غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4885 - 2015 / 8 / 2 - 15:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كـلـمـات تـفـسـيـريـة ضـروريـة...
ومـقـارنـات مـا لا يــقــارن...
(رد بسيط لمعلق فيسبوكي يعتبر أنه رغم اتفاقه معي بما أكتب.. ولكن إذا عدنا إلى القرآن وأصول الدين, لا في سوريا ولا في المشرق.. ولا هنا في فرنسا أو أوروبا.. لا توجد الأخطار التي نــوهــت عنها بكل كتاباتي خلال السنوات القليلة الماضية وما قبل...)
وهذا جوابي لــه.. كما وعدته... وليعذرني لمناداته أو مناداتها سيدتي أو سيدي.. لأن اسمه أو اسمها لا يحدد إن كانا أنثى أو ذكر... وبالنسبة لي الاحترام والتقدير وما تبقى.. يبقى عندي واحدا.. مهما كان.. مهما كان.. لا فــرق ولا تـمـيـيـز عندي اجتماعيا وفكريا وإنسانيا وسياسيا على الإطلاق بين المرأة والرجل.
نقطة على السطر...
وهذا جــوابـي :
أنت وأنا متفقان على الجوهر, وعلى نوعية بوادر الخطر أو الأخطار المتعددة التي واكبتها وعـاشـتـهـا شعوب هذه المنطقة (الأصلية التاريخية) خلال خمسة عشر قرن من تاريخها. وخاصة في بلد مولدنا الصغير ســوريـا.. وما رأيناه من فظائع داعشية خلال السنوات الخمس الماضية يكفيني حتى أضاعف قناعتي وتأكيدي للقلق والحذر.. على بلد مولدي هناك.. وعلى البلد والوطن الذي اخترته هنا.. عن قناعة وفكر ومبدأ...
ولكننا نختلف ــ جزئيا أو نسبيا ــ بالمعالجة, حسب تجاربنا الشخصية والزمنية وخاصة الجغرافية... وأنا يا سيدتي أو سيدي نظرا لأنني عشت فتوتي وأولى أيام شبابي في سوريا, وما تبقى في فرنسا.. تكفيني تجاربي الشخصية هناك وهنا حتى أشــعر بتطور الأخطار المذهبية والطائفية والإثنية التي نتحدث عنها, بشكل آكاديمي علمي حيادي.. دون أي تعصب عرقي. وكل هذه التجارب الواقعية وتطور (الأخطار) هناك وهنا.. تدفعني إلى الحذر ثم الحذر.. وأن نسمي القطة قطة.. دون لف ودوران شرقي.. من لبننة واسعة قريبة في فرنسا... وقد حذرت من هذا الخطر منذ خمسين سنة... وضاعت صرخاتي في وادي الطرشــان... حتى إني أتذكر جواب مسؤول سياسي حزبي فرنسي, مطبطبا على ظهري كأنني تلميذ غشيم قائلا : يا صديقي أنتم الأجانب (علما كنت أحمل مثله الجنسية الفرنسية آنذاك) عنصريون بين بعضكم... لا تــخــف... إن الجمهورية والعلمانية والديمقراطية.. تستطيع هضم كل هذه الإثنيات... ولما رأيته من جديد, يمشي على عكازة.. رغم أننا بنفس العمر.. ولا زال مسؤولا سياسيا (أوسع).. اعتذر بحرارة مني.. وأعطاني كل الحق بما أنذرته بــه من سنوات بعيدة.. لأن الجمهورية الفرنسية ــ مع الأســف الشديد ــ مصابة من عشرين سنة بــعــســر هــضــم عــرقي عنيف.. عنيف جدا.. يتفاقم يوما عن يوم.. وكل الحلول التي تشبه ترقيعات مؤقتة.. فشلت.. فــشــلــت كليا... لأن أصابع داعش والقاعدة والعديد من التنظيمات المختلفة.. بــدأت تظهر بعديد من الأحياء الزنانيرية التي تحيط بغالب المدن الفرنسية والأوروبية الكبرى.. وحتى داخلها ووسطها وجوانبها المختلفة.. حيث تتكدس جاليات إســلامية مختلفة الشروش والجنسيات.. بعاداتها وأعرافها ومظاهرها اللباسية الظاهرة.. ومختلف تحدياتها للقوانين السارية المفعول.. طبقا لدعاة ووعاظ يدعون دوما من أعلى منابرهم في غالب الجوامع التي سيطر عليها سلفيون متطرفون " بأن الشريعة الإسلامية تبقى أعلى من كل شريعة أو قانون محليين " وأنهم يبقون أفرادا من الأمة الإســلامية.. قبل أية جنسية أخرى!!!...
