ملخص كتاب التحليل الفاعلي والأدب- نحو نظرية جديدة للأدب

الشيخ محمد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 4884 - 2015 / 8 / 1 - 12:18
المحور: الادب والفن
    

وجدنا من خلال هذه الدراسة صعوبة الكشف عن هوية النص الأدبي في فضاء الثقافة الغربية ، لوجود بدهية لا مفكر فيها (فرضية أن العقل البشري يتكون من بنية واحدة) تمزق وتبعثر الحدود التتامية ، مثل الواقع والمثال ، الذات والموضوع ، الهوية والاختلاف . . الخ ، فتحولها إلى ثنائيات متعارضة متناقضة . عليه ذهبت المدارس الواقعية إلى اختزال النص إلى مركز إحالة خارجي، كان ذلك الأطر الاجتماعية أو البني النفسية . بالمقابل أكدت المدارس الشكلانية على ضرورة استقلال النص وانصب اهتمامها على نظامه اللغوي الداخلي . هكذا نشأ الخلاف بين من يرى ضرورة أن يرتبط النص بالواقع ، ومن يرى ضرورة أن يستقل النص عن الواقع . ترتب على ذلك ضياع نظام النص – هويته – إما باختزاله إلى النظم الخارجية ، أو باختزاله إلى نظام اللغة .
كان من الضروري توسيع البديهية اللامفكر فيها حتى يتسنى لنا الكشف عن نظام النص وهويته الإبداعية ، ويتسنى لنا الكشف عن ارتباط النص بالواقع واستقلاله .
تتطلب توسيع البدهية اللامفكر فيها تأسيس نظرية في طبيعة الإنسان فحواها أن الإنسان طبيعته الفاعلية ، وأن الفاعلية بوصفها القدرة على الإنتاج والإثراء الشامل للحياة قد تنز لت من خاصية تتعلق بمستوى التطور الكبير للكائنات الحية إلى خاصية تتعلق بمستوى التطور الصغير من خلال العنصر البشرى . ساهم في ذلك تطور معمارية الدماغ البشرى التي سمحت بنشوء ثلاث بنيات للعقل : البنية التناسلية والبنية البرجوازية والبنية الخلاقة . تتسم هذه البنيات بالاستقرار والتآزر أو الصراع والتنازع من خلال مواجهتها للواقع ، فتنمو الفاعلية وينشأ التنوع والاختلاف . يشكل نسيج علاقات الفاعلية الذي يتكون من حراك بنيات العقل وما ينجم عنها من تنوع واختلاف ما يعرف بفضاء الفاعلية الواقعي . وهو فضاء تتحقق فيه ظاهرات الفاعلية ، مثل الإبداع ، النهضة ، حركة التاريخ ، الاغتراب ، تطور المعرفة . . . الخ .
أدى توسيع البدهية اللامفكر فيها بإقرار أن الذهن البشرى يتكون من ثلاثة عقول إلى إثبات أن المادي والمثالي يرتبطان بعضهما البعض ويستقلان عن بعضهما البعض وفقاً لشروط ابتناء الفاعلية، بمعنى أن الوعي من ناحية انعكاس لمعطى وهو من ناحية أخرى استباق لممكن وفقاً لنمو الفاعلية. ترتب على ذلك نظرية تتامية في المعرفة ترى أن المعرفة هي ناتج علاقة تركيب العقل بالوجود . أمكن أيضاً انطلاقاً من تماهى بنية العقل مع بنية اللغة إنشاء فضاء تخيلي للفاعلية . شكلت هذه المقدمات أرضية لنظريتنا في الأدب ، التي ارتكزت على :
1 – النص الأدبي بنية فاعلية لغوية ( تخيلية ) ، بمعنى أن النظام اللغوي الداخلى للنص الأدبي هو في نفس الوقت نظام لعلاقات الفاعلية .
2 – نظام النص الأدبي هو ناتج علاقة الاستخدام الفنى للغة وعلاقات الفاعلية .
3 – أدبية النص الأدبي هي الصياغة الفنية لعلاقات الفاعلية على النحو الذي يفجر فاعلية النص ، ويجعل منه فضاء تنوع واختلاف .
4 – النص الأدبي يصدر فاعلية ولا يصدر معنى محدد .
5 – يستقل النص الأدبي عن الواقع بحكم استقلال الفضاء التخيلي عن الفضاء الواقعي ، ويرتبط بالواقع بحكم أن الفضاء ين فضاءان للفاعلية .
6 – تتحقق إبداعية المؤلف من خلال احتيازه بنية عقل خلاق ، وفقاً لآلية نمو الفاعلية .
7 – تنشأ إبداعية القارئ من خلال تفجيره فاعلية النص .
تسمح المرتكزات آنفة الذكر بمنهجية في قراءة النصوص . وجدنا أن هذه المنهجية – في حالة الرواية – تتمثل في البحث في :
أ – فاعلية بنية الحدث ، ويقصد بذلك البحث في تعدد وتنوع تنازر بنيات العقل .
ب – فاعلية بنية الشخصية ، ويقصد بذلك البحث في الانفلات من البنية السائدة والدفاع عن المشروع ونمو الفاعلية.
ج – فاعلية بنية السرد ، ويقصد بذلك البحث في تعدد وتنوع أنماط التبئير .
حين طبقنا هذه المنهجية في مقاربة رواية موسم الهجرة إلى الشمال و عرس الزين تكشفت لنا قوة وثراء فاعلية هذين النصين.
هانحن بدأنا بداية متواضعة ، لكنها تكفى لجعل وعر الدروب جياداً مسرجة تناهز أفق الرجاءات البعيدة والآمال الضائعة ، بداية تؤرخ لكونية جديدة ، بداية تفتح أفق التحولات المعرفية على فضاء الفاعلية ، فضاء التنوع والاختلاف ، فضاء الحب والابداع والعطاء.

#الشيخ_محمد_الشيخ (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات