|
التحليل الفاعلي ونظرية دارون
الشيخ محمد الشيخ
الحوار المتمدن-العدد: 4874 - 2015 / 7 / 22 - 19:34
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ما هو التحليل الفاعلي؟
من ناحية التنظير التحليل الفاعلي نظرية في طبيعة الإنسان بوصفها فاعلية. يقصد بالفاعلية الإنتاج والإثراء الشامل للحياة، تعني الفاعلية على وجه التحديد الإبداع والإيثار. من الناحية المنهجية التحليل الفاعلي منهج يعنى بفاعلية الأفراد والمجتمعات والنصوص، وذلك بالكشف عن ديناميات نمو وتفاعل بنيات العقل من خلال الاستجابة لتحديات الوجود الاجتماعي والحضاري. يقصد ببنية العقل النسق أو النواة التوليدية للوعي التي تحدد فكرة الإنسان عن نفسه ومنحى استجابته وتفاعله مع العالم. يقصد بالوعي المحتوى المعرفي السلوكي للإنسان.
الطبيعة الإنسانيّة: الإنسان ذو طبيعة تتميميّة: داروينيّة عند تدنّي الفاعليّة طابعها الأنانية والعنف والاستبداد، وإنسانيّة عند ارتقاء الفاعليّة طابعها الحب والإبداع والعطاء الشامل. هذه الرؤية للطبيعة الإنسانية تتجاوز الدارونية التي حصرتها في الأنانية والعنف، ولم تستكنه التتميمية والفاعلية، كما تتجاوز المدارس الاجتماعية التي تلغي الفطرة الدارونية.
تركيب العقل: أدّى تطوّر معماريّة الدماغ البشري إلى أن تتنزّل زيادة الفاعليّة من خاصيّة تتعلّق بتطوّر الشعبة إلى خاصيّة تتعلّق بتطوّر النوع البشري، ومن خاصية تتعلق بتطور الجماعة إلى خاصية تتعلق بتطور الفرد البشري. عليه تخضع الطبيعة الإنسانية لمبدأ الكفاءة التناسلية مثلما تخضع لمبدأ الفاعلية. عندئذ أصبح الإنسان ناتج فاعلية ومنتج فاعلية، الأمر الذي يفسر زيادة معدلات التطور الاجتماعي الثقافي بالقياس للتطور الجيني. كما أدّى تطوّر معماريّة الدماغ إلى أن تتجسّد الفاعليّة من خلال بنيات للعقل تدعم الغرائز والاحتياجات الأساسيّة للبقاء. فأصبح العقل البشري يتركّب من ثلاث بنيات: أ ـ بنية العقل التناسلي (القاعدي) التي تعطي الأهميّة والأولويّة للبقاء عبر التناسل، فيعي الإنسان ذاته كائنا وظيفته التناسل. ب ـ بنية العقل المادّي (البرجوازي) التي تعطي الأولويّة لإنتاج واستحواذ الخيرات الماديّة، ومن ثمّ يعي الإنسان ذاته كائنا ماديّا واقتصاديّا. ج ـ بنية العقل الخلاّق والتي يعي الإنسان من خلالها ذاته كائنا خلاقاً وظيفته الإنتاج والإثراء الشامل للحياة. تسود البنية التناسلية حينما تكون الوسيلة الوحيدة المتاحة بغية التغلب على ارتفاع معدلات الوفيات هي زيادة معدلات المواليد، وحينما تكون القوة العضلية للرجال والنساء هي مصدر الأمن الاجتماعي والغذائي. تسود البنية المادية حينما توفر البنية التناسلية البشر كمياً فينتج تحدي وهاجس جديد هو توفير المأكل والمأوى لملايين الأفواه الفاغرة، وحينما تتضامن البنية المادية والخلاقة في التصدي للتحدي. تعتبر كلاًّ من البنية التناسليّة (القاعديّة) والبنية الماديّة (البرجوازيّة) متدنّية الفاعليّة، لأنّ برامجها للعطاء مغلقة، تحصر الحب والعطاء في إطار الفرد وأسرته وربما عشيرته أو طائفته، بينما البنية المفتوحة مرتقية الفاعليّة هي بنية العقل الخلاّق. كل فرد من أفراد المجتمع يحتاز البنيات الثلاث. لكل بنية عقل مرجعيتها المعرفية والقيمية ومفهومها للذات التي تحفز لأجل تحقيق مشروع البنية. تجدر الإشارة إلىً أن أهم ما يميز بنيات العقل هو حراكها، كان ذلك على صعيد الفرد أم المجتمع. لذا فإن سيادة البنية لا تكون كلية، كما لا تكون مطلقة غير قابلة للتحول.
نظرية دارون تعتمد نظرية دارون المسلمتين الآتيتين: الطفرات الجينية العشوائية والأنتخاب الطبيعي.