لهذا السبب يا صديقي.. لأنني اؤمن بالعلمانية, وأؤمن بالديمقراطية, ولا أقبل سوى النظام الجمهوري.. فكرا وحياة وسياسة وعقيدة ومذهبا. ولا أي نظام أو مبدأ آخــر... وبعد تــجــربــتــي السورية.. وما تلا من أحداث مرعبة فظيعة رهيبة لا إنسانية هناك.. وجرائم ضد الصحافة الحرة والكاريكاتوريين والكتاب العلمانيين والرسامين والمخرجين ا وضد البشر.. هــنــا.. يــحــق لي أن أخشى وأحذر هناك وهنا.. من امتداد جذور هذه الأخطار السرطانية.. وأن أحذر منها.. وأن أنبه عنها.. نظرا لتجربتي.. ولأن الصمت والحياد, يا سيدتي أو سيدي.. يبقى في نظري منذ بدأت أفكر وأحلل وأختار والتزم.. مشاركة بالجريمة ضد الإنسانية... وخاصة أن هذه الجماعات التي تهدد الإنسانية كلها.. لا تفسر ولا تطبق الدين ومحرماته ومحللاته, سوى حاجاتها ورغباتها وميولها والتي لا تتفق اليوم مع أي فكر إنساني.. ولا مع أية شريعة إنسانية متطورة لخدمة ورفاه الإنسان وضمان حرياته, بأي مكان في العالم الحديث المتطور... ولا يؤمنون سوى بأساليبهم الفظائعية التي تعود بالبشرية إلى عصور الحجر.
بعد هذا اؤكد لك بأنني لست على الإطلاق ضد أي دين, ولا حرية اختيار المعتقد, أو تغيير المعتقد, أو عدم الاعتقاد على الإطلاق بأي مذهب.. من تحليل احترامي والتزامي بحرية الإنسان المطلقة باختيار ما يشاء, وأن يؤمن أو لا يـؤمن بما يشاء.. بشرط ألا يفرض رأيه ومعتقده بالسكين والقنبلة.. على بقية البشر. وخاصة أن يحترم القوانين العلمانية السارية المفعول, بشكل واضح, في البلد الذي يعيش فيه, باختياره. كما لـه إمكانية اختيار البلد الذي يتناسب مع معتقده وإيمانه.. حسب شــريـعة حقوق الإنسان لهيئة الأمم المتحدة...
ولكن عندما نرى النتائج على الأرض في بلاد المشرق.. وحتى في البلاد الغربية.. عندما نسمع خطب الأئمة والشيوخ في الجوامع وفي النقاشات العلنية بوســائل إعلام رسمية, تابعة لدول تدعي أنها حامية الإسلام بكل مكان.. معلنة بنبرات واضحة صريحة أن كل من لا يعتنق الإسلام, كــافــر لن يدخل الجنة.. وهناك خطباء يفجرون حقدهم على الآخر علانية.. بأن هذا الآخر.. لا يستحق الجنة فـحـسـب.. بل لا يستحق الحياة...
