بين داعش والصهيونية .. مقاربات أيديولوجية وممارسات وحشية

رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4850 - 2015 / 6 / 27 - 14:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تتشابه ظروف الميلاد وتتطابق الى حد كبير بين ما يعرف بالدولة الإسلامية داعش وبين نشأة ما يعرف بدولة إسرائيل فقد مارست العصابات الصهيونية وحشية مفرطة ومجازر مروعة تجاه عرب فلسطين متعمدة إحداث أكبر درجة من الفوضى والإرهاب لدفعهم الى الفرار من بيوتهم وحقولهم للإستيلاء عليها، هذا ما حدث بالفعل من عصابات الهاجاناه والأرجون وشتيرن فى دير ياسين والطنطورة وكفر قاسم وغيرها مستخدمين أقسى أساليب الوحشية والدموية لإدخال الرعب فى قلوب الآخرين ودفعهم الى الفرار خوفا على حياتهم وحياة أسرهم، هذه العصابات المتوحشة إستخدمت الكتاب المقدس ستارا شرعيا لتلك الأعمال منه "على سبيل المثال" ذلك النص الموجود في سفر التثنية في العهد القديم يقول: «حين تقترب من مدينة لكي تحاربها، استدعها للصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون للتسخير، ويستعبد لك، وإن لم تسالمك، بل عملت معك حرباً فحاصرها، وإذا دفعها الرب إليك إلى يدك، فأضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك، أعطاك الرب اليك، هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جداً، التي ليست من مدن هؤلاء الأمم»، نفس درجة البشاعة صنعته داعش فى المدن التى دخلتها من قتل وتحريق وسبى للنساء وبيعهن فى أسواق النخاسة وإعتبار كل شيئ غنيمة لهم ولا يهم إن كانوا مسلمين أو مسيحيين أو أزيريين أو أكراد، وأوجه التشابه غير محدودة بين الشكلين من بينها:
1- الجذور المؤسسة لكلا التنظيمين "إن جاز المقال" تأتى من خلفية أصولية دينية إماّ إسلامية بالنسبة لداعش التى تعتمد أساسا على فقه إبن تيمية وتلاميذه وعلى أفكار تكفيرية معاصرة للمودودى وقطب والمقدسى والحكايمة وعبد السلام فرج والظواهرى وسيد امام الشريف وغيرهم وتعتمد أساسا على تكفير الحكام والمجتمعات ووجوب الخروج عليهم والجهاد ضدهم وإعادة دولة الخلافة، وبالنسبة للصهيونية فإن أصولها ترجع أساسا الى كتبهم المقدسة من الالواح والعهد القديم والتلمود "بالرغم من أن معظم قادتهم يدعون العلمانية" ويعلنون أن الدولة اليهودية والتوسع ومحاربة وإستباحة الأغيار وتحويل المجتمع اليهودى فى فلسطين الى قاعدة عسكرية متقدمة للإمبريالية.
2- المرجعية الفكرية لكلا التنظيمين تعتمدان على التميز وإعتبار أنهم جنس متفوق على الجميع فاليهود شعب الله المختار والمسلمين خير أمة أخرجت للناس.
3- المشروعان يعتمدان على سياسة الأرض المحروقة وطرد السكان من أرضهم وبيوتهم من فلسطينيين أو مسيحيين أو إزيديين وغيرهم لإقامة دولتهم.
4- الإعتماد على أقصى حدود الوحشية والإرهاب والفتل الجماعى والإبادة (الهاجانا والأرجون وشتيرن وجوش أنوميم وغيرها بفلسطين وداعش والنصرة وبيت المقدس وأنصار الشريعة وغيرها على الجانب الآخر).
5- إعتماد الطرفين على قيادات عسكرية متمرسة ويتمظهر ذلك فى إعتماد الصهاينة على الفيلق اليهودى "الذى حارب مع الحلفاء فى الحربين العالميتين" كنواة لجيش الدفاع وإعتماد داعش على قيادات عسكرية مدربة فى أفغانستان والشيشان والبوسنة وبعض كوادر الجيش العراقى المنحل.
6- الهدف الرئيسى للطرفين هو إقامة دولة دينية يهودية فى فلسطين ودولة خلافة إسلامية لداعش.
7- إستخدامهم أساليب إرهابية فكرية كتهمة معاداة السامية لدى اليهود وتهمة التكفير لدى داعش.
8- الإعتماد على المدد البشرى من الخارج كالدعوة لهجرة اليهود الى إسرائيل والدعوات للهجرة الى دولة الخلافة وخصوصا من الأوروبيين.
9- الإعتماد بشكل موسع على فكرة المظلومية فاليهود يعيشون على ذكرى الهولوكوست وإضهاد النازى لهم وداعش تبنى رسالتها على إضهاد الشيعة للسنة والغزو الأمريكى وتمدد إيران بالمنطقة.
تعتمد داعش على التناقضات بين السنة والشيعة خاصة فى المناطق والدول التى بها نسبة كبيرة من الشيعة من سكانها كما فى العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن وتدعى حمايتها للسنة من التغلغل والهيمنة الشيعية وكذلك تعتمد إسرائيل أساسا على اليهود الموجودين بمعظم دول العالم ونفوذهم المالى والإعلامى، كما لا يستند الطرفين الى قوتهم الذاتية فقط ولكن على ضعف الآخرين وتفككهم وصراعاتهم الداخلية.
من المفارقة أن الخريطة السوداء التى نشرتها داعش لدولتها تظهر على شكل هلال يمتد من العراق مرورا بالأردن وسوريا وفلسطين إمتدادا لمصر بينما تلك الخريطة المرسومة على الكنيست الإسرائيلى تشبه الى حد كبير خريطة داعش، وكما تمثل إسرائيل خنجرا مسموما فى ظهر شعوب ودول المنطقة فإن داعش اليوم تمثل سيفا منصوبا على رقاب تلك الشعوب، كلاهما بدأ كخلية سرطانية لم تدرك شعوب المنطقة فى البداية مدى خطورتها ولكن تلك الخلية تكاثرت بمعادلات هندسية حتى أفاق العرب ذات صباح على جسامة خطورتها وأنه ليس بإمكان دولة واحدة تحقيق إنتصار حاسم عليها ولا سبيل الاّ بوحدة شعوب وجيوش المنطقة لمواجهتها .. دعونا ننتظر.

#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات