أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس في السير والشهادات واليوميات















المزيد.....

القدس في السير والشهادات واليوميات


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4854 - 2015 / 7 / 2 - 11:32
المحور: الادب والفن
    


لعلّ نظرة على ما أنتجه الكتّاب الفلسطينيون والفنّانون والعاملون في قطاعات الثقافة المختلفة، من كتب ولوحات فنيّة وصور فوتوغرافية وأفلام، خلال السنوات القليلة الماضية، أن يظهر نقلة إلى الأمام في اتجاه التعبير عن المكان، ربما لأنّ المكان أصبح عرضة أكثر من أيّ وقت مضى للطمس ولتغيير معالمه عبر الاستيطان والتهويد، ولأنّ المحتلّين الإسرائيليين يمعنون في اختراع تاريخ مزوّر للمكان يقصي الفلسطينيين من المشهد، ويجعلهم غرباء عنه.
في البداية، حينما استوجبت الظروف المحيطة بالفلسطينيين المقيمين تحت الاحتلال أو المتناثرين في بلدان الشتات، ضرورة انبعاث الهويّة وتعزيزها، وبلورة الشخصية الوطنية الفلسطينية والمحافظة عليها، برزت في أوساط المثقّفين الفلسطينيين والفنانين والمشتغلين في الشأن العام، نزعة إحياء الأغاني الشعبية والرقص الشعبي والدبكة والاهتمام بالأزياء الشعبية وأنواع التطريز المختلفة، وجمع الحكايات الشعبية وتدوينها، وكذلك جمع كل ما له علاقة بالحياة الشعبية الفلسطينية من طقوس وعادات ومن أدوات طعام وأدوات زراعة وما شابه ذلك.
أثناء ذلك وبعده، مال بعض الكتّاب الفلسطينيين في المنفى عبر سيرهم الذاتية، إلى استنطاق الذاكرة وعلاقتها بالمكان، كما فعل جبرا ابراهيم جبرا في "البئر الأولى" راصداً طفولته في بيت لحم والقدس، وفي "شارع الأميرات" الذي رصد فيه تفاصيل حياته في بغداد. وكما فعل إدوارد سعيد في كتابه "خارج المكان" مبيّناً فيه علاقته بالقدس. والأمر نفسه فعله كل من: إحسان عباس الذي كان مقيماً في عمّان، وكتب سيرته "غربة الراعي" التي صوّر فيها حياته في حيفا والقدس ثم في المنفى. أنيس صايغ في كتابه "أنيس صايغ عن أنيس صايغ" وفيه سرد لحياته في طبريّة والقدس قبل النكبة، وفي بيروت والقاهرة وتونس وكمبردج بعد ذلك. إلياس صنبر في كتابه "مُلك الغائبين" الذي صوّر فيه حياة عائلته في حيفا قبل مغادرتها العام 1948 . وربعي المدهون في كتابه "طعم الفراق" الذي ضمّنه بعض وقائع النكبة الفلسطينية وما رافقها من فظائع صهيونية، وما تعرّضت له بعض المدن والقرى الفلسطينية جرّاء ذلك.
وفي الداخل، كتب حسين البرغوثي سيرته "الضوء الأزرق" حيث وزّع نفسه على أمكنة عديدة كان المكان الفلسطيني بؤرتها، وكتب حنّا أبو حنّا عن حياته في الناصرة وفي القدس وغيرهما في سيرته "ظل الغيمة". وكتب نجاتي صدقي "مذكّرات نجاتي صدقي" التي أعدّها وقدّم لها الكاتب حنّا أبو حنّا. كما كتب علي الخليلي عن طفولته في مدينة نابلس في سيرته "بيت النار". وكتب رجا شحادة كتاباً باللغة الانجليزية ""Palestinian Walks تضمّن رحلات في الطبيعة الفلسطينية المحيطة برام الله وغيرها من المناطق الفلسطينية، وفيها وصف للمكان وتثبيت لصورته قبل أن تبتلعه المستوطنات والشوارع الإلتفافية التي تخدم المستوطنين.
إلى جانب كتب السيرة الذاتية، ظهرت كتب على شكل شهادات تستوعب المكان الأوّل وأمكنة أخرى في الشتات، كما فعل فيصل حوراني في خماسيّته "دروب المنفى" وفي كتابه "الحنين/ حكاية العودة". وثمة روايات اعتمد مؤلفوها على ذاكرة الناس واستخراج ما فيها من وقائع وتسجيلها، ومن ثم الاستفادة منها أو من بعضها في عمل روائي، كما فعل ابراهيم نصر الله المقيم في عمّان، في روايته "زمن الخيول البيضاء" دون أن يكتفي بتسجيل ذاكرة الناس، وإنما قام أيضاً بقراءة موادّ تاريخية وسير ويوميات لها علاقة بالفترة التاريخية التي كان معنياً بتغطيتها من تاريخ الشعب الفلسطيني. الأمر نفسه فعله اللبناني إلياس خوري في رواية "باب الشمس"، وأما العراقي علي بدر، فقد نحا منحى آخر مهتدياً بفلسفة هايدن وايت حول أنّ التاريخ هو اختراع يتمّ سرده ليتوافق مع مصالح جماعات محدّدة، وفي ضوء ذلك قرأ كثيراً مما له علاقة بمدينة القدس، ثم كتب روايته "مصابيح أورشليم" في مسعى لدحض الرواية الصهيونية حول المكان.
وقد ظهر منحى آخر في الكتابة له علاقة بالمكان، وذلك بعد العودة التي جرّبها بعض الكتاب الفلسطينيين في الفترة التي أعقبت اتفاق أوسلو 1993، حيث برز ما سمّاه بعض النقّاد آنذاك: "أدب العودة" مشتملاً على نصوص نشرت في إحدى زوايا مجلّة الكرمل بمبادرة من الشاعر محمود درويش، حملت العنوان: "ذاكرة المكان.. مكان الذاكرة". وتجلّت مدن فلسطينية مثل القدس ورام الله وغزّة وأريحا في هذه النصوص، التي تَمّ تطوير بعضها إلى كتب من بينها "رأيت رام الله" لمريد البرغوثي، " أرض الغزالة" لحسن خضر، "منازل القلب" لفاروق وادي، و "ظل آخر للمدينة" لكاتب هذه السطور.
إلى جانب السير الذاتية والشهادات والروايات التي انشغلت بالمكان، ظهر اهتمام بنشر اليوميات التي درج على تدوينها كتّاب فلسطينيون وفنانون وأشخاص عاديون. وفي هذا الإطار نشرت مؤسسة الدراسات المقدسية، سبعة مجلدات من يوميّات المربي المقدسي خليل السكاكيني، الذي دأب على تدوينها في الفترة من 1907 – 1953. كما نشرت مذكّرات الموسيقي المقدسي واصف جوهريّة التي كتبها على شكل يوميات، إنما دون ذكر التواريخ التفصيلية، وذلك في الفترة من 1904- 1948 ، وقد تطرّق فيها إلى الحياة اليومية لأهل القدس في ظلّ العهدين العثماني والانتدابي البريطاني.
وأصدرت المؤسّسة كتاب "عام الجراد" الذي استهلّه سليم تماري بدراسة مطوّلة، واشتمل على يوميات الجندي المقدسي إحسان الترجمان، وهو يخدم في الجيش العثماني إبّان الحرب العالمية الأولى، وبالتحديد في الفترة من 1915 – 1916 . والمؤسّسة، بصدد إصدار يوميات محمد فصيح، وهو جندي عربي من الاسكندرون سبق له أن خدم في الجيش العثماني في القدس إبّان الحرب العالمية الأولى.
وإذا كان بعض هذه اليوميات والمذكّرات يكتفي برصد الحياة اليومية لأصحابها وللناس من حولهم، مع سرد مبسّط لوقائع سياسية واجتماعية واقتصادية حدثت في البلاد، فإن يوميات السكاكيني هي الأكثر امتلاء بالتجربة وبالرصد الدقيق للوقائع الشخصية والعامّة، وبالأفكار الجديدة النابعة من اطّلاع السكاكيني على الثقافة العربية التراثية، وعلى الفكر الغربي التربوي والفلسفي ذي النزعة الإنسانية، ما جعل السكاكيني يتبوأ مكانة بارزة في صفوف التنويريين الفلسطينيين في النصف الأول من القرن العشرين.
ويجدر القول إنّ قليلاً من السير الذاتية الفلسطينية ذات المنحى الأدبي ظهرت في السنوات التي سبقت اتفاق أوسلو. فقد نشر الشاعر معين بسيسو مذكّراته: "دفاتر فلسطينية" موضّحاً فيها تجربته السياسية انطلاقاً من مدينة غزّة التي ولد وترعرع فيها. ونشرت الشاعرة فدوى طوقان سيرتها الذاتية في كتابين هما: "رحلة صعبة.. رحلة جبلية" و "الرحلة الأصعب" تحدّثت فيهما عن حياتها في مدينة نابلس وعن ظروف نشأتها في أسرة محافظة.
وواصل عدد من السياسيين الفلسطينيين قبل اتفاق أوسلو وبعده، نشر مذكّراتهم التي أتوا فيها على ذكر المكان الفلسطيني باعتباره الحاضنة الأساس لنضالهم، من بينهم: محمد عزت دروزة، أكرم زعيتر، بهجت أبو غربية، فائق وراد، عودة الأشهب، طلعت حرب، د. صبحي غوشة، عبد الرحمن عوض الله، نعيم الأشهب، وعبد العزيز العطي.
ولم يتوقّف الأمر عند ذلك، بل تسرّب تأثير الذاكرة وضرورة العودة إليها واستنطاقها، وتبيان علاقتها بالمكان، إلى ألوان أخرى من الإبداع. فمنذ أن أصدر محمود درويش ديوانه "لماذا تركت الحصان وحيداً" وحتى صدور كتابيه "في حضرة الغياب" و "أثر الفراشة" ونحن نرى ملامح من السيرة الشخصية لمحمود ومن علاقته بالمكان الفلسطيني، تتبدّى على نحو أو آخر في نتاجاته الإبداعية هذه.
والأمر نفسه ينطبق على الفن التشكيلي، فحينما ظهرت لوحة الفنان المقدسي سليمان منصور في سبعينيات القرن الماضي، التي أطلق عليها اسم "جمل المحامل"، شاهدنا تجسيداً سوريالياً لحلم الفلسطيني بإنقاذ القدس من خطر التهويد، متمثلاً في شخص عتّال مقدسي يحمل المدينة على ظهره. بعد خمس وثلاثين سنة من ذلك التاريخ، برزت نظرة مختلفة للعلاقة بالمكان في لوحات الفنان جواد ابراهيم، الذي استعان بذاكرته لاستحضار قريته التي عاش فيها طفولته، واستخدم التربة الحمراء الناعمة والجير الأبيض لرسم بيوت القرية وأهلها، كما لو أنّه يقول إنّ قريتي ثابتة في مكانها، وأهلها وبيوتها مجبولون من تربة بلادي ومن عناصر الطبيعة الأخرى فيها.
ونجد في الاهتمام بالصور الفوتوغرافية، فرصة لاستذكار وقائع كاد يطمسها النسيان. وهذا ما فعله وليد الخالدي في كتابه "قبل الشتات: التاريخ المصوّر للشعب الفلسطيني 1876 - 1948" وما فعله إلياس صنبر كذلك، وتفعله الآن مؤسّسة الدراسات المقدسية، في جمع الصور الفوتوغرافية المتوافرة لدى مؤسّسات وأفراد، ومن ثم حفظها وتعميم نسخ منها للاستفادة منها في بحوث ودراسات، ولإحياء الذاكرة عبر هذه الصور، ولتأكيد الحضور الفلسطيني في المكان قبل الغزوة الصهيونية وبعدها.
وضمن هذا الإطار، يبرز الاهتمام بالعمارة الفلسطينية، ودراسة تفاصيلها ومميزّاتها، وهذا ما أنجزه كلّ من: محمود هواري في كتابه "القدس الأيوبية 1187 - 1250"، الدكتور نظمي الجعبة وخلدون بشارة في كتابهما "رام الله.. عمارة وتاريخ". وعمر حمدان في كتابه "العمارة الشعبية في فلسطين".



