أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل جاسم - اسرى عادوا متهمون مرتين وبدأوا بالرحيل بلا ثمن















المزيد.....

اسرى عادوا متهمون مرتين وبدأوا بالرحيل بلا ثمن


اسماعيل جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4859 - 2015 / 7 / 7 - 17:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بدأت الحرب في 22/9/1980 وزحفت الوحدات بكامل عديدها وعدتها حتى دخلت الاراضي الايرانية من جميع محاورها على جبهة تمتد 1200كم وهي مدن حدودية ثم توغلت الى العمق الايراني فوصلت الى اعماق الاراضي ووصلت على مشارف مدن اخرى عدا قذف الصواريخ البعيدة المدى والطيران بأنواعه .
وحين القت الحرب اوزارها في 8/8 / 1988 "قادسية صدام " منا هلهلَ ورقصَ والاخر انكفأ واغبرَّ وجهه وحزن ، كل الاطراف كان له مسوغاته ومبرراته ، من الذين حزنوا وبانتهاء الحرب ، هو بقاء صدام طاغيا على العراق وفي قرارة انفسنا كيف يمكن العودة بوجود صدام ، هل يستطيع احد يسأله ، ؟ لا يسأل وهم يسألون، لماذا بدأت الحرب وعلام بدأتها ؟ ولا هناك شعب يجرؤ ان ينبس ببنة شفة ، أين حقوقنا بشط العرب ؟ اين هيلة وسيف سعد؟ اين الجزر الثلاث ؟ طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى ؟ اما الذين صفقوا وهلهلوا بوقف الحرب هم من الذين يحملون حبا لصدام ومن الذين سأموا الاندماج الديني القسري وتكرار النمطية والانصياع لجميع قوانين الاسر وحتى الذين حزنوا بالعودة ليسوا مستأنسين بالواقع المرير الذي يعيشونه، اليوم الواحد يعادل عاماَ كاملاً بكل معنى العام وما يحمله يوميا من الم الفراق وفقدان لإنسانية الاسير ومروره بموت بطيء كان الواقع مريرا جدا ومأساويا لا يطاق ولكنهم فضلوا الاسر على الحرية في ظل نظام جائر وتعسفي اذا عادوا اليه ،اضافة الى وقوع الاسرى تحت تأثير اشاعات تثير الريبة والخوف من مجهول وهذا المجهول عشناه سابقا ، اضافة الى الاجواء المشحونة بالطائفية والاقصاء والجوع والعيش في غرف مزدحمة لا تسع لأربعة اشخاص واذا بها يعيش قرابة 22 أسير مع وسائلنا بأسرَّة ثلاثية ، اما اليأس قد دبَّ في نفوس اغلب الاسرى مع تراكم الاعوام وظهور بعض الامراض مع قلة الادوية والعلاجات . اخيراً توقفت الحرب في 8/8/1988 ولكن تبادل الاسرى لم يتم الا بعد عامين اي في 1990 بعد دخول صدام للكويت .
مقارنة بسيطة :-
"لطالما باركتُ القدر الذي وهب لي أن أُعاني هذه التجربة ،لقد كان لهذه السنين الاربع التي قضيتها في السجن فضل كبير عليَّ ...اِنَّ الأنسان ، اثناء الحسرات التي يحسها في السجن ، لعل الاله الذي ارسلني هناك حتى اتعلم جوهر الاشياء فأنقل علمي الى غيري وابلغه الناس" ( دستويفسكي )هذا يعني ان في سجن دستويفسكي مكتبة عامرة فيها من الكتب والمؤلفات الشيء الكثير، اما الاسر في ايران ، في بادئ الامر لا يسمح لنا ان نحمل ورقة ولا قلما ولا كتابا ، استمر الحال قرابة خمسة اعوام ، في حال كتابة رسالة الى ذوينا هناك قلم جاف عند احد المسؤولين العراقيين يسلمك اياه بعد تسجيل اسمك شريطة تسترده بعد كتابة الرسائل لك ولغيرك، اما المكتبة التي تأسست بعد مضيء عدة اعوام وهي عبارة عن حمام صغير تحول الى مكتبة ، تتوفر فيها كتبا عقائدية بحتة بعيدة عن الادب والقصة والرواية والشعر والنقد بل كتبا وكراسات صغيرة ومجلات وصحفا كصحيفة الصدر وجريدة الاستقامة و جيهان بالعربي ومجلة العالم التي كانت تصدر في لندن ، اما الكتب ، شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد ،تفسير الميزان لمحمد حسين الطباطبائي ،جميع مؤلفات محمد باقر الصدر ، مؤلفات مطهري ،كتب عن الحكومة الاسلامية كتب محمد جواد مغنية ،الرسالة العملية للإمام الخميني "تحرير الوسيلة" تدرس يوميا ، وهناك العشرات الكتب التي تصب في العقيدة الاثنا عشرية وهلم جرا ،عدا المحاضرات الاسبوعية وقراءة الادعية ،كدعاء توسل ودعاء كميل ودعاء الافتتاح ودعاء الكساء ،وفي المناسبات الدينية مثل رمضان تكون المحاضرات يوميا بعد الافطار وبعدها دعاء. وفي شهر محرم تقام الدنيا ولم تقعد ، فيها اللطم والقصائد الحسينية وفيها البكاء وفيها الصيام وفيها وضع الطين فوق الرؤوس وفيها لكل غرفة موكب عزاء عدا حضور المبلغين من الحوزة اذن من اي مصدر نحصل على كتب ثقافية امام الكم الهائل من كتب العقائد والصحف الاسلامية والعادات والتقاليد وهي عملية غسل الادمغة ووضعها في خدمة الحركة الاسلامية العراقية ،قسم منا