يعرف الانتخاب الطبيعي بأنه انتخاب الأقوى، ومعيار القوة هو الأنانية والعنف، وهو انتخاب يتم على مستوى الفرد. تكشف من خلال النظرية البيولوجية الكمومية المعلوماتية (أو الفيزياء المعممة) التي طورتها حيث تم نشرها في بعض المجلات العلمية العالمية المتخصصة، أن المعلومات البيولوجية الكاملة للجينوم تولد مستويين للبقاء: مستوى الكفاءة التناسلية الدارويني ومستوى الحيوية الكاملة . عندئذ، في واقع الأمر، يوجد مستويين للإنتخاب الطبيعي، الإنتخاب الدارويني الكلاسيكي على مستوى الفرد، وانتخاب الحيوية الكاملة على مستوى الجماعة أو النوع. الحيوية أو المعلومات البيولوجية هي معيار التعقيد الوظيفي للكائن الحي، معيار ذكائه وقدرته على التكيف مع البيئة.
من ضمن المبادئ الهامة التي تحكم ظاهرة الحياة، بناء على البيولوجيا الكمومية المعلوماتية، مبدأ الفعل الأعظم ومبدأ حفظ المعلومات البيولوجية الكاملة. مبدأ الفعل الأعظم هو النقطة الفارقة بين الجماد والحياة، بينما تخضع الظاهرات الفيزيائية لمبدأ الفعل الأصغر حيث تتخير المنظومة المسار الأقل استهلاك للطاقة ، يتخير نمو وتطور الكائن الحي المسار الأكثر استهلاك للطاقة ومن ثم الأكثر تعظيم للمعلومات البيولوجية. بناء على مبدأ الفعل الأعظم تطور الكائنات الحية ليس ظاهرة عشوائية بل يخضع لزيادة الحيوية الكاملة. تؤدي زيادة الحيوية الكاملة بناء على مبدأ حفظ المعلومات البيولوجية الكاملة للجينوم إلى نقصان مكون الكفاءة التناسلية الدارويني، يكون ذلك خصماً على الأنانية والعنف ، ويكون في ذلك تعزيزاً للإيثار. إذن زيادة الحيوية الكاملة تنطوي على زيادة ذكاء وإبداعية الكائن الحي كما تؤدي إلى زيدة خصيلة الإيثار. لذا جاء زعمي أن تطور الكائنات الحية يؤدي إلى تعظيم الفاعلية، بمعنى الأبداع والإيثار.
النتائج التي توصلت إليها تتماهى والاكتشافات الحديثة لعالمي البيولوجيا الاجتماعية ديفد ولسون وادوارد ولسون من جامعة هارفارد فيما يخص ظاهرة الإيثار. حيث يؤكدان على وجود مستويين للإنتخاب الطبعي مستوى الفرد ومستوى الجماعة . يتحقق الانتخاب الدارويني الكلاسيكي على مستوى الفرد داخل الجماعة فيكون للفرد الأناني فرص أفضل للبقاء من الإيثاري، أما في حالة وجود مجموعتين إحداهما يكثر فيها الأنانيين والأخرى يكثر فيها الإيثاريين، فإن مجموعة الإيثاريين لها فرص بقاء أفضل من مجموعة الأنانيين. يؤدي هذا التوسع في نظرية دارون إلى فهم أشمل وديناميكي للطبيعة الإنسانية، إذ يزعم التحليل الفاعلي أن الفاعلية تنزلت من خاصية لتطور النوع إلى خاصية لتطور الإنسان الفرد، نتيجة لتطور الدماغ وانبثاق الوعي. عندئذ اصبح الإنسان ناتج فاعلية ومنتج فاعلية، كما اصبحت الطبيعة الإنسانية تتميمية، دارونية عند تدني الفاعلية سمتها الأنانية والعنف وإنسانية عند إرتقاء الفاعلية سمتها لإبداع والإيثار. هذه الرؤية للطبيعة الإنسانية تتجاوز الدارونية التي حصرتها في الأنانية والعنف، ولم تستكنه التتميمية والفاعلية، كما تتجاوز المدارس الاجتماعية التي تلغي الفطرة الدارونية. بذا يكون التحليل الفاعلي قد جسر الهوة بين البيولوجيا والعلوم الإنسانية.
بعض المراجع: 1-http://www.science-dir-ect.com/science/article/pii/S0304380009008680 2- http://bookstore.iuniverse.com/Products/SKU-000693619/Discovery-of-the-LifeOrganizing-Principle.aspx 3-http://www.researchpub.org/journal/asb/asb.html http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=435789 &r=0
#الشيخ_محمد_الشيخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحليل الفاعلي والماركسية
-
مأزق نهضة الشعوب العربية والإسلامية--السودان أنموذجاً
المزيد.....
-
بريطاني يحقق رقما قياسيا عالميا بزيارة 42 متحفا في أقل من 12
...
-
ترامب يجدد تهديده باستعادة قناة بنما: أمريكا ستتحرك -بقوة- .
...
-
وزير خارجية أمريكا يحذر رئيس بنما: تحركوا ضد الصين وإلا -سنت
...
-
ماسك: ترامب وافق على إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية
...
-
الكويت.. سقوط عصابة -الثعلب المصري-
-
وزير الكهرباء السوري يكشف عن خطط لزيادة ساعات الوصل وتحديات
...
-
تايلاند تسهل إجراءات السفر وتقدم مزايا جديدة للسياح
-
باكستان.. مقتل شرطي خلال حملة تطعيم ضد شلل الأطفال
-
تعليق إيراني بشأن -حقائب أموال ترسل إلى لبنان-
-
بسبب مقاطعة خطاب زيلينسكي.. استبعاد حزبين في ألمانيا من مؤتم
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|