أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - نهر سحريّ














المزيد.....

نهر سحريّ


أديب كمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 4872 - 2015 / 7 / 20 - 09:08
المحور: الادب والفن
    


شعر: أديب كمال الدين

1.
كنتُ أسيرُ على شاطئه حَذِراً
كي لا أغرق.
في الحقيقة،
أنا غرقتُ فيه أكثر مِن مَرّة.
فانتَشَلَني حبّي السحريّ لمنظرِ السمك
وهو يلبطُ في ماءِ النهرِ الشفّاف،
كما انتَشَلَتني بقايا مخلوقاتٍ آدميّة.
لابدَّ أنْ أعترفَ:
كانَ هناك بعض المخلوقاتِ الآدميّة
قربَ هذا النهر السحريّ
لكنَّ هذه المخلوقات قد تبخّرتْ
أو انتحرتْ أو احترقتْ
في الحروبِ التي حاصرت النهر،
في الحرائقِ الهائلةِ التي أعقبتْ هذه الحروب،
في أعمالِ السلبِ والنهبِ المُذهلة
التي أعقبت الحرائق
وشاركَ فيها الجميعُ بسعادةٍ لا تُوصَف.
2.
كنتُ أسيرُ على شاطئه حَذِراً
فقد قيلَ إنَّ هذا النهر يفيض.
لكنّني لم أره يفيض أبداً
بل رأيتُ أضواءَ الحاناتِ
تعكسُ مراراتها على مائه الليليّ
ورأيتُ الكثيرَ مِمّن يشربُ الخَمْرةَ الرخيصة
يجلسُ على شاطئه كي يهذي أو يبكي
أو يغفو شبهَ ميّت.
كما رأيتُ الجسر
يتركُ مكانَه فوقَ النهر
أكثر من مرّة
ليضيع.
هذه ليستْ نُكْتة أبداً
فالجسرُ خشبيّاً كان،
وكانَ يشعرُ بالحزنِ وبالملل
وبالرغبةِ العارمةِ في الانتحار
فيتركُ قدميه اللتين أكلهما الماء
ليسبحَ بعيداً بعيداً.
ولأنّه لا يعرفُ الغوص
لذا يُعادُ إلى موضعه بعدَ حينٍ
من الضحكِ الجنونيّ.
3.
ورغمَ هذا الضحك الجنونيّ،
بقيتُ أسيرُ على شاطئه حَذِراً
فقد كانَ النهرُ يمرُّ قربَ المحكمة
وقربَ السجن،
وقربَ بيتِ قائد الجيش،
ومدير الشرطة،
ورئيس نقابة المُشعوذين واللصوصِ والمُهرّجين،
ورئيس جمعية الشعراء الطبّالين والمُتكسّبين،
ورئيس نادي كمال الأجسامِ والأحلامِ والأوهام،
ورئيس نقابة أصحابِ الفنادقِ الرثّة
والسينماتِ التي تفوحُ منها رائحةُ المراحيض
على الجمهورِ الضاحكِ السعيد.
4.
الآن
بعدَ نصف قرنٍ مِن الوهم
لم أزلْ أتذكّر النهر،
النهر الذي وردَ اسمُه في كتبِ الخرائطِ الوهميّة
والاتفاقيّاتِ الوهميّة
وقصصِ الملوكِ القتلى الواحد بعد الآخر.
أتذكّرُ جيّداً
أنّني كنتُ أمرُّ عليه صباحاً ومساء
لكنَّني لا أتذكّر أينَ كنتُ أقف
متأمّلاً هذا المشهد المُضحك حدّ البكاء
والمُبكي حدّ الضحك.
بعضهم يحاولُ عَبَثاً
أنْ يذكّرني بالمكانِ أو بالزمان
لكنَّني لا أستطيعُ بالطبعِ أنْ أثقَ به،
لا أستطيع أنْ أثقَ به على الإطلاق،
ذلك أنّني قد غرقتُ في ذلك النهر،
غرقتُ منذ زمنٍ طويل،
غرقتُ وشبعتُ غرقاً
رغم أنّني كنتُ أسيرُ على شاطئه
بمنتهى الحَذَر،
ومنتهى الانتباه.

*****************
www.adeebk.com



#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهايات
- اتصال هاتفي
- صورة مَن؟
- فجر أعمى
- قلب الطفل ويقين الطائر
- المرأة ذات الشعر الطويل
- حروف مُلوّنة كالشمس
- صُراخ
- أغنية إلى الإنسان
- بعد أن...
- تناص أم تلاص؟
- تسع وصايا لكتابة القصيدة
- تمثال نجميّ
- هوايات ما بعد الحرب
- الغريق الأبديّ
- مرآة حُروفيّة
- تحيّة
- قطرات الدم
- فيسبوك
- ذاكرة سعيدة


المزيد.....




- مصر.. النائب العام يكلف لجنة من الأزهر بفحص عبارات ديوان شعر ...
- عام من حرب إسرائيل على غزة.. المحتوى الرقمي الفلسطيني يكسر ا ...
- بيت المدى ومعهد -غوته- يستذكران الفنان سامي نسيم
- وفاة الممثلة المغربية الشهيرة نعيمة المشرقي عن 81 عاما
- فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..‏إما أن نَنتَصر أو ن ...
- مخرج يعلن مقاضاة مصر للطيران بسبب فيلم سينمائي
- خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و( ...
- -من أمن العقوبة أساء الأدب-.. حمد بن جاسم يتحدث عن مخاطر تجا ...
- إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص ...
- رحال عماني في موسكو


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - نهر سحريّ