الزنديق الأعظم
الحوار المتمدن-العدد: 4874 - 2015 / 7 / 22 - 12:04
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ما هو الجمال؟
أدراك طبيعة الأشياء كما هي عليه، و السماح لها أن تطبع أثرها في الوعي بقوتها دون إسقاط أفكار شخصية عليها، و الاقتراب من إشعاعها للدخول في حيزها الوجودي و التماهي معها دون ذوبان فيها، بهدف تذوقها، مع استيداع جزء ذاتي فيها و استعارة جزء منها ليصبح من مكونات النفس. الجمال هو الوجود و تذوقه.
ما هي البشاعة؟
إصدار أحكام ذاتية داخلية على مواضيع خارجية بما يحرم من إدراك كنهها الحقيقي أو يشوهه.
هل الدين جميل أم بشع؟
يشوه الدين إدراك المتلقي فيفشل في إدراك كنه الأشياء و يستعيض عنها برؤية مزيفة مفارقة للواقع لذلك فهو بشع.
إذا كان الدين بشع فكيف نفسر بعض الأخلاق الجميلة فيه، مثل التضامن و الرحمة؟
يعمل الدين في الإطار الإنساني للمتلقي لذلك لا بد له من مخاطبة الطبيعة البشرية و التعامل معها، و بالتالي لا بد أن تكون مخرجاته إنسانية بالكامل بالمعنى البيولوجي للإنسانية لا بالمعنى الحضاري، و من طبيعة المخرجات البيولوجية أنها ترجمة للسلوك البشري على اتساع طيفه لذلك نجد في الدين قيم جميلة كالتضامن و الرحمة لكن داخل إطار شمولي يحتوي قيم سلبية - كتثبيت دونية الفرد و ترسيخ العبودية للمجهول و القدرة التلقائية على إقصاء المخالف – تفوق في سلبيتها أي قيمة إيجابية، مما يجعل الصورة الشاملة للدين سلبية بالمجمل أي بشعة.
لماذا نستهدف الدين مع أن البشاعة موجودىة في الأنظمة غير الدينية؟
مشكلة الدين أنه يرفض التجديد و التطور، فهو يقدم نفسه على أنه الحقيقة المطلقة التي لا تتبدل. لكن المجتمعات تتبدل، الأمم تتطور، الوقت يفرض معطيات جديدة تحتاج إلى تفاعل معها، لذلك يتعارض الدين بشكل مباشر مع قانون البقاء و قانون الحركة، و ينتج عن هذا الثبات العبثي في وجه المتغير المحق كوارث على المستوى النفسي للفرد و على مستوى المجتمعات التي تتبنى أنظمتها السياسية أشكال دينية من الدساتير و القوانين أو تطغى عليها قيم اجتماعية تتداخل مع منظوماتها الاقتصادية أو السياسية.
أما الأنظمة غير الدينية فعلى الرغم من احتوائها على بشاعات و ارتكابها فظاعات و امتلاء تاريخها بمساوئ تعادل تلك الدينية، إلا أنها تتطور و تتبدل و تصلح من نفسها و تبني حضارات و تستجيب للحاجات الإنسانية و الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية المتغيرة، و هو ما نلمس أثره في قوانين دول الغرب: أوروبا، أمريكا، و التي تحمي المرأة و الطفل و تهتم بالشرائح المهمشة و يتساوى جميع الناس فيها أمام القانون، و تكفل الحريات المدنية، و تقدم المخترعات، و تدعم الأبحاث و تبني الحضارة، و تزرع في الفرد قيم قبول الآخر و الإنتاج الحضاري و المادي، فهي تبني أجيال قادرة على استكمال مسير و تتميم صيرورة الحضارة و تطويرها و تسخيرها لخدمة الفرد.
أليس تجريد الإنسان من الدين، على فرض إمكانية ذلك، خطيرا لأنه يتركه دون وازع أخلاقي؟
نهدف إلى تحرير عقل الإنسان من الوهم و الخرافة و اكتسابه وعي مرتقي إلى مراحل و مستويات عليا. و نعتبر أن الأخلاق الصحيحة هي الطريق لهذا التحرير. لذلك نعيد تعريف الأخلاق بعد أن نقوم بتصفيتها من قيم سلبية لا علاقة لها بالأخلاق أساسا. نحن أخلاقيون بدعوتنا لكن أخلاقنا مختلفة عن أخلاق الدين و إن كان بعضها مشتركا.
أخلاقنا هي المساواة الإنسانية، الاحترام المتبادل، قبول الآخر، الحرية الشخصية، الصدق، النزاهة، الإنتاج، الإبداع، الفكر، الأمانة الفكرية و المادية، احترام القانون، الاعتراف بالخطأ، القدرة على تميز الجمال، القدرة على التعامل مع الحقيقة كما هي، الدقة، الاحتفال بالنجاح، الفرح، التضامن الإنساني، الصداقة، الحب، القوة، الصبر في موضعه، الإخلاص، التعامل الإنساني الراقي الحضاري بين الجنسين في سياقات الحياة، المسؤولية، المحاسبة على التقصير بطرق حضارية، بناء الإنسان السوي، الحوار، التداول السلمي للسلطة، الديموقراطية.
لا تشمل أخلاقنا أي مما يلي: ارتفاع إنسان فوق إنسان بسبب مبدأ ديني أو مذهبي أو عرقي أو جندري أو طبقي أو أيديولوجي أو أي سبب آخر، الإقصائية، كراهية الآخر، التعصب، الاضطهاد، خداع النفس، تفريغ الإنسان من قيمته لأي سبب، تقيم الإنسان كفاعل أو مفعول به جنسي و بناء القوانين بحسب هذه الرؤية التبخيسية غير الإنسانية و بالتالي نرفض الحجاب و النقاب و أشكالهما المختلفة و قوانين تعدد الزوجات و الظلم في الميراث بين الجنسين و القوانين المدنية المقيدة للمرأة و المبخسة لها و الفصل بين الجنسين و مهازل غض البصر و الحياء المصطنع المبنين فوق شهوات مكبوتة، الوحشية و البدائية و بالتالي نرفض الحدود الإسلامية و العقوبات غير الإنسانية الأخرى، الخرافة، تجريم الحب، تجريم الجنس، الوصاية الفكرية، التدخل الفظ و السافر في حياة الناس الخاصة.
ما هي آلية تفعيل المنظومة الجمالية المبنية على الرؤية الإنسانية؟
من خلال إقامة دول علمانية مدنية نستطيع تفعيل هذه المنظومة، بحيث تزرع الأسرة في أطفالها منذ الصغر القيم الجميلة و تدعمها المدرسة و يؤازرها المجتمع و ترتقي الجامعة بالوعي و يخرج الإنسان إلى سوق العمل متدرعا بكل القيم الإنسانية و الأخلاقية الجميلة لكي يبدأ في بناء أسرة مدنية جديدة مع شريكه(ته). لا بد من تشريعات و قوانين تدعم و تكفل و قبلها تنشئ هذه المنظومة.
لماذا لا نستطيع أن نصلح الدين حتى يقدم بدور هذه المنظومة الجمالية؟
لأن جوهر هذه المنظومة يتعارض مع جوهر الدين و لا يمكن أن يلتقيا بأي حال من الأحوال. إن محاولة إصلاح الدين هي جهد ضائع لن يجدي أي نفع و سيعيق التطور الإنساني الحتمي، إنه خداع للنفس لا يمكن أن يقوم به شخص أو مجموعات تتسم برؤية إنسانية صالحة أو نزاهة حقيقية، و ستبقى هذه الجهود في خدمة غرائز بدائية تتمحور حول الرغبة في الخلود و الخوف من الموت و رفض الإعتراف بهول التنوع الوجودي و نسبية قزمية الوجود الإنساني، مع تمسك عنيد بنرجسية شديدة ترى الإنسان كأصل و محور لكل شئ.
#الزنديق_الأعظم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