سجل اسمه للخروج من الاسر والذهاب الى فيلق بدر ، فعلا ذهب العديد لمحاربة الجيش العراقي منهم من قتل ومنهم فُقد ومهم سلم ،في هذه الحال لم يكن لدى الاسرى اي اختيار اما ان تبقى بالاسر وتعاني ما تعانيه واما الذهاب خلف مجهول لا تعرف نهايته ،عندما تم تبادل الاسرى لأول مرة نلتقي بممثل الصليب الاحمر الدولي ، كل واحد يتقدم اليه يسأله مسؤول الصليب بجملة واحدة وبلغة عربية غير واضحة " تروح لو ماتروح" الذي يرغب البقاء في ايران يجبه بكلمة نعم والذي لا يرغب يقول له كلا فيقوم بفصل الذين يفضلون البقاء على حده والذين لا يفضلون ايضا يضعهم على جهة اخرى . حينما رجعنا وجدنا العسكرة نفسها ومصادر الثقافة مقيدة بسلاسل الايديولوجية البعثية مع انشغال المواطن بكسب عيشه اليومي ومازال رجال الامن يطرقون الابواب للتحقيق عن الصغيرة والكبيرة . كانت جدران الاسر قد عادت مرة ثانية من الخوف والترقب والحذر والتحقيق .
ان دستويفسكي هتف قائلا قبل خروجه من السجن ، حين اصبح له بين السجناء كثير من الاصدقاء والرفاق الطيبين ، نعم يجب ان نعترف بالحقيقة ، لقد كان هؤلاء الرجال يملكون كنوزاً رائعة .. ولعلهم كانوا بين ابناء شعبنا اعظمهم مواهب واكثرهم طاقات ولكن ملكاتهم الممتازة قد هلكت الى غير رجعة .من المذنب . "لطالما باركت القدر الذي وهب لي ان أعاني هذه التجربة " لقد كان لهذه السنين الاربع التي قضيتها في السجن فضل كبير عليَّ، ان نفسي وايماني وفكري ، ان ذلك كله قد تبدل تبدلا عظيما بفضل هذه التجربة .اما نحن لا نملك من الاصدقاء المثقفين الا النزر وهم ذوي ثقافة هجينة بين الايديولوجية اليسارية والافكار القديمة اي عشنا انقطاعا امده قرابة عشرة اعوام بائسة جدا ، اما باقي الاصدقاء من محافظات اما جنوبية اغلبهم من الاميين ومن بغداد لا يهمهم الشأن الثقافي ومن محافظات اخرى كالنجف وكربلاء فهم اقرب ايضا الى الامية والتطرف الديني والتعصب .
لم نستفد من تجربة الاسر سوى الاندماج مع الجميع والعيش معهم بسلام ومحبة ، تعلم الآخرون اقصاء الآخر وتتبع تأريخ الصحابة والخلفاء ونبش ما فعلوا "حسب روايات واحاديث واقوال مفروضة عليك " حتى كاد الايمان الذي كنا نحمله قد اثير ووضع بقوالب تدعو الى الاقصاء والتهميش وما على المقصى الا ان يسبل يديه ويتوضأ مثل الاخرين وهو فرض وليس اختيارا ،بعد اعلان وقف الحرب عاد الجميع الى واقعهم وايمانهم فقامت الصلاة جماعة لهم على انفراد يعني قد تحرروا من نير عبودية القوة والدكتاتورية والخوف ، فمنا من استقبل الامر بدون حساسية والاخر ظل يصك اسنانه غضباً ، الحسرات والضنك والقهر ينبذ جميع عمليات التعمية المصطنعة والطارئة . صلينا ،وسجدنا ،وابتهلنا وقرأنا جميع الادعية قصيرها وطويلها ، بكينا اما رياء واما تزلفا واما ايمانا صادقا وحتى هذا الصادق ممزوجاً بنفي الآخر وتجريمه وتحميله ما حصل في التأريخ والقاء اللوم عليه كأنه اليوم هو المسؤول وهذا فيه جنبة طائفية ، اذن فلا يوجد ايمان خالص بمعنى يعطي للآخرين حق العيش في الحياة .
حادثة مؤسفة ومؤلمة
في احدى الايام جاءت مجموعة من احدى معسكرات طهران يقدر عددها قرابة بـ 15 خمسة عشر اسيرا اغلبهم من الجيش الشعبي منهم من مدينة الثورة ... حال وصولهم الى معسكرنا اخرجونا لاستقبالهم بالهتافات ضدهم وكأنهم قادة بعثيون تخرج من بيننا اصوات انهم بعثيون ،هم من قتل الشهيد محمد باقر الصدر واخته العلوية بنت الهدى ، فلما دخلوا قاعتنا "كامب " افرغوا لهم غرفة في الطابق الاول اي الارضي واغلقوا عليهم الغرفة ومنعوا الاسرى اللقاء بهم او التحدث معهم ،فلما جنَّ الليل ينادون الى كل واحد منهم كأنهم في مديرية الامن العامة يبدأ المسؤولون العراقيون بالتحقيق ومن ثم تبدأ رحلة التعذيب كان احدهم اسمه "ابو علي " سمحوا للذي يرغب رؤيتهم والتحدث معهم فتحدثت معه بأعتباره ساعدي اولا ولأنه من مدينة الثورة فسألته كيف حالك كان رده بصوت يدل بأنه تعرض الى الضرب المبرح وهو رجل كبير لا يستطيع التنفس الا بطيئا علمت انه في حال ميؤوس منه ، فعلا نهضنا في الصباح الباكر تهامس الاسرى ان " ابو علي الساعدي " قد توفي بسبب التعذيب . ماذا كان تقرير الطبيب المسؤول علينا وهو ايضا اسير عراقي اسمه "دكتور ص " كتب توفي بسبب نوبة قلبية ،هناك حالات مماثلة توفي فيها اسرى بلا ذنب ،مثل صباح من مدينة الثورة بسبب مشاجرة واخر توفي بسبب ضربة قوية وقعت على قلبه وهومن كركوك " ابو وجدي " .
الصليب الاحمر اسم بلا عمل



