عبد الرحمن جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 1344 - 2005 / 10 / 11 - 08:02
المحور:
الادب والفن
دائماً حينما أتهيأ لقبول فكرة قدوم يومٍ جديد، وموت يوم آخر من حياتي، يخترقني هذا السؤال، بشفرته الحادة، ما الذي يريده مني؟ أسأل أبحث أكثر، أريد أن أعرف؟ الفضول يكاد يقتلني؟ ماذا سيأتي غداً…
لطالما سحر الإنسان بحلم معرفة المستقبل، الغد، ما سيأتي… هناك أسطورة تحكى عن مخلوقات ذات عين واحدة تدعى "سايكلوب" كانت هذه المخلوقات قد عقدت اتفاقاً مع الآلهة الإغريقية فتعطيها الآلهة معرفة بالمستقبل مقابل أن تعطيها عينها الثانية، فوافقت المخلوقات، وكذبت الآلهة. فحزنت المخلوقات وقررت أن تثور، مما أضطر الآلهة أن تعطيها شيئاً لتخفف من غضبها، فأعطتهم معرفة بمستقبل واحد، حدثٍ واحد... في أي ساعةٍ يموتون...
الغد؟ كم هو غريبٌ هذا التعبير، الإنتظار أن يأتي.. هذا التوتر الخفي الملامح، كم مرة كنت أسهر ليالٍ لأراقب خروج البارحة من غداً، واليوم إلى غداً… لربما كنت خائفاً من هذه اللحظة الفاصلة بين هبوط الفجر واضمحلال الليل… حيث تذهب العتمة بطريقة غريبة وتتمزق، بعدما غلفت كل شيء… قبل ساعات..
وفجأة، تحصل المفاجأة، يصبح غداً الآن، يصبح الغد المخيف، الغامض لحظةً حالية تمر بك ولا تحس بها.. فمن يستطيع إمساك الوقت. أحد أصدقائي وكان يدرس الهندسة، ولشدة الإرهاق المتواصل نام ليوم كامل- أي لأربع وعشرين ساعة- وحينما استيقظ خرجت من فمه الكلمات التالية: "نمنا البارحة واستيقظنا غداً"، وكان كلامه صادقاً إنما بمفهوم غريب قليلاً...
ما الذي سيمضى ليفرح، أو ما الذي سيأتي ليحزن، ما الذي سيأتي ليخترق أبداننا ويحول كل ما لدينا إلى رؤياه الخاصة، إننا حينما نقف على حدود هذا الوقت، ندرك لمَ فعلاً هي حياة البشر... سخيفة، وبلا قيمة، عرضةً لتغير ريح في أي وقت... أي وقت..
#عبد_الرحمن_جاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