أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - الأم طوعة العراقية














المزيد.....

الأم طوعة العراقية


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 4879 - 2015 / 7 / 27 - 10:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في كل مجتمع وأحياناً في كل بيت من يتسم بالخير أو الشر , وليس هناك قطعاً شراً أو خيراً مطلق . قبل سنوات قليلة كنت على تواصل مباشر مع الكثير من النساء العراقيات , رأيت فيهن قوس قزح مختلف الألوان , منهن ذات اللون الحاد ومنهن ذات اللون اللطيف , بينهن من يعالج الناس بلا مقابل ثم تُقتل بالشوارع المظلمة , ومنهن من تمد يدها للرشوة لتستلم أتعابها الجنائية وهي القاضية , ورأيت طالبات جامعيات وهن يشترين أسئلة الإمتحانات ويدفعن ثمن اطروحة التخرج , ورأيت أيضاً من جعل مهنة الصيدلة محطة لبيع الأدوية الفاسدة , ورأيت من تفتح دكاناً للتنجيم والشعوذة , لكني رأيت أيضاً من تعول أطفالها اليتامى من خدمة البيوت والمدارس وتسكن بيتاً من الصفيح لا يقيها الحر ولا البرد , وسمعت عجباً عن إمرأة تفجر نفسها بين المصلين أو بين فقراء الباعة والبنائين , ثم رأيت من هن فخرُ لأمتهن , طبيبات يخصصن أياماً لمعالجة الفقراء مجاناً , ورأيت أيضاً قاصات مبدعات لم يوقفهن الصراع اليومي ومجرى الدم عن أن تكتب أجمل أحلامها عن العراق , وقد قالت لي حين سألتها لِمَ لا تغادرين ؟ , قالت : إن بغداد هي أجمل مدينة في العالم ولن تفارقني أبداً .
رأيت نساءً يحملن راية الفكر الأكاديمي الأصيل ولا يتاجرن بما يحملن , ورأيت أيضاً نساءً يعانين من أمراض مختلفة وأحياناً مستعصية , يذهبن للعمل إلى مؤسساتهن ثم يعدن يخدمن في بيوتهن بلا شكوى أو ألم , قالت لي إحداهن هناك من هن أسوأ حالاً مني وأنا أطبخ يومياً طبخاً إضافياً لإحداهن وهي متسولة وتُعين ستة أطفال , إمتهنت التسول حينما رفض إخوتها إيواءها مع أطفالها .
عدت بعدها إلى مهجري وصحوت ذات يوم لأجد في بريدي الألكتروني فيديو لإمرأة تُعد نموذجاً رائعاً للأم العراقية , كانت هذه المرأة من مدينة تكريت ومن منطقة العلم بالتحديد , قامت هذه المرأة المُسنة بإنقاذ وحماية العديد من الشباب الذين نفذوا من الإعدام الجماعي في مجزرة سبايكر من قبل تنظيم داعش , قامت هذه المرأة بإخفاء هؤلاء الشباب في بيتها وتضييفهم ثم ترحيلهم في الوقت المناسب إلى مدينة كركوك بحماية شباب عائلتها من خلال سيارات الحمل التي يمتلكونها . كان معظم الشباب الهارب من سكنة الجنوب أي أنهم من الشيعة , وهذه المرأة هي من السنة , لم تفكر هذه المرأة ولا للحظة بالطائفية وكل ما فكرت به هو أن هؤلاء هم أولادها وأولاد الوطن ولا يحق لأحد أن يسلب شباب هذا الوطن حياته . بعد فترة عاد هؤلاء الشباب إليها بعد أن هدأت الأوضاع لكي يُقَبلوا يديها ورأسها وأسموها ( الأم طوعة ) وهي شخصية تأريخية من مناطق الجنوب يُقال أنها ساعدت على إنقاذ ( مسلم بن عقيل ) , والمهم في الأمر أن نموذج هذه المرأة يضرب المثل الأعلى لقادة البلد الذين يمتلكون اليد العليا ويمتلكون موارده وأرواح أبنائه أو هكذا يظنون , والذين إذا خُيروا ما بين الغنى الفاحش والمُثل العليا إختاروا الأول , والذين إذا ما ماتوا سينساهم التأريخ , ويذكر أحد بسطاء الناس أو بسيطاته , ولا يهم إن كان من أي طائفة أو قومية , ولا إن كان أمياً أو متعلماً , بل الأهم هو أنه كان إنساناً لا يُبدل إنسانيته بشيء ولا لشيء إطلاقاً .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يحتاج العالم العربي مجدداً إلى سفينة نوح
- حكم الجاهلية - إستعباد النساء
- الطفولة العراقية والحرمان
- هل أصبحنا قتلة محترفين
- العراق هو الأسوأ صحياً في منطقة الشرق الأوسط
- أغصان بلا جذور ... قصة واقعية قصيرة
- حرامية بغداد
- حينما يبيع الإرهابيون الفتيات العراقيات لِمَ لا يشتريهن العر ...
- حين إبتلع أطفالنا موسى أبائهم
- لماذا نلعن الناس في العراق .
- سيناريو درامي ... مقاتلون عند الفجر
- لماذا نلطخ وجه الإسلام بالدم
- تضخم الأنا لدى الفرد العراقي .
- مَن سَجَن الطفل البصري في قفص الدجاج
- الطائر المقدس - قصة قصيرة - للكبار فقط
- أنحب أمواتنا أكثر من أحيائنا
- الورود السوداء - قصة قصيرة
- أخاك أخاك أن من لا أخاً له .. كساع إلى الهيجا بغير سلاح
- نحن من يزرع الشوك
- البيت العراقي


المزيد.....




- اُعتبرت إدانته انتصارًا لحركة -MeToo-.. ماذا تعني إعادة محاك ...
- الحرب الأهلية في السودان تدخل عامها الثالث… نزيف أرواح متواص ...
- فيديو متداول لاكتشاف قاذفات أمريكية شبحية في الأجواء الإيران ...
- الإليزيه: استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر وطرد 12 من موظف ...
- إطلالة محمد رمضان وجدل -بدلة الرقص- في مهرجان -كوتشيلا-.. ما ...
- هل كشفت فيديوهات الصينيين التكلفة الفعلية للماركات الفاخرة؟ ...
- مطرب يقسم اليمنيين بأغنيته -غني معانا-.. ما القصة؟
- لقطات حصرية من الفاشر المحاصرة وسكانها يوثقون لبي بي سي صراع ...
- كيف جلب -بيع- جنسية الدومينيكا مليار دولار للدولة؟
- غزة.. موت ينتشر وأرض تضيق


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - الأم طوعة العراقية