التطور السياسي والأجتماعي للكورد

شهتب وهاب رستم

الحوار المتمدن-العدد: 4852 - 2015 / 6 / 30 - 01:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لم يكتب عن أي شعب بقدر ما كتب عن الشعب الكردي بحيث أن شعباً تجاوزت نفوســـه الأربعين مليوناً وهو بدون دولة (1) ، لذا توافـد العديد من المستشرقين لدراسة هـذا الشـعب. فـفي 25 مارس 1915 ميلادية القى البروفيسورالروسي فلاديميير مينورسكي محاضرة عن جغرافية كردستان ومسكن الكرد،جاء في محاضرته - نرى الكرد حاليا ً يعيشون على أرض واســعة عند حدود تركيا وفــارس ومندلـي حيث جبــال آرارات وكــــذلك يعيش الكـرد مع الأرمن كما أشـار الى كردستان قديما ً أي الى الأمبراطوريـة الميدية حيث كانت أوسع وأكبر مسـاحة من كوردستان الحالية ، بســبب هجرة الاقوام من شــبه الجزيرة العربية نحو الشمال تاركين أراضيهم وبنفس الوقت حدثت في همدان ( أكباتان ) (2) عاصـــمة المملكة الميدية التي تركوها للفرس نتيجة هجـــومهم من الجنوب الشرقي لإيران الحالية حيـــث كانوا أقليما ً تابعا ً لمملكة ميديا .
يتـفـق المؤرخون والعلمــاء بمختلف إنتماءاتهم وجنسياتهم على أنتماء الكرد للسلالة الهندو- اوربية . فمينورسكي وأستـنادا ً الى أســس لغوية وتاريـخية يرى أن الكـــورد ينحدرون من أصل آري (3) ، إلا أنهم امتزجوا مع مع عناصر من الأقــوام الأخــرى وإن موجــاتهم قد قدمت من جبال القوقازوهذا ما أكده أيضا ً " نودلكه وســتر "*على أن المــــــــــوجة الآرية الأولى جاءت بالكورد الى المناطق الحالية من أواسط آسيا منذ حوالي 2000 سنة قبل الميلاد . هناك بعض المؤرخين يعمدون الى تـفســيـر الحقائـــق التاريخية بشــكل مشــوه ومغلوطا ً للتوصل الى أحكام لا أساس لها في محاولة لإثبات على أن الكرد من أصل سامي أو تركي ، كما يتخذ آخــرون من القــرابة بين اللغتين الفارسية والكردية حجة لأعتبار الكـرد إيرانيــين (فرس) ، فهم لا يقـرون بوجود مستقل للشعب الكردي فيشوهــون الحقائق التاريخية (4) .
لقد ثبت بصورة علمية أن الكرد ( كلمة الأكراد مثل الاعــــــراب في العربية ) من قبائل زاگروس مثل الغوتي ( گوتی-;---;-- ) واللولو وكاردو وغيرهم من القبائل التي استوطنت منطقة زاغروس منذ القدم . ويسود الأعتقاد أن الكرد من أحفاد الميديين وأن تاريخهم يبدأ منذ أن بدأو بغزو مدينة نينوى في عام 612 قبل الميلاد على يد الملك الميدي ( كياكسار) . وفي القرن السابع قبل الميلاد توسعت المملكة حتى شملت رقعة واسعة تعــــــاظم شأن النبلاء الميديين ونفوذهم وأثروا ثراء عظيما ً حتى أن نابونيد حاكم بابل كان يدعوهم ( ملوكا ً ) . ذكر الباحثون أصول الكرد . من هم ؟ ، من أين جاءوا ؟
رغم عدم دقة المؤرخين والباحثين في اصول الشعب الكردي فإنهم انقسموا ما بين نظريات استشراقية على أختلاف أهدافها ومسبباتها والى نظريات آيدلوجية السلطات المعادية لــوجود الشعب الكردي حيث لا تملك بحوثهم ودراساتهم قيمة علمية الى جانب نظريات كردية تبحث عن تاريخ نشوء شعبهم وأصولهــم القديمة وهي بــدورها منقســمة بين نظريات مبنية علـــى نظريات المستشرقين أو محــــاولات للبحث عن هـذه الأصول بالأعـتـماد على المكـتـشـفات الأثرية العلمية الحديثة التي تعد الشعب الكردي شعبا ً أصيلا ً يرتبط أرتباطا ً عضويا ً بجبال كوردستان والكرد شعب تربطه صلة قرابة بالشعوب الآسيوية القديمة .
يرى البروفيسور ( هادين فان ) أن الكرد يمثلون طلائــــع النــــورديين وهم قوم رعــاة في الأصل أستطاعــــــوا أن يحافظــــوا على أصـــلهم ولغـتهم لأكثر مـن ثـلاثـة آلاف سنة . أما الأنثرولوجي ( هنري ديفيد ) يرى أن الكرد ينتمون الى سلالة واحدة وهي السلالة الألبية من المجموعة الآرية ، والشماليون يكشفون عن تاثيرات أرمنية قوية فــــي حين أن الجنوبيين يكشفون عن تأثيرات سلالات البحر المتوسط .
يرى المؤرخون أن الزمن الجدير بالألتفات اليه في التاريخ الكردي هو زمن التطور التقني المبكـــــــر قبل الميلاد ، حيث أْكـتـشـفت آثــار الحيـاة بشـــكل واضح في كهـوف شايندري ( شاينده ري ) حوالي 30 كيلو متر شمال شرق مدينة عقرة ( ئاكرێ-;---;-- ) و كهف هه زار ميرد (25) كيلو متر جنوب مدينة السليمانية ، وكهف زرزي ( زه رزى ) قــــــرب مدينة السليمانية . وكهف (بيستون) و كهف (تامتا ما) وكهف (كورد كورد) والعــديد من الكهوف التي تقع في أجزاء من كوردستان . لقد دلت الكشوفات الأثرية الى أن أول قـــرية زراعية في العالم وجد في أقليم كوردستان وفي قرية (جـرمـو - چه رمو) قــــــرب مدينة جمجمال ( چمچمال).
يتفق الباحثون أن الكورد قومية اتنوغورافية مكونة من مجموعة من أعراق متشابهة ذات لغات متقاربة تكونت ونمت وتمازجت بشكل واضح بفعل عوامل التاريخ والعيش المشترك ، وقد أختلط معهم أقوام بشـــــرية عـــــديدة مهاجـــرة مثل الكوتيين ( گوتی-;---;-- ) لولوبو (لۆ-;---;--لۆ-;---;--بو) ، ئيــلام ،
كاشيون ، ماد ( الميديون )، الحوريين (هورى) والكالدي (الخالدي) إن جميع هذه الأقوام كانت خواصها العرقية متقاربة وثقافتها مشتركة .
تفيد الدرسات إن كلمة (كورد) كلمة قديمة تطلق على الشعب الكردي السنسكريتية وتعني المرتفعات حيث سمي الذي يسكن المرتفعات بـ ( گورتی-;---;-- ) وهي كلمة تطــــورت من كلمة (گورتى – ( GURT تحولت بمرور الزمن الى (گوتی-;---;-- – GUTI ) بعد أنضمار حرف الراء (R ) بعد حرف ( U ) حسب القاعدة اللغوية لأغلب اللغات كالهندو - أوربية وكذلك بعض اللغــــات الشـــرقية على وجه الخصوص كالكــردية والأرمنية والسومرية . في اللغة السومرية ظهرت كلمات دالة على الشـــــعب الكردي خلال الالف الثالث قبل الميلاد كــوردكا أما الأرمن فقد سمو الكورد مـــار أو مـــارك (8) في حين تلـفـظ
اكزينفون الكورد على شكل كـاردوخي لقد وردت الألفاظ العديدة التي تدل على الشعب الكردي في حـقب تاريخية مختلفة وبين حضارات أمم متباينة مثل كيرتي ، سيرتي ، كورد ، كوردان ، قاردا ، إن جميع تلك الألـفاظ تدل على سكان شــعب له مقوماته في منطقة وجــوده في منابع دجـــــــلة والفـرات وعلـى طول روافدهما ، وإن أقدم وثيقة أسلامية ذكر فيها أســم الكورد بشـــــــكلها الحالي (كرد / أكراد) يرجع الى صدر الأسلام ، حيث ورد ذكر الأسم ( الكلمة ) مرتـين في الرسائل المتبادلة للأمــام علي أبن أبي طالب ( رضي الله