أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى وفيق - حقدا ... عشقا ..وجنونا














المزيد.....


حقدا ... عشقا ..وجنونا


منى وفيق

الحوار المتمدن-العدد: 1347 - 2005 / 10 / 14 - 11:18
المحور: الادب والفن
    


من الجرح يولد الأدب

« بين الذكرى والنسيان ، الآلام والآمال ، العدمية والوجود . كان الرحيل هو الحقيقة الوحيدة التي باتت تنتصب أمام البصر قبل البصيرة. أحبك. »

إنها كلماتك التي تتا مع صديقك أحمد . فأنت تكره لحظات الوداع ، ثم إنك كنت قد اكتفيت بعد مشاحناتنا الأخيرة و سلمت بأن قراري بعدم السفر معك هو نهائي ولا رجعة فيه !

كلماتك التي أضحت نشيدا نزقا يحمله قلبي ، بل أشواكا من العوسج تدمي ضلوعي كل حين !

يااااااه.. وذيلت تلك الجملة بأحبك؟! كم تبدو عقيمة هاته الكلمة!

أتذكر كلماتك تلك بعد كل هاته السنوات .. لا لأتلذذ بحزني الذي أدري أني سقطت فيه إلى الأبد ، ولا لأقتلع رائحتك من مسامات جلدي فقد تساقط جلدي ولم تسقط أنت . وإنما لأوقن من جديد أني مع كل نبضة كاذبة عشقتك كذبا ، بكيتك كذبا ، لأموت وأحيا كذبا ! أين هو)دانتي( شاعر الكوميديا الإلهية ليدرك أنه كان جد مخطئ إذ ظن أن الحب يحرك الشمس والنجوم !

يومها، جئتني فرحا تلوح بيديك الاثنتين وتهتف قائلا أننا سنمتطي صافنات المجد والثراء.

كنت أنصت إليك وأنت تتحدث عن مستقبلنا هناك في تلك الدولة الاسكندنافية.. النرويج . أتراك كنت تزمع قبلا أن تدفن قيمك وأحاسيسك تحت الجليد!؟

تكلمت مطولا عن صديقك الأمريكي) جورج( الذي عرض عليك العمل معه مقابل راتب مغر.لا أدري لم ؟ولكني كلما سمعت اسما من أسماء)آل سام( أتذكر قولة لديغول عن أن الأمريكان إضافة إلى قوتهم وشجاعتهم هم أيضا أغبياء ! أحسست أن الصفة الأخيرة تنطبق وتليق أكثر بجورج هذا الحاخام العتيق!!

ثرثرت كثيرا وكثيرا ، ومن فرط صدمتي لم أكن أجيبك . كنت أحدق فيك وأسدر في الصمت العميق . أتأمل قوس قزح الذي أصبح بالأبيض والأسود . كيف لي أن أحدثك عن حلمنا بتأسيس رابطة القلم العربي .. بتحقيق ذواتنا في وطننا.وأنت سعيد لأنك ستترأس إدارة شركة المشروبات الغازية بأوسلو.كيف أذكرك بالمعري وامرؤ القيس ومحمود درويش وأنت لا تكف عن إطراء جورج وذكائه وعبقريته في مجال الأعمال الحرة.

ها أنت تعود بعد سنوات من الغياب لتقول أنك ما انفككت تحمل حبي أيقونة على صدرك .. وتقسم أن حبي يسري في جسدك سريان النار في الهشيم !

ماذا ؟ سئمت أن تتكرر فيك أسطورة سيزيف ؟ أن تحمل الصخرة من القيم والمبادئ حتى قمة الجبل وتسقط منك من جديد ؟

أنت من يقول هذا !؟ أنت الذي كنت تحثني على ألا أستحيي من قلبي ولا أخجل من فكري ولا أختبئ من ذاتي! ؟

أين هي روحانيتك الطاغية؟ !إصرارك على عدم الانحناء للإكراهات والإغراءات ؟

أين هو ذاك المجنون الذي لطالما حملته في معطفك ؟ وحسك الثوري المرهف ماذا فعلت به ؟

عفوا ؟ تقول إنك ضقت ذرعا بهذا التشرذم وهذا النوم الطويل الساكن في أجفان الأمة !؟

هل أنت ( سعيد) الذي أحببته بكل جوارحي؟! سعيد الذي عشقت مزاجيته التي يتنفسها مع الهواء والشقاوة الطفولية التي تقفز فجأة إلى ملامحه ، سعيد الذي كنت أتكسر كالموج على شواطئه ؟!لم عدت ؟ لتقول أن أرضنا العربية هي أرض الخسارة والتردد والتراجع الفكري والنرجسية المتجذرة !؟

كلا !! أرفض عباراتك الزائفة هذه ! أنت رفعت نشيدك الفردي ورحلت. أجل …صحيح أني محبطة من أم رأسي حتى أخمص قدمي بعد أن دجِّــــــنا ! لا أنكر أن الحزن يقتاتني يوما بعد الآخر ، ولكن روحي لم تصب أبدا بالصدأ ! كما أني لا أنظر للغد بعيون الأمس !

أتدري ؟ في الوقت الذي كنت تضاجع حسناواتك الشقراوات ، كنت أنا أجاهد لأحتفظ بنقوش الجمال داخلي ! حين كنت تطعم للريح مبادئك وأخلاقياتك..كنت أكتب لأقاوم تفاهة المحيط..أكتب لأحيا داخل كتاباتي وليحيا الآخرون داخلي ! لم أختبئ وراء العبارات الأدبية كما يفعل الآخرون ، بل ظللت أغمس القلم في مداد القلب .

اليوم تعود وأنت تمضغ كلمات إنجليزية … ماذا عن دفء لغة الضاد؟ !اليوم تعود وأنت تضع عطرا أمريكيا؟! كيف لجسد عربي أن يتعطر بدم فلسطيني !؟ كيف ؟ !

تسألني عن نعومتي الآسرة وشقاوتي الرومانسية .أنت تجهل أنه لم يهمني سوى أن أحتفظ بفلسفتي التي ترفض الإقبار !فلتدرك أن صورتك لم تلكز يوما القناعات الهاجعة في روحي . تمنيت لو أني استطعت ألا أسمح لعلاقتك أن توجعني وأن أحسمها كدكتاتور لا يرحم ، بيد أن قلبي ديموقراطي!

رجلي المنفي أنت ، لكن أبدا لست الوطن !

بعت القدس .. بعت الله .. بعت قرونا من الزهو العربي .. بعت أحلامنا لتشتري مركزك المرموق.. أناقتك و وجاهتك ، ثروتك وربطات عنقك الفرنسية.كم أشفق عليك، فكل هذا لا يعدو أن يكون انتصارات وهمية وأهدافا صغيرة جدا لا علاقة لها بكينونتنا ، بوجودنا ، بحقيقتنا الكبرى : القدس !!

تستفزني نظراتك إلى كرسي المتحرك .. إنها رصاصة غادرة اخترقت ظهري وانفلتت من بين ضلوعي . تسألني عن السبب ؟ لأنني صرخت : القدس عربية!! أتصدق أنه وسام على صدري !وأيم الله إن الحياة لتسري في رجليّ وإن كانتا عاجزتين عن الحراك !! اليوم نتبادل الأدوار، فأنا التي سترحل ، لكن لأكمل المشوار الذي بدأته هنا في وطني .سأنضم إلى جمعية الهلال الأحمر بفلسطين بعد أن درست التمريض . أما أنت فستظل هنا !!يا للانتقال المتحول فمن رئيس لشركة مشروبات غازية ، إلى رئيس لشركة لإنتاج الخمور ، أجود أنواع الخمور. . ها !!

حين رحلت , تركت لي كلمات .وأنا اليوم أترك لك كلمات مولودة من وجع الفصحى، من وجع الجرح. تلتقي اليوم عينانا وكأنك لم تكن يوما بأحلامي .. وكأني لم أكن يوما بأحلامك! أنت اليوم غريب عني .. غريب عن وطنك !

أحبك .. لكن تسكنني امرأة ترفضك .. عدتَ لأرحل .. ووجدتك لأضيعك



#منى_وفيق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يموتون تباعا..و كل موت و أنت حي يا ابي!
- طوبوغرافيا الحزن
- لوليد بن طلال..تلك شذرات حلميّة
- قصص قصيرة
- مونيتا
- أسهم للبيع.. من يشتري مني كل هذا الحزن؟!
- سطر في الخواء!


المزيد.....




- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى وفيق - حقدا ... عشقا ..وجنونا