الليلة ينام القمر في عيوني

فينوس فائق

الحوار المتمدن-العدد: 1347 - 2005 / 10 / 14 - 11:18
المحور: الادب والفن
    

يا صديقي
هل تعرف أنني كوردية؟
و هل تعرف أنني ولدت
من رحم الجبل؟
فلو نطق الجبل لتكلم الكوردية
هل تعرف أنني عشقت أول من عشقت
عشقت الصخر
و من بعده وقعت في غرام شجرة البلوط
و همت بقوام الصنوبر في حيينا
و الثلج منح قلبي البياض

هل تعرف أنني شربت
من تلك الأنهر التي
لو غنت لغنت (ئه ي رةقيب) بالكوردية؟
هل تعرف أن جدي بيرةميد
و جدتي حفصةخان النقيب؟
هل تعرف أنني ولدت هناك
منذ أكثر من خمسة آلاف عام؟
مرآتي و سريري و جهاز عرسي هناك
يدي و قدماي مازالوا هناك
بيتي و نعشي و قبري مازال هناك

و هل تعرف أن نبيكم لو جاء في كوردستان
لنزل الوحي باللغة الكوردية؟
و هل تعرف أنني لا أؤمن بجامعتكم العربية ؟
و لا حتى بدساتيركم العربية
وأقولها بالعربية فأنا كوردية

هل تعرف أنني لست عربية
و أكتبها بالعربية
وقعت في غرام دجلة
و الفرات و الأهوار
و تهت في شوارع بغداد
و نام القمر في عيني يوماً هناك؟
و لم أكف عن أن أكون كوردية

وهل يجب أن أذكرك أن الأرض بيضوية ؟
و أن الأرض تدور حول نفسها
مرة واحدة في اليوم ،
و تدور حول الشمس دورة واحدة كل عام ؟

هل مازلت تؤمن بأن الشيطان يخنق القمر؟
فيكون الخسوف مرة و الكسوف مرة أخرى؟
ألا ترى أن القمر ينام في عيوني؟

هل تعرف أن الله خلق الكون قبل أن يبتدع البشر الديانات ؟
و هل تعرف أن الإنسان إبتدع الديمقراطية قبل إكتشاف المداد
و قبل كتابة الرسالات ؟
و حتى قبل أن يتعلم فن كتابة الدساتير؟
هل تعرف أن الإنسان هو النبي الوحيد على الأرض
هل تعرف أن الرسالة الوحيدة التي يتقنها الإنسان و يؤمن بها
هي رسالة غرام ؟

يا صديقي
هل تعرف أن بيتي يتكون من أربعة غرف
و في كل غرفة ينام حاكم بأمر الله ؟
و مامن حاكم يتقن لغة أهل الدار
وهل تعرف أن الشمس باتت تشرق من الغرب
و تغرب داخل غرف بيتي ؟
هل تعرف حين ينام حاكم مسطولاً
يصحوا شعب من الألم و القهر و الحزن؟

يا صديقي
هل تعرف حين تتساقط دموعي
كحبات اللوءلوء
تنبت على وجنتي مدناً من الحزن
و حين تبكي المدينة
تخضر تحت أقدامي الصغيرتين
أعشاب اللاجدوى
و حين أغفوا
ينبت تحت رأسي وطن مدمى

مدني من الورق
أكتب عليها قصائدي المجنونة
و أعمل منها قوارب لا شطآن لها
مدني من الحبر
أكتب بها وثيقة
أقطع الشريان الذي يجري فيه قدري
و أمحوا طريقاً يأخذني إلى مملكة الله
و أقفل باب التأريخ
و أنسى المصير
مدني من الحبر
أرسم حدود خارطة
و ملامح مصير مجهول

مدني بلا مدن
مدني بلا شوارع و لا مآذن
مدني تساقطت من إقليم الروح سهواً
بجرة قلم صارت مدني خراباً
و إحترق حلمي و بات سراباً
إقليم بلا عيون و لا آذان
بداخلها مدن بلا شبابيك و لا أبواب
أرواح غادرتها الطمأنينة

إفتحوا المقابر و
رشوا هةلةبجة بالغاز السام
و إغتالوا كرميان
أعيدوا قتل الموتى
جيئوا بالمؤنفلين
و أنفلوهم من جديد
إذبحوا الشهداء في المدينة
و ألبسوا النساء السواد
و أبكوا الأطفال
و أسرقوا الضحكة و صادروا المصير؟
لن أكون سوى كوردية

كان الله في كتاب الذكرى
قصيدة مرجانية
كتبتها و سافرت بها
بين فضاءات فكري
و نسيتها على مرافيء الدجالين

أوتدري أن الله في فكري
حبة قمح طحنتها بين شعارات
لم تعد لها جدوى

أتدري أن جسدي صار سجادة صلاة
يقفون عليها و يصلون للدم
صار جسدي خارطة .. مزقوها من جديد
صار مدينة و أحرقوها
صار معبداً و دمروه
صار وطناً بلا وطن
صار قمراً ينام في عيوني

مرة أخرى يتحول الحلم
إلى ضباب
على زجاج الغرف المليئة بالسياسة
فيمسحونه
و يفتحون الشباك فيطير الحلم إلى المجهول

أيغضبك أن أحرق العباءة
و أمزق الحجاب
و أركن على الرف الكتاب؟
أيغضبك أن تنام النجوم في حضني
و يسهر القمر في عيوني؟

أيقلقك أن تشرق الشمس بين رموشي؟
أيزعجك أن ينام القمر في عيوني؟

أيريحك أن ألملم شعري
و أستر بريق عيني و أخفي صوتي؟
هل يفاجئك لون الحمرة على شفاهي؟
أيربكك صوتي لو قهقهت أو غنيت؟
أو ناديتك أو لاعبتك؟
أيقشعر بدنك لو لامستك أو داعبتك؟
هل ستهتز الأرض تحت قدمي
لو مشيت بالسروال أو بتنورة فوق ركبتي؟
هل ستذبل الزهور لو كان ذراعي عارياً؟
هل ستحترق الغابات و تسقط السماء
إن مشيت و تمايلت كالنرجس؟
أترعبك البسمة على شفاهي؟
أيقتلك لو دعوت القمر لينام بين جفوني؟

#فينوس_فائق (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات