فلاح أمين الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 4864 - 2015 / 7 / 12 - 11:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الرابع عشر من تموز عام / 1958 انفجرت الثورة الجسورة والعظيمة في العراق، فشكلت منعطفاً مهماً في تاريخ العراق الحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حينما اقتحمت التاريخ من أوسع أبوابه فهدمت قلعة حلف بغداد الاستعماري العدواني وسنت قانون الإصلاح الزراعي بالرغم من نواقصه، وقانون رقم (80) الذي حدد مناطق استخراج النفط للشركات الأجنبية التي كانت تستثمره، وخروج العراق من نظام العملة الإسترلينية الذي كان يربط الاقتصاد العراقي لمصلحة الاقتصاد الاستعماري البريطاني، وسنت قوانين اجتماعية تقدمية أعطت فيها الحقوق للمرأة العراقية.
وحولت العراق من نظام شبه استعماري وشبه إقطاعي إلى عراق وطني ديمقراطي إلا أن البورجوازية الوطنية بعد أن توطدت سلطتها تجردت لكثير من تلك القوانين التي فرضت عليها في بداية الثورة بتأثير من القوى الوطنية التقدمية وجماهير الشعب مما أدخلت البهجة والسرور والأمل والرجاء إلى أوسع جماهير الشعب العراقي في فجر ذلك اليوم الخالد انتفض السيف الثائر، على صهوة المجد، يحمل صولجان الحرية والخلاص من العبودية والحرمان والأمل بالمستقبل المشرق السعيد، ترفرف فوقها الرايات الحمراء المعجونة بالجراح والجوع والجهل والأمية والمرض.
فاستيقظت جماهير الشعب في ذلك اليوم الخالد، تزغرد أنشودة النصر العظيم من على منارة التاريخ، تحطمت السلاسل، وتهدمت جدران السجون ودياجير الأقبية المظلمة، انطلقت صرخة المعذبين، تمزق غفوة النيام في قبور الأحياء، يزيحون ثقل السنين ويبحثون عن النور، فتستقبلهم الحرية، باسمة الأمل بالمستقبل المشرق السعيد.
حمامة من نار، يلتف ربيع عمرها بالغبار، تائهة في السهول والوديان، يختطفها الأشرار، في ضحى النهار من بين قلوب الرجال، يمزق جسدها الطاهر، وينثر حرير ضفيرتها المخضبة بالدماء في كل مكان، فعلقوا رأسها، على أسنة العوالي فوق جسر الشهداء. شيوخ وصبية ونساء ورجال، تتبارى للموت، فتمتد أيديها للسيوف، غير أنها لم تجد إلا السلاسل وزنزانات السجون وأقبية الموت.
انزلقت الدماء في الطرقات، الوجوه النحاسية تنعق كالغربان، تمتد مخالبها القذرة في برك الدماء، تمزق الأجساد وتهتك الأعراض، صراخ وأنين وبكاء، صمت موحش أطبقت أجفان الضياء المغرورقة بالدموع.
العراق المذبوح وشعبه المستباح، يطيل التحديق من عيونه الزهر، يبحث عن ماضيه، وعن بقايا حسام.
#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