أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - الموت المعقول














المزيد.....

الموت المعقول


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4866 - 2015 / 7 / 14 - 20:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك أشخاص استـثـنائيون يتعـقـلون الموت و لا يهابونها.. "إنهم من بلغوا نقطة ما في الفكر، لا تـناقض فيها بين الموت و الحياة" مثـلما قال مؤسس السريالية "اندريه بريتون".. إنهم الأنبياء و الرسل و لكنهم كذلك ثوريون قي عـصرنا الجديد الذي لا يصبغ عليهم صفة النبوة، و ربما يلمع اسم الثوري الأرجنتيني " ارنستو تـشي قيفارا" في سجل الخلود الإنساني المعاصر و الذي غدا رمزا إنسانيا عالميا حتى ان وجهه الجميل الموحي بالثورة و الحرية و العـظمة الإنسانية يـزين عـدة أماكن في العالم كما يـرتسم على الثياب.
و يحفل التاريخ البشري بآلاف المقاتـلين الذين لم يـهابوا الموت بل كانوا يـهاجمونه و يقـذفون بأنفـسهم نحوه مما خلق سر شجاعـتهم. و لعل أسطورة "الإلياذة و الاوديسيا" الإغريقية تحفظ لنا اسم "فكتور" و "اخيل" كمحاربيـن شرسين يستهزئان بالحياة القصيرة المكـللة في شيخوختها بالمرض و الوهن و المذلة.. و يقول اخيل "ان الآلهة تحـسد البشر لأنهم كائنات فانية" و يشير ذلك إلى سأم الخلود و ضجر الحياة في عـدم فنائها.
و انك لن تجد مغامرا لا تحركه نـزعة مقارعة المجهـول و الموت، و لكنه يحصد المجد و الخلود. فالبحار الاسباني "كريستوف كولمب" غامر لاكـتـشاف طريق جديد إلى الهند فوجد نفسه قد اكـتـشف قارة جديدة كانت فيما بعد عالما جديدا لازال إلى اليوم.. و انك تـقرأ عن المغامرات الأوربية الكبيرة و التي أدت إلى عصر الاستعمار و الصناعة و الرأسمالية و التكنولوجية، حتى انك تـنتابك الدهشة لتوغل الأوربي الأبيض في إفريقيا و الهند و الصين و في كل أرجاء العالم الذي كان يعتبره جحيما، فغـدا هو ممثل الجحيم عند هذه الشعـوب التي لم ترتضي ذل الاستعمار، برغم تمتع أغلبيتها بانتاجات الأوربي شيئا فـشيئا.
و العربي استيقـظ على واقع مواجهة الموت بحيث كان يتخيل نفسه سيدا للعالم و مستكينا على ذاك الحال برضائه بالخضوع لخلافة الترك الإسلامية، حتى دكت مدافع "نابليون بونابرت" سكينته و حولته إلى واقع الفاجعة، و بدأت مواجهة الموت بتحدي الاستعمار إلى اليوم.
لكن هل يمكننا فعلا تعقل الموت أي إيجاد ما يبررها عقلانيا؟ فمن الواضح ان الهدف أو القضية التي تتجاوز الفرد في محدوديته نحو قضية أو هدف كلي متعلق بما هو ابعد يجر الفرد إلى الاحتراق في عملية تحرك الكل. الموت الفردي هنا قد لا يتم الإحساس به. و ابرز مثال هو الجنود. فمن الصعب القول بتعقل للموت و إنما انصهار في الكل و إحساس به أقوى من الإحساس بالفردية.
و الثقافة الإسلامية تبدو عاجزة عن التفكير في الموت لأنها قولبت المسالة في جاهزيات من الخرافة هي الجنة و النار و عذاب القبر و الزبانية . فالتفكير العقلاني في الموت هو الوجه الآخر للتفكير العقلاني في الحياة. و ها قد جعلنا الإرهاب الإسلامي أضحوكة في العالمين، إرهاب يجره من قضيبه خيال مريض هو حقيقة لديه و هي الحوريات في الجنة. فهذه ثيمة إرهابية أساسية إلى جانب غيرها. فهذا الإرهاب مركب، و بقدر ما يثير الاشمئـزاز و التقزز، إلا انه يفتح أبواب الجحيم على هذه المجتمعات التي لازالت تحافظ على تقليديتها. الجحيم المتمثل في إثارة الأسئلة و الحفر في التاريخ و التراث و الثقافة العربية الإسلامية و نبشها و الاعلان الصريح عن موت جاهزياتها الفكرية. فهناك جنازات لامرئية الى جانب المرئية للقتلى من العرب و المسلمين في كل مكان..
و هكذا يمكننا أن نـنتـقل إلى المعقولية حين يكون لنا موت معقول نواجهه بكل بساطة و شجاعة وجودية. من هنا فقط تتأسس المجتمعات المعافاة من الماضي و الموت العبثي غير المحسوب...



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكري حي
- من الفن ينبثق العالم
- إمرأة -المترو-
- فضيحة العرب
- أزمة المثقف
- التفاحة الساقطة
- الاعلام التونسي الناقص
- سوريا في مواجهة الصحراء
- القراصنة
- التنورة المتمردة
- محاولة الاستئناس في تونس بحزب -سيريزا-
- اللوحة الغريبة
- هل القرآن دستور الدم المراق؟
- قصتي مع الفتاة الروسية
- النجاح الأوتوماتيكي لفشل الحكومة التونسية
- من الاستكلاب البشري إلى التأله الإنساني
- ثورة محجبة
- ضرورة الانفتاح الوطني في تونس
- شهادة حية لحرب 1967
- -وينو البترول- في تونس


المزيد.....




- مصدر لـCNN: مدير الموساد يسافر إلى قطر لمواصلة مفاوضات وقف إ ...
- وريثة ديزني توقف التبرعات للديمقراطيين حتى ينسحب بايدن من سب ...
- مرشحون ينافسون بايدن وترامب على رئاسة أميركا.. ما هي فرصهم؟ ...
- كيف سيكون الرد الإسرائيلي على تعديلات حماس؟
- أول قمة تجمع قادة الأنظمة العسكرية في -دول الساحل-
- استهداف ناقلة جند إسرائيلية وسط رفح
- مصر.. موظفة تتهم فتاة أوكرانية بالتعدي عليها بالضرب والسب تح ...
- -سي إن إن-: الساعات القادمة قد تكون حاسمة في حياة بايدن السي ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لهجوم أوكراني في مقاطعة روستوف ...
- الحكومة المصرية: غلق المحال في العاشرة مساء سيستمر وترشيد ال ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - الموت المعقول