#اسماعيل_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الى الدكتور حيدر العبادي المحترم اطلقوا يد الاعلام الح ...
- شعب يعاني البطالة ونزف دماء وقادة العراق متخمون بالسرقات
- تمييع النصر مؤامرة اقليمية ودولية
- الحشد الشعبي تجربة رائدة لإعادة اللُحمة الوطنية
- رواية 328 بين الواقع والخيال
- من تزوير الشهادات الى تزوير سندات العقارات والاراضي
- يوم الغضب العراقي / الذكرى الرابعة لتظاهرات 25 شباط في العر ...
- ضجيج - الطائرات الامريكية تنزل اسلحة لداعش -
- 8 شباط العراق ... ذاكرة سوداء
- الاردن مرحلة المواجهة الجديدة
- بغداد بين الخطف والفصائل المسلحة
- العيارات النارية تعود مرة اخرى
- لماذا الفضائية البغدادية ؟
- سيدي حيدر العبادي ... ارجوك أن لا تتوقف
- بغداد وعمدتها الوسيم نعيم عبعوب
- مهدي الغراوي خيوط الحقيقة
- المرجعية تدعو لضغط النفقات لتجاوز الأزمة
- العراق بلد الترليونات المنهوبة
- العراق البلد الوحيد الذي يسرقه اهله ويدمره الارهاب
- الى السيدين ممثلي المرجعية العليا ، الشيخ مهدي الكربلائي وال ...


المزيد.....




- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
- بعد القطيعة.. هل هناك أمل في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق؟ ...
- ضابط أوكراني: نظام كييف تخلص من كبار مسؤولي أمن الدولة عام 2 ...
- رئيسة البرلمان الأوروبي: ما يحدث في ألمانيا اختبار حقيقي لأو ...
- مباشر: قتلى وجرحى في ضربة إسرائيلية على مبنى سكني وسط بيروت ...
- أوكرانيا تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة دفاع جوي حد ...
- غارات إسرائيلية مكثفة على وسط بيروت والضاحية
- أوكرانيا تطالب الغرب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ رو ...
- عشرات الشهداء والجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة من غزة ...
- كيف يواصل الدفاع المدني اللبناني عمله رغم التهديدات والاستهد ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل جاسم - اسرى عادوا متهمون مرتين وبدأوا بالرحيل بلا ثمن