيتروكاريب النفطية الاقليمية، الأمر الذي يتيح لكاراكاس تصدير بترول لتلك الدول الفقيرة بأسعار مميّزة وتسهيلات واسعة في الدفع.
خلافاً لتجمّعات الستينات والسبعينات، إنّ مجموعة الـG20 لا تعيد النظر بشكل واضح في التنظيم الاقتصادي للمجتمع الدولي، ولا تعبّر عن تأييدها لنظام اجتماعي بديل. وإنْ بدا من خلال هذه المجموعة أنّ دول الجنوب تحاول فرض نفسها في وجه ادّعاءات الدول الصناعية، لا يزال من المُبكر النظر في اعادة تشكيل موازين القوى، واعادة تنظيم المجتمع الدولي. إلاّ أنّ الـG20 تترجم تجديد العلاقات بين الجنوبيْن، الأمر الذي اعترفت به منظمة الأمم المتحدة من خلال تنظيمها، في العام 2004، لنهار سنويّ مخصّص للتعاون بين الجنوبيْن [20].
--------------------------------------------------------------------------------
* عضو في جمعية القضاة الأميركية.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] تضمّ الـG20 كلّ من أفريقيا الجنوبية ومصر ونيجيريا وطانزانيا والزيمبابوي والصين والفيليبين والهند وإيندونيسيا وباكستان وتايلاندا والأرجنتين و بوليفيا والبرازيل والتشيلي وكوبا والمكسيك والأوروغواي والباراغواي وفنزويلا.
[2] Marie-Pierre Paquin-Boutin, “ La nouvelle stratégie commerciale des puissances du Sud ”, Réseau d’information et de solidarité avec l’Amérique latine, 18 mars 2005, www. risal.collectifs.
[3] ذهب الرئيس هيو جينتاو الى البرازيل والتشيلي والأرجنتين وكوبا في تشرين الأول/أوكتوبر من العام 2004. وأتى رؤساء المكسيك وفينيزويلا ودولة الإيكواتور والبرازيل وكوبا الى الصين.
[4] Jean-Christophe Servant, “ La Chine à l’assaut du marché africain ”, Le Monde diplomatique, mai 2005.
[5] إنّ هذا النظام الذي تمّ وضعه في الفصل XII (المادة 75 الى 85) من ميثاق الأمم المتحدة، يتعلق بالأراضي التي كانت خاضعة لانتداب عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى، والدول التي كانت خاضعة لهذا النظام من قبل الدول المسؤولة عن ادارتها (قوى الاستعمار). في العام 1955، في أفريقيا، وحدها ليبيا حصلت على استقلالها، ولم تكن ساحل الذهب (غانا المستقبلية) تستمتع إلاّ بموقع تقرير المصير. كانت قوى الاستعمار تقيم اتفاقيات مع مجلس الوصاية.
[6] Jean Lacouture, “ Bandung ou la fin de l’ère coloniale ”, Le Monde diplomatique, avril 2005.
[7] تونس، غانا، فيديرالية ماليزيا، أوغاندا، كينيا، طانزانيا، المغرب، غينيا، السنغال، ساحل العاج، التشاد، مالي، أفريقيا الوسطى، مدغشقر، الجزائر، الكونغو الزئير، رواندا، بوروندي، بينين، بوركينا فاسو، الكاميرون، غابون، مالاوي، موريتانيا، نيجيريا، سييرا ليون، صوماليا، السودان، توغو، زامبي.
[8] Charles Chaumont., Cours général de droit international public, Recueil des cours de l’académie de droit international de La Haye, 1970, II, p. 345.
[9] مراجعة القرار 2621 (XXV) الصادر في 12 تشرين الأول/أوكتوبر 1970، والقرار 2625 (XXV) الصادر في 24 تشرين الأول/أوكتوبر 1970.
[10] في العام 1956، قرّر جمال عبد الناصر، رئيس مصر، تأميم شركة قناة السويس.
[11] Robert Charvin “ Le discours sur le droit international ”, Introduction critique au droit international, Presses universitaires de Lyon, 1984, p. 40.
[12] André Linard, “ La Cnuced : de la contestation à l’intégration ”, in ONU, droit pour tous ou loi du plus fort ?, Cetim, Genève, 2005, page 209.
[13] تصريح يتعلق بوضع نظام اقتصادي دولي جديد، وفقاً للقرار 3201 (VI)S، 1974.
[14] Mohammed Bedjaoui, Vers un Nouvel Ordre économique international, Unesco, Paris, 1978, p. 62.
[15] Jean Salmon “ Le procédé de la fiction en droit international ”, Revue belge de droit international, Bruxelles, 1974, tome I, p. 35 et ss.
[16] مراجعة القرار 33218 (XXIX)، ميثاق الحقوق والواجبات الاقتصادية للدول، 12 كانون الأول/ديسمبر 1974.
[17] Serge Sur, “ Les phénomènes de mode en droit international ”, SFDI, Colloque de Paris, Le Droit international et le temps, Pedone, Paris, 2001, p. 51.
[19] تأسّست هذه المجموعة في العام 1999، وهي تضمّ الدول الأعضاء في مجموعة الـG8 (الولايات المتحدة، اليابان، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، كندا، إيطاليا وروسيا)، وبعض الدول الكبرى الجديدة (ايندونيسيا، كوريا، الصين، أفريقيا الجنوبية، البرازيل، الأرجنتين، المكسيك، تركيا، بالاضافة الى المملكة العربية السعودية وأستراليا).
[20] جعلَ القرار 220/58 يوم 19 كانون الأول/ديسمبر يوماً سنوياً مخصّصاً للتعاون بين الجنوبيْن.
#هوغو_رويز_دياز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