إذن كيف تريدونني أن أسمع وأشاهد هذه الخطابات الحاقدة المغموسة بالدم.. ولا أنبه ولا أحذر.. ولا أصرخ ضـد هذا الخطر الجسيم الذي يهدد البشر.. وخاصة ألا أي صوت ولا أي اعتراض من كبار المسؤولين الدينيين في المراكز العالية التي يجب أن تستنكر وتنفي وتعترض... وحتى عندما تفجر الفظائع الجماعية من قتل وتشريد واغتصاب وغزو وتدمير آثار حضارية وتراثات للطوائف الأخرى واختطاف رجال دين وقتلهم.. بلا سبب سوى أنهم من الدين الآخــر.. وكل آخر معرض للسبي والقتل والتكفير وتحليل دمه.. لأنه الآخر........
إذن أين الخطأ بصراخاتي وتحذيراتي... والدفاع عن النفس حق إنساني بجميع الشرائع الدينية والمدنية؟؟؟!!!..........
***********
عــلــى الـــهـــامـــش :
ــ قـارنـوا يـا بـــشـــر...
سيدة إيطالية اسمها Regina Catrambone تملك مع زوجها شركة تأمين على أخطار النقل البحري. استمعا يوما وهما برحلة على يختهما الصغير بسنة 2013 وهما يعبران قرب منطقة Lampedusa الإيطالية هذه المنطقة التي يصل إليها أو يموت قبل الوصول اليها كل الهاربين الطالبين اللجوء من عديد من البلدان الإفريقية والعربية التي يسود فيها الفقر والفوضى والقتل المجاني وانعدام الأمن... سمعا البابا فرانسوا Le Pape François غاضبا موجها نداءه للدول لإنقاذ هؤلاء الهاربين من الفقر والموت... فخصصا كل مدخراتهما وثروتهما الشخصية... لشراء باخرة فيها كل أجهزة المساعدة والانقاذ في البحر.. ورافقهما صحفي إيطالي Stefano Liberti متخصص بمتابعة هؤلاء الهاربين في البحر.. وخاصة القادمين عبر الشواطئ الليبية, وكل ما يلاقون من أخطار وسبي وموت... وأسسوا معا رابطة غير حكومية مهمتها الوحيدة إنقاذ الهاربين بالبحر بلا فيزا رموزها MAOS اختصارا للتسمية الكاملة
Migrant offshore aid station
وباخرتهم التي تجتاز البحار, غير عابئة بالانذارات والتهديدات الحكومية والقرصنة, وفيها طواقم واطباء متطوعون واختصاصيون بالانقاذ... كلهم متطوعون... خلال العام الماضي على باخرتهم المسماة Le Phoenix ساعدوا آلاف الأفارقة والأسيويين والعرب من جنسيات مختلفة... وأوصلوهم إلى الشواطئ الإيطالية... وفي البداية حاولت السلطات الإيطالية إنذارهم وتهديدهم ومحاكمتهم... ولكنهم لم يبالوا حنى تراجعت السلطات الإيطالية عن ملاحقتهم.. وحتى بدأت تسمح بوصول بعض المساعدات الأوروبية لهم لمتابعة مهمتهم الإنسانية التي لا تسأل ولا تبالي لا بديانة ولا بجنسية اللاجئين.. وهم غالبا مسلمون آتون من بلاد إسلامية...
وبنفس الوقت الملوك والأمراء حماة الإســلام.. وغالبا محرضو الإسلام ضد الإسلام... على الشواطئ الأوروبية يصرفون ويهدرون المليارات مع نسائهم وحاشياتهم... متمتعين بالرفاه والأمان.. حتى منع السكان المحليين من العبور تجاه الشواطئ والبحور المحفوظة لهم وحدهم, ناسين ومهملين كليا نكبات وهموم وفقر ومـــآســي شــعــوبــهــم...
قــارنــوا وحــلــلــوا وفــكــروا يا بــشــر..................
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم.. هـــنـــاك و هـــنـــا.. وبكل مكان في العالم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأصدق تحية طيبة مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