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدس والنص السردي الغائب
- الفنان عادل الترتير/ البدايات كانت في القدس
- فنان مقدسي اسمه فرنسوا أبو سالم
- القدس والثقافة والتراتب الاجتماعي المقلوب
- القدس وتبدلات شارع صلاح الدين
- ثقافة معزولة في مدينة محاصرة
- تبدلات شارع الزهراء
- العمران وضواحي القدس الآن
- القدس الشرقية تذوي والغربية تزدهر
- مقاهي القدس التي تتناقص باستمرار
- ترييف القدس المعزولة عن ريفها
- شبابيك القدس3 / قالت لنا القدس
- شبابيك القدس2 / قالت لنا القدس
- شبابيك القدس1 / قالت لنا القدس5
- في مديح نساء القدس/ قالت لنا القدس4
- قالت لنا القدس3
- تمهيد ثانٍ/ قالت لنا القدس
- تمهيد أول/ قالت لنا القدس
- رقص/ قصة قصيرة جداً
- فراغ/ قصة قصيرة جداً


المزيد.....




- اتحاد كتاب المغرب يراسل الحكومة لدعم مؤتمره الاستثنائي
- فيلم -حلوة يا أرضي- يمثل الأردن في سباق الأوسكار لأفضل فيلم ...
- عراقجي يجري مباحثات مع الممثل الاوروبي بشؤون الخليج الفارسي ...
- مصر.. قرار من جهات التحقيق بحق الفنان محمد رمضان
- عربي إيراني يحول منزله في الأهواز إلى متحف للتراث الشعبي
- القط والفار 24 ساعة.. تردد قناة توم وجيري TOM and JERRY على ...
- دعوة برلمانية لتقليل التمثيل الدبلوماسي الامريكي في بغداد
- 10 أفلام لا تفوّت.. من الخيال العلمي إلى الدراما
- ليدي غاغا تعلن عن ألبوم -هارلي كوين- المصاحب لفيلم Joker: Fo ...
- الدوحة.. مطافئ مقر الفنانين يقدم -الفن من أجل الفن- و-صرخة غ ...


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس في السير والشهادات واليوميات