أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - - أنا بخير -














المزيد.....


- أنا بخير -


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4870 - 2015 / 7 / 18 - 19:36
المحور: الادب والفن
    


" أنا بخير "
مهارة جديدة اكتسبتها هذه الأيام .. هي مهارة القفز !
القفز .. ليس بمظلةٍ على شاطىء البحر .. أو عبر الحواجز في مُدِنِنَا الفاضلة .. أو بين سطور الكلمات التي تشبه بعضها البعض إلى حدِ الغثيان .. بل هي القفز في تلقي الإجابات !
لم أعد أنتظر الرد على أسئلتي بأجوبة منك قد تحتمل أكثر من معنى .. أو تضطرني للتفكير بأيَّها الجواب الذي يطمئنني عليك أكثر .
ولجزِّ عنق القلق .. أصبحتُ أدُسُ الجواب في قلبِ السؤال .. تحسباً من أن يأتيني ردك مغايراً لما أريد !
ليس لؤماً مني يا رفيق النكبات .. أوانتقاصاً من آلامك وأحزانك .. ولكنه من وجهة نظري _التي أبررها لنفسي عند كل سؤال _ جواب صغير أرتجيه منك .. " أنا بخير" .
طبعاً .. حتى أقطع عليك كل الطرق التي قد تؤدي إلى أن تنبس ببنت شفة ، وتصرخ بملء الوجع .. أنا لست بخير !
أنا على يقينٍ تام أنك الآن ممددٌ على فراش الموت .. أو أنك تقف بعكازين من الصبر والانتظار على أحد أبوابه .. وربما لم يبقَ فيك حيٌّ يذكر سوى هاتين الكلمتين " أنا بخير" .. ترسلهما إليَّ عند كل سؤال .. كي يطمئن قلبي الذي لا يريد أن يسمع سواهما .
ليس انتقاصاً من معاناتك .. أو انتقاضاً لمشوارك النضالي منذ نكبتنا العظمى .. فأنت كنتَ وما زلت الراعي الأول لصروح العذاب والشقاء منذ هجرتنا الأولى .. أنتَ من وقَّع بالأحرف الأولى على أرصفة الشتات .. ومن نَذَرَ روحه فِداءً لتلك الأرض المقدسة ، ونزع أنامل فؤاده ووهبَهم إياها عن طيب خاطر لتمسح عبَرَاتها في لحظات الاختناق .
أنتَ كنتَ أول من رفع راية الموت الزؤام للغاصب .. والحرية التامة لتلك البلاد .. وأنتَ جلّ التاريخ في بلادي .. بل كلّه .. ومع ذلك أتخطى كل الأسئلة والأجوبة .. وأقفز إلى إجابة واحدة أريدها فقط " أنا بخير" .
هذا ليس حفل تأبين لك .. معاذ الله فأنت حيٌ ترزق .. وإن لم يبقَ منك على قيد الحياة إلا هذا السرير الذي يحملك إلى الضفة الأخرى .. ولكنك أيها المحظوظ ما تزال تُحصى مع الأحياء .. ومع ذلك تحاول أن تَضِنَّ عليَّ بالإجابة .. أو ربما تتثاقل من لفظها .
أعلم أن البقية الباقية من روحك قد لا تملأ فنجان قهوتك الذي تحتسيه على شرفات الغربة .. في صباحات أكل الصقيع شمسها .. ومساءات أستأسدت عليها وحوش الليل .. وذكريات لا ينطفىء لهيبها .. تصرُّ على أن تنكأ جراحاً تأتيك مشتعلة من هناك .. من أرضٍ ركضَ عليهاً شبَابِك .. حين كنتَ فتى أغرَّ ، أو طفلاً يحاول العبور إلى الشباب قفزاً .. كما أقفز الآن عن الكثير من محطات وجعك ؟!
من قال بأنه لا يؤلمني وجعك ؟ ولا يبكيني هذا القهر الذي يغلي في داخلك ؟ ومهاجمة الوحدة لك في كل ثانية .. وخِذلان تلك الأرض التي كنتَ متفتحاً لها أكثر من حدائق الياسمين ، وأخضر أكثر من أوراق الزيتون ، وأدفاً بكثير من عيون البنفسج .. ومع ذلك خَذَلَتك ؟!
وها أنت اليوم تفرش كل آلامك على رصيف بارد .. تحمل ما تبقى من روحك في كفٍّ .. وتحمل مفتاح العودة متجمداً في الكفِّ الأخرى .. والكلُّ يمرُّ عنك كمتفرج .
وعروس قلبك لم ترفع القبعة انحناءً لآلامك .. لم تُنَكِس الأعلام حداداً على حزنك .. لم تعد تنظر إلى رصيف الشتات الموقع بأحرف اسمك الأولى .. وإلى أشلاء روحك الممددة عليه ؛ فما ينتشر على أرصفتها أكثر بكثير .
ومع ذلك يا ابن نكبتنا .. سأقفز عن كل آلامك ، وعن حزنك ، وقهرك ، وخذلانك .. وأقدم إليك هذا العيد على طبقٍ هزيل .. مجففاً من البهجة .. خالياً من كل العلامات الأمارة بالفرح .. وأنتظر منك العيدية " أنا بخير " .



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغريب
- لم أعد أنتمي إليك!
- إرحل يا نيسان
- غصة اسمها أنت
- النرجس لا يكذب
- هديتي إلى نيسان
- وتموت الكلمة
- شبعت موتا
- انكسار يتلوه انتصار
- حذاء السندريلا
- عذراً سيدتي ومولاتي
- أساطير المطر
- آخر البوح
- كيف أقرؤك ؟
- كيف أقرؤك؟!
- طاب مساؤك
- الورق
- ورق..ورق
- أريد حريتي
- رسائل من قلب الحصار


المزيد.....




- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...
- رحيل أنتونين ماييه.. الروائية الكندية التي رفعت صوت الأكادية ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - - أنا بخير -