هيثم بن محمد شطورو
الحوار المتمدن-العدد: 4871 - 2015 / 7 / 19 - 01:42
المحور:
الادب والفن
إنها المرة الأولى في حياته التي يقف فيها مباشرة أمام نفسه بدون حواجز اوأوهام. لم تكن المرآة أمامه. كان بمفرده في الشارع، وسط أشياء و أشياء. اللحظة المروعة منحته سؤالا تـفجـيـريا عاليا كان في ظاهره دون مقدمات تـذكـر..
" لماذا أقوم بكل ما أقوم به؟ ماذا أريد أن افعل؟ إلى أين أريد أن أصل؟ لماذا أقول أشياء مبتـذلة عادية توهمني نفسي أني خالقها بينما أنا مجرد نافخ لصورة لنفسي أمام الآخرين؟ لماذا أنا مبعثر أناقض نفسي بين قولي و بين تموجات ذهني الرافضة لكل شيء و هي التي أخافها؟ أية أفعال هي التي أقوم بها و هل ستجعلني أرضى عن نفسي فعلا أم أنا مجرد بالونه أمام الآخرين؟ هل أعي حقيقة ما افعله؟ ما هذا التـشرذم؟.. إني أسير في الشارع بكل هوادة و لكن لماذا؟.. هل يستحق الأين المسير إليه فعلا أم الأمر هو مجرد رغبة في الحركة؟؟"
تابع سيره و السؤال مازال يتضخم و يتضخم. لم تكن الأشياء التي أمامه أشياء بل غابت و تـناثرت إلى لا شيء، فكيف للأشياء أن تكون و هو في لجة إعـدام نفسه؟ في تلك اللحظات لم يكن يرى إلا نفـسه فحتى ظله لم يكن ليلاحظ وجوده.
أوقفه فجأة منبه سيارة. توقف في مكانه مصعـوقا. تصاعد الدم إلى رأسه بسرعة خارقة، و حين رأى السيارة تمر أمامه لاحقها بالسب لاعنا سائقها قائلا:
"كدت تـقـتـلني يا ابن القحبة"..
ثم تـذكر ان وجه السائق جميل و وسيم فتدارك نفسه قائلا:
" لكنها قحبة جميلة على ما يبدو.. عذرا أنت لست ابن قحبة فلا يجوز وصف الجميلات بهذا النعت الذي أحبه و اكرهه في الوقت نفسه، و الذي لم أجد أي مبرر منطقي لجعله مبعـثا للسخرية و السب و الشرف المعكوس"
انـتابه شيء من الهدوء. قال: "الحمد للاه انه لم يصبني"..
تابع سيره. أراد العودة إلى السؤال النووي فأحـس به ثـقـيلا على نفسه بل انه تجمد..
"شيء ما في داخلنا يدفعنا إلى الحياة.. أيزج بنا في لخبطة الأشياء التي من الممكن أن تكون عـديمة المعنى؟ لكن أليس فكرنا هو الذي يخلق معنى للأشياء متى أراد لها أن تكون ذات قيمة؟ لماذا إذن نعتبر بعض المعاني كأنها مطر نازل من السماء؟ هل نريد فعلا ان نهرب من مسؤليتـنا في خلقها أم تواطؤ شبه جماعي على عهر شريف؟"
... كان الشارع أمامه من جديد.. كأنه للتو قد نزل إلى الشارع و كأنه للتو قد بدأ سيره في الشارع..
#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