|
في(الميدان الثقافي): عادل كلر و أسامة الخوّاض و(حصاد المشَّاء)-الحلقة الأولى
أسامة الخوّاض
(Osama Elkhawad)
الحوار المتمدن-العدد: 4871 - 2015 / 7 / 19 - 13:18
المحور:
الادب والفن
"حصاد المشَّاء"*
عادل كلر يحاور أسامة الخوَّاض في (الميدان الثقافي" –الحلقة الأولى
هو اسم شعري رنّان، توسّدت نصوصه الفهرس الشعري في ثمانينيات القرن الفائت، بحساسية خاصة ارتبطت ب"المشَّاء" كما يكنِّي ذاته الشاعرة: أسامة الخوَّاض، الناقد الشغف بأسئلة المناهج الحديثة، والذي عركت محابره، مقاعد الدرس والشغل التطبيقي، في مهب الإنتاج المعرفي المسيَّج بأسئلة الواقع السوداني، والعربي: علاوة على كونه فاعل أساسي في العمل الثقافي على مستوى المبادرة الجماعية ك(اتحاد الكتَّاب السودانيين) في تأسيسه الأول 1986. وصحبتْ "المشَّاء" بطبيعة الحال، هجرات ودروب لسنوات عديدة صبغتْ "نصوصه" الشعرية والقصصية، بأجواء الحيوات المديدة التي عاشها ب"بلغاريا" و"اليمن" و"ليبيا" و"الولايات المتحدة الأمريكية" التي وفد منها مؤخراً في زيارة أخيرة، كان من بين فيوضها العامرات، هذا الحوار.
الشعر والملتيميديا:
-لنبدأ من شبهة تناص العنونة بين مجموعتك الأخيرة (قبر الخوَّاض) وبين (قبر قاسم) للشاعر البحرين قاسم حدَّاد وقصيدة القبر الفرنسية كما أشرت أنت مرة؟؟
* لا أذكر بأنني قرأت لقاسم حدَّاد هذا النص، لكن بالتأكيد نص قبر الخواض حدث فيه تحوَّل كبير إذ كُتب في حوالي ثلاث سنوات، وأثناء كتابته كنت أقرأ (قبر ابن عربي) لعبدالوهاب المؤدَّب و ترجمات قصيدة القبر الفرنسية منذ "بودلير" إلى "ألن غينسبيرج" وبالتأكيد تأثرت بهذه القصيدة ونظيراتها في اللغات الأخرى.
-بالنظر إلى (قبر الخوَّاض) كمجموعة شعرية وبين نصوصك الملتميدية في شكلها الجديد ماهي حدود مهمة الشاعر؟
* حدث ذلك التزامن في الكتابة بين بعض نصوص (قبر الخوَّاض) وإنتاجي لنصوص ملتميدية، لكن أنا كاتب تقليدي بالمعنى الحرفي لممارسة فعل الكتابة، وقد أنتجت النصوص الملتميدية في تجربتي الماثلة من وحي أحداث 11 سبتمبر، وقد أفدت منها في هذا الجانب، لكن عندما أكتب أكتب بالمعنى الفعلي لكلمة "كتابة"! أما الملتميديا فهي عملية تحويل النص المكتوب إلى نص متعدِّد اللغات، أي هو الشعر يتحول من نص مكتوب إلى نص متعدِّد اللغات، وإجرائياً تقع تجربتي في حيز النشر لا الكتابة! وهو عمل فريق أو مجموعة عمل من المحترفين، وبحسب التجربة الأمريكية التي عايشتها فإنّ مثل هذا العمل يحتاج إلى تمويل مقدّر، وفريق متخصص في ضروب التصوير وفنون الصور المتحركة والغرافيك والصوت والموسيقى ومخرج. ومع ذلك قمت بإنجاز كافة الجوانب بجهدي الفردي، نسبة لقلة الحيلة، لا أكثر! وأتفق معك بأنها ليست مهمة الشاعر إلا لو كانت جزءاً من انشغالاته الإبداعية والفنية كتجربة الشاعر والسينمائي "حافظ محمد خير" حيث "وافق شنّ طبقة" باعتباره شاعراً وسينمائياً (يضحك ويضيف) أما أنا فقد تعلمت الأمر "جربندية" وبطريقة صعبة للغاية، لكن استفدت من تجارب الأمريكيين.
مفهوم الغرفة الإبداعية:
-التجربة الأمريكية في هذا الجانب تعترف بمفهوم الورشة أو المشغل الفني "الغرفة الإبداعية" لإنتاج العمل في نسق متكامل؟
*تأثرت شخصيا بتجربة شاعر أمريكي معاصر لديه تجارب في هذا الجانب، وبدوري ناديت الجميع للتعاون معي لخوض هذه التجربة ، ولكن لم يستجب أحد، ولاحظ ْ أن هذه التجربة قائمة على الجهد الذاتي والتطوُّع، في مواجهة تكلفة مالية متصاعدة مقابل مستوى الجودة والاحترافية، بجانب مبدأ الالتزام الجاد، وهو جانب مفتقد نوعاً ما فينا كسودانيين.
- ما الذي أعاق اتصالك بأسباب التمويل التي توفرها تجربة الصناعة الإبداعية بأمريكا ؟
*هناك الوضع يختلف كثيراً، للحق لم أقدر أو ربما لم أعرف السبيل إلى ما تقصد، لكن أقول بأن الوضع هناك يوجب أن تقدِّم تصوراً متكاملاً للجهات التي يفترض منها أن تقتنع بتصورك هذا وتمنحك التمويل بالتالي، ربما أفكِّر عندما أعود يا عادل في أمر كهذا عندما أرجع، لكن حتى تقتنع جهات كهذه يفترض أن يكون لمقدِّم التصور تجربة في موضوع التصور نفسه، وهي في نفس الوقت كذلك، تجربة جديدة علينا كسودانيين، ومع ذلك سأحاول العمل على هذه التجربة بصور أكبر وأوسع، وقد انتجت حتى الآن لثلاثة شعراء سودانيين (محمد المكي ابراهيم، مصطفى سند، عفيف اسماعيل)، وأعتقد بأن بعد التجربة التي أنجزتها حتى الآن، يمكن للتجربة أن تموَّل من جهة داعمة لمثل هذه التجارب.
- من وحي ما ذكرت، ألا تعكس تجربتك هذه حقيقة فشل المبدعين-والسودانيين عامة- في المهجر في الانفتاح على المجتمعات التي يقيمون بها بكل ثراء المحاولة؟
*نعم، وبصورة عامة نحن نقوم بإعادة إنتاج الوطن في المهجر، بكل أعباء ذلك، وقد عايشت ذلك فعلياً، ليس في أمريكا هنا، فحسب! بل منذ أن كنت في بلغاريا، وقد كتبت قصة قصيرة عن ذلك (للكمثرى وظيفة أخرى) وهي تتناول أوضاع السودانيين المبتعثين إلى الخارج، والسؤال يفتح أفق إشكال قائم فعلياً. بالغرب إمكانيات ضخمة، لكننا لا ندري هناك بالمهجر بصورة عامة، إلى أين نذهب وماذا نفعل، ويمكن ببساطة أن تموِّل أي تجربة مماثلة ذاتها وتتطوّر. وما الذي يجعلني متفائلاً بذلك؟ إن الصورة فلتقلْ السينما مثلاً تعتمد على ال (Audio) والمؤثرات متعددة الوسائط ، وآخر أفلام "انجلينا جولي" مثلاً اعتمد إنتاجه الكلي على (98%) من هذه المؤثرات، والشعر المؤهَّل لتصدُّر تجربة نصوص الملتميديا، هو ذلك الضرب من الشعر الذي يحتوي على أبعاد درامية ك"العودة إلى سنار" لمحمد عبدالحي أو "قطار الغرب" لمحمد المكي إبراهيم، وهو الضرب الذي سيكون أيسر في المعالجة الفنية من ضروب الشعر الأخرى التي تذهب بعيداً في التجريد، وبهذا السياق أرى بأنها تجربة سيُفاجأ بها العالم، ويعيد للشعر بها في كل اللغات، الكثير من البريق الذي خسره.
المشاوير النقدية:
-استهلكت المنافي ومشاوير "المشَّاء" الوجودية، مشروعه النقدي منذ أواخر الثمانينيات؟
*أنا لم أتوقف. أنا عشت في ما يمكن تجاوزاً ب"الجحور العربية" في شعاب ليبيا وأقاصي اليمن، ولم يك هناك بدّ للتواصل ميسور كما هو الآن، وكنت أكتب، وأكتب. وفي أحيان يصادف أن تعطي هذا قصيدة أو ذاك مقال بل حتى أنني انقطعت عما يمكن أن يكون تواصلاً بين الأجيال، عشت حيوات في أرياف صعبة للغاية.. "بيت المدرسين" هو بيت "عزَّابة" في خلاصة الأمر، وعادة ما يكون المكان الوحيد الذي يحظى بالحدّ الأدنى من خدمات الحياة الأساسية، ومع ذلك كنت أكتب وأقرأ، وفي اليمن كنت أتواصل في الإجازات السنوية، مع الأصدقاء "عثمان تراث" وزوجه "أماني عبدالجليل" و"فيصل مصطفى"، مثلاً.
-بعبارة أخرى، أنت واحد من خضم جيل ثمانيني كان مهجَّساً بالمشروع النقدي، إلا أن ذلك المشروع النقدي توقّف في محطة لم تواف حجم الأشواق؟
*سبق وأنْ كتبت مقال طويل عن هذا، فنتيجة لوضع الثقافة عموماً في السودان، والظرف البائس في العالم العربي، بالمقارنة مع العالم، نجد بأن الثقافة العربية في الأصل غير منتجة، ولا يوجد أي منظِّر نقدي عربي، فهم إما مستندين على المناهج العربية القديمة، أو يحاولون إتّباع المناهج الغربية، على خلفية أسباب عديدة جداً، ولذلك فهم لا يستطيعون إنتاج نظرية في الأصل، ناهيك عن إنتاج نظرية نقدية، وجميع الذي كُتب كان محاولة للحاق بالغرب، ولم يستطيعوا ذلك، فترى إلى البنيوية التي أثارت العالم العربي كله وهي تأتي بعد خمسة عشر عاماً من فورانها في قلب العالم الغربي، ولن يكون هناك إنتاج للنقد والنظرية ما لم تتوفّر الشروط التي تجعلها منتجة، وفي تلك اللحظة بالضبط سنكون مبدعين، لأن إبداعنا الحالي جاثم في الشعر لكن في كل المجالات ليس هنالك نظرية عربية.
الذاكرة السودانية:
-وكيف ترى إذن إلى تاريخ المساهمة النقدية السودانية، منذ "معاوية نور"؟
*معاوية نور كان يلاحق الثقافة الغربية، وهو أمر كثير ما يتّبع في سبيل أن نلاحق حتى نستوعب ونهضم ومن ثم ننتج، ولكن للأسف ليس لدينا أولئك المنظِّرين المنتجين، وهو ليس عمل أفراد بقدر ما هو عمل مؤسسات بكاملها، نعم هنالك الآن من يتخصص ويحمل درجة الدكتوراه، لكن في واقع الأمر تخصص حقلي ليس إلّا، وأعني في الناحية المقابلة، ضرورة وجود مساهمات كمساهمة الشاعر والناقد المغربي "محمد بنيس" الذي قدّم أحد أجمل الأشغال النقدية في العالم العربي وهو الأستاذ الجامعي الذي خبر البنيوية التكوينية، وعبر بعدها إلى ديوان الشعر العربي بكامله-لكن للأسف- لم يواصل عمله، لأنه في الأساس ليس منظِّراً، وأعتقد بأنه لو اعتكف لعشرين سنة أخرى، لخرج إلينا بعده ب"نظرية". وأيضاً أعتقد بأن شخصاً ك"إدوارد سعيد" لم يكن ليتوفر على ما قدمه لنا ، لو كان مقيماً بالعالم العربي بيننا، ومع ذلك يصح القول بأنه ليس كل من قصد الغرب بمقدوره أن ينتج لنا "نظرية" ما! هنالك شروط لا بد من توفرها كي ما تنتج من خلالها النظرية وأولها أن يكون لديك الاستعداد الكافي للقيام بذلك، وجميع دراسات "الاستشراق" إنتاج غربي كما نعلم ، ومن الصور المؤسفة في هذا السياق، حقيقة أننا نجد بأن هنالك العديد من الكتب التي قمنا بترجمتها لا تجد حتى الأن الجهة التي تنشرها !؟ وهي من بعد، ومن فرط أسف، حالة ماثلة ومعاشة في العالم العربي بأكمله، ليس هنالك كاتب بمفهوم ال الفعلي، الذي يعتاش على مردود إبداعه، وهكذا فإن نوعية الكاتب الموجود بالعالم العربي والذي لا يستطيع العيش على كتابته، حيث عادة ما يكون يعمل في وظيفة أخرى، ويمارس حرفة الكتابة ك"وردية ثانية"، فكيف يستقيم مطالبة هذا النوع بإنتاج نظرية؟ بل يتوجب علينا على أقل تقدير أن نشكر نوع هذا الكاتب على الجهد والكبد الذي يقوم به في سبيل الكتابة، أما إنتاج النظرية فذلك حديث آخر. _____________________________________________________________________________________________________________ *تمّ هذا الحوار في منزل شقيقتي هبة الخوّاض بحي النزهة في الخرطوم-ونُشرت الحلقة الأولى في عدد جريدة الميدان بتاريخ 18 ديسمبر 2014، ضمن ملف "الميدان الثقافي".
#أسامة_الخوّاض (هاشتاغ)
Osama_Elkhawad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار الهجرة والتجريب مع أسامة الخوَّاض-محمد نجيب محمد علي
-
(لاهوت الوردة) لأسامة الخواض.. آفاق الحكمة المنسية-محمد نجيب
...
-
عشتُ عصر -سلوى- : قمح اعتذار
-
مُقالدة -بوذا-- شعر عامي سوداني
-
-قبر الخوَّاض-*: جماليات النص..حفريات الكتابة-قراءة نقدية بق
...
-
أكلوني الطفابيع
-
كلّ حربْ، و أنتم و نحن جميعاً بخير
-
مقدمة: إضاءات خافتة على المكان في خطاب (عفيف إسماعيل) الشعري
-
تفكيك خطاب النماذج: -معركة الأفكار- حول الشرق الأوسط ما بعد
...
-
الأصوليَّات الدينيَّة في المدينة: تفاكير حول الربيع العربي-ن
...
-
(قبْر الخوَّاض) في أمازون دوت كوم
-
لاهوت الوردة: شعرٌ لا تخطئه العين الحرّة-
-
استعمال للنص أم قراءة خاطئة؟ درس النهاية غير السعيدة للتأويل
...
-
سبحانه الثلج! مراثي (بهْنس) الباسفيكيِّة
-
مفاتيح -البرنس- النقديَّة: عن -قبر الخوَّاض-تائهاً كالأراميّ
...
-
حامل القات للسيِّدة: النصَّان المكتوب و الملتيميدي
-
انتظار على بُعْد تأمُّلٍ واحدٍ-النصَّان المكتوب و الملتيميدي
-
المفاليك
-
استعمال النص -القصيدة الغوثية-الخمرية للجيلاني نموذجا-الحلقة
...
-
استعمال النص -القصيدة الغوثية-الخمرية للجيلاني نموذجا-الحلقة
...
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|