عنه ) وعامله في البصرة زياد بن أبيه (9) . وعــن الأخـتــلاف في الكلمات حسب لغـــات الأمم وتـاريخ ظهـــورها فإنها تعني الشجاع أو ساكني الجبال والمرتفعات ولزيادة العلم أن أكثر هذه الكلمات تستعمل حتى اليوم في اللغة الكردية كأســـماء مناطــق أو أســـمـاء أعلام يلاحظها الناس بشكل عادي في الحياة اليومية ، بل أن البعض يستعـملها كأســــماء لأولادهم ( مثل كوردو ، كاردو ، ميديا ، كاردوخ .... الخ )
كتب عن أصل الكرد من قبل الفرس والعرب والترك وكانت جميع هذه الكتابات والبحوث لأغــــراض سياسية وهي محرفة وبعيدة عن الواقع ، على سبيل المثال لا الحصرنسب الباحثون العــــرب الكــــرد الى القومية العربية ، فالمسعودي في كتابه ( مروج الذهب ) يقول أن الجد الأكبر للكورد هوربيعة بن نزار بن معد ويرى آخرون أنه مضر بن نزار وكلا الشـخصين من أمراء العرب من ديار الربيعة وديار بكر معز ( الرقة ) ، وبهذه الدعـــــــوة يرجعون أصل الكرد الى العــــرب كما يذكر العلامة محمود أفندي الآلوسي في تفسيره ( روح المعاني) أنساب الكرد الفطرين بن امريء القيس البطريال بن نعلبة بم مازن بن الأزدين ، ويبين أن العرب أختلطوا بأقوام الجبال فـنســبـوا لغتهم ويورد الباحثـــــــون هذه الأســـماء مثل (كردين ماردين صعصعة بن حرب بن هوازن) كما أن هناك رواية تقول أن الشعب الكردي كان بالاصـل مؤلفا ً من فريقين هما ( ملان وزيلان) الأول أصله والآخــــــر جــاء من البلاد العربية .
وهناك رأي آخر حيث لا يعتبر الكـــرد من البشر بل من الجـن كشف عنهم الغطــاء نــــذكر بعض هذه الأقاويل التي جاء ت بهذا الصدد .
(( روى الكليني في الكافي عن ابى الربيع الشامي قال: سألت ابا عبد الله عليه السلام فقلت : ان عندنا قوما من الاكراد ، وانهم لا يزالون يجيئون بالبيع فنخالطهم ونبايعهم ؟ قال : يا ابا الربيع لا تخالطوهم فان الاكراد حى من أحياء الجن كشف الله تعالى عنهم الغطاء فلا تخالطوهم»
وفي رواية « ولا تنكحوا من الاكراد أحــــــــــدا فإنهم جنس من الجن كشف عنهم الغطاء» « وينبغي أن يتجنب مخالطة السفلة من الناس والأدنين منهم، ولا يعامل إلا من نشأ في خير، ويجتنب معاملة ذوي العاهات والمحارفين. ولا ينبغي أن يخالط أحدا من الأكراد، ويتجنب مبايعتهم ومشاراتهم ومناكحتهم» *. قال ابن إدريس الحلي « ولا ينبغي أن يخالط أحدا من الأكراد ويتجنب مبايعتهم ومشاراتهم ومناكحتهم. قال محمد بن إدريس: وذلك راجع إلى كراهية معاملة من لا بصيرة له، فيما يشتريه، ولا فيما يبيعه، لأن الغالب على هذا الجيل والقبيل، قلة البصيرة، لتركهم مخالطة الناس، وأصحاب البصائر. وقال يحيى بن سعيد الحلي « ويكره مخالطة الاكراد ببيع وشراء ونكاح» ولا نتطرق الى ما جاء في أدبيات الفرس والترك حول أصل الكرد أكثر من أنهم يعتبرون الكرد أما ترك من الجبال أو فرس في هذا البحث

#شهتب_وهاب_رستم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات